“واقع” في التحذير السعودي … و”أهلا بطلًة” وزير الوقاحة

لبنان الكبير

اعتاد اللبنانيون على فكرة التعايش مع الازمات، ليس من بوابة الشجاعة او القوة والقدرات المميزة بالتعامل مع أي أزمة، بل هي تسليم نوعا ما بقدر قاس بعدما فقدوا أملهم بالتغيير وخسروا ثقتهم بالدولة التي تتحكم بها قوى سياسية لا تهتم بالمصلحة الوطنية بل بمصالحها الخاصة بغطاء طائفي او سياسي متطرف.

وعلى الرغم من الازمة السياسية التي عقدت الحلول، خصوصا في السنوات الست الأخيرة، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية والنقدية وسقوط الليرة، وعلى الرغم من الفراغ في المواقع الرئيسية واقفال الادارات وسقوط معالم الدولة، وعلى الرغم من الانفجار الاجتماعي الذي ولّد ظواهر التحرش والاغتصاب، وعلى الرغم من الاحداث الأمنية المتنقلة واخرها اشتباكات عين الحلوة التي سقط فيها ١٣ قتيلاً… لا يزال هناك من يريد أن يقنع اللبنانيين أن لبنان بخير و”أهلا بهالطلة”. اهلا بمن يريد أن يدفع امواله للمرافق السياحية الخاصة وللتجار والفنادق، أهلا بمن يريد صرف المال في لبنان. اطلب السهر والترفيه لكن لا تطلب دولة.

يتقبل اللبناني فكرة التعايش لكن المجتمع الدولي لا يتقبلها، فأحداث عين الحلوة وامتداد الاشتباكات من دون امكانية ضبطها، فضلا عن تدخل دول في هذا الصراع كان مؤشرا يعطي للمملكة الحق بأن تحذر رعاياها بأن امنهم في خطر.

هناك جهل دفع البعض للسخرية والادعاء ان لا سعوديين في لبنان، فيما الحقيقة ان هناك اكثر من ١٢٠٠ سعودي في لبنان، اما من المقيمين الذين اتخذوا من لبنان بيتا ثانيا لهم او من حاملي جنسية سعودية الى جانب جنسيات اخرى، او من عاملين في المطار او ديبلوماسيين. فضلا عن وجود نحو ٤٠٠ شخص على الاقل من السعوديين في منطقة صيدا من امهات فلسطينيات. ويضاف إليهم بعض السعوديين الذين حصلوا على استثناءات لدخول لبنان لاسباب صحية ترتبط بمتابعة علاج خضعوا إليه في لبنان.

الادارة السعودية ليست كالقوى اللبنانية، فاذا كان لديها مواطن واحد في اي بقعة جغرافية ستتابع وضعه الصحي والامني ومن واجبها ان تحذر.

في المقابل، كيف يكون لبنان بخير وقواه السياسية ترفض البدء برحلة التعافي قبل ان تحصل على ثمن يملأ جيوبها الخاصة، او يعطيها مكاسب خاصة على مصلحة البلد؟

كان طبيعيا أن تتبع دول خليجية أخرى المسار السعودي، فأصدرت الكويت والبحرين بيانات حذرت رعاياها من الاقتراب من مناطق النزاع.

وما زاد الطين بلة هو وجود وزراء لا يستحقون مناصبهم، ومنهم صاحب العضلات الدماغية، فنان التصوير الفوتوشوبي وزير الاقتصاد امين سلام، الذي تسبب بأزمة بين لبنان ودولة الكويت الشقيقة، بسبب تصريح “شخطة قلم”، مما يدل على “شخطة” دماغ تجعل صاحبها يصاب بأوهام دولة الرئيس، الذي لربما ظن أنه يتحدث مع ولي نعمته رئيس التيار البرتقالي الذي ضيع أكثر من ٤٠ مليار دولار في وزارة الطاقة بـ “شخطة قلم”.

ولم يتأخر رد الدبلوماسية الكويتية فقد أعرب وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم الصباح عن استنكار واستغراب الكويت الشديدين لتصريح وزير الاقتصاد اللبناني، واصفا إياه بأنه “يتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ويعكس فهماً قاصراً لطبيعة اتخاذ القرارات في دولة الكويت، والمبنية على الأسس الدستورية والمؤسساتية بما في ذلك المنح والقروض الإنسانية التي تقدمها حكومة دولة الكويت للدول الشقيقة والصديقة”. وأوضح أن الكويت “تمتلك سجلاً تاريخياً زاخراً بمساندة الشعوب والدول الشقيقة والصديقة، إلّا أن دولة الكويت ترفض رفضاً قاطعاً أي تدخل في قراراتها وشؤونها الداخلية”. وحث على سحب هذا التصريح، “حرصاً على العلاقات الثنائية الطيبة القائمة بين البلدين الشقيقين”.

ولم تتوان القوى اللبنانية عن ادانة تصريحات سلام حيث أجمعت مختلف القوى والأطياف على عمق العلاقة بين لبنان والكويت، مطالبة سلام بالاعتذار. وصدر بيان عن مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكد فيه أن “دولة الكويت الشقيقة لم تتوان، ضمن الاصول، عن مد يد العون لإخوانها في لبنان على مر العقود”. وتابع البيان: “ميقاتي يؤكد احترام لبنان مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كافة، فكيف اذا تعلق الأمر بدولة الكويت الشقيقة التي تخضع آلية اتخاذ القرار فيها لضوابط دستورية وقانونية ومؤسساتية تعكس حضارة سياسية عميقة ومتجذرة في المجتمع الكويتي. فاقتضى التوضيح”.

أمنيا تابع الرئيس ميقاتي مع وزيري الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب والداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، التطورات المتصلة بالبيانات التحذيرية الصادرة عن سفارات، وبنتيجة البحث مع القيادات العسكرية والامنية، افادت المعطيات المتوافرة ان الوضع الامني بالاجمال لا يستدعي القلق والهلع، وان الاتصالات السياسية والامنية لمعالجة احداث مخيم عين الحلوة قطعت اشواطا متقدمة، والامور قيد المتابعة الحثيثة لضمان الاستقرار العام ومنع تعكير الامن او استهداف المواطنين والمقيمين والسياح العرب والاجانب.

وكلف ميقاتي بو حبيب التواصل مع “الاشقاء العرب لطمأنتهم الى سلامة مواطنيهم في لبنان”، كما طلب من مولوي دعوة مجلس الأمن المركزي للانعقاد للبحث في التحديات التي قد يواجهها لبنان في هذه الظروف الإقليمية المتشنجة، واتخاذ القرارات المناسبة لحفظ الامن في كل المناطق.

شارك المقال