لبنان عالـ”كوع”… شاحنة “حزب الله” توقع قتيلين

لبنان الكبير

ما كان ينقص لبنان إلا كوع جديد يؤزم الأوضاع فيه أكثر مما هي عليه، وقد اتجهت الأنظار أمس إلى كوع الكحالة، الذي كاد أن يكون سبباً لشرارة الفتنة.

عشرات إن لم يكن مئات الشاحنات المحملة بالسلاح والعتاد والعديد تابعة لـ”حزب الله”، تمر دورياً على طريق الكحالة، إما قادمة من سوريا أو متجهة إليه، ولكن شاء القدر أن تتعرض إحداها أمس لحادث سير على كوع الكحالة، وعندما هبّ أهالي المنطقة لنجدة السائق والمساعدة، اكتشفوا أنها ليست شاحنة عادية، بل محملة بصناديق خشبية مشبوهة، وما كادوا يبحثون في الأمر حتى وصل عدة سيارات رباعية الدفع مدججة بالمسلحين وفرضت طوقاً أمنياً حول الشاحنة، الأمر الذي استفز الأهالي، وبدأ خلاف بينهم وبين المسلحين، لتتطور الأمور الى إطلاق نار، أسفر عن سقوط قتيلين واحد من أبناء الكحالة وآخر من “حزب الله”.

وعلى الفور، نفذ الجيش انتشاراً في منطقة الحادث وعمل على ضبط الشاحنة وحمولتها، وسط استياء شعبي عارم من أهالي الكحالة واقفال الطريق، رافضين مرور شاحنات سلاح الحزب من منطقتهم.

وبدأت البيانات المتبادلة بين القوى الحزبية، كل فريق يتهم الآخر بإشعال الاشتباك، ولكن بغض النظر عن لحظة حدوثه وكيف بدأ، المؤكد أن هناك ميليشيا خارجة عن سلطة الدولة، تشحن سلاحها عبر الأراضي اللبنانية، وهنا بيت القصيد. ثم تجد من يستغرب تحذيرات السفارة السعودية، كأن لبنان يعيش في وضع سوي، لا ميليشيات مسلحة ولا تفلت سلاح، من مخيم عين الحلوة، إلى وادي الزينة، وعين ابل، والرويسات وصولاً إلى عكار وأخيراً الكحالة، من دون احتساب مناطق نفوذ في الضاحية مثل الليلكي، أو في بعلبك كحي الشراونة وغيرها الكثير والكثير.

العلاقات الاعلامية في “حزب الله” أصدرت بياناً، تبنت فيه رسمياً الشاحنة وأعلنت عن سقوط قتيل في صفوف الحزب. ‎وأشارت الى أنه بعد تعرض الشاحنة للحادث، “تجمع عدد من المسلحين من ‏الميليشيات الموجودة في المنطقة، وقاموا بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة ‏للسيطرة عليها، وبدؤوا برمي الحجارة أولاً ثم باطلاق النار”.

ورد أهالي الكحالة على بيان الحزب بالقول: “أنتم الميليشيا وليس نحن”. وكانوا أصدروا بياناً في وقت سابق جاء فيه: “مسلحون أطلقوا النار على أهالي الكحالة ما أدى إلى مقتل شاب، واتخذنا قراراً بإبقاء قطع الطريق في الاتجاهين”. وسجلت اشكالات بين الجيش والأهالي اعتراضاً على رفع الشاحنة، ورغبة الأهالي في ابقاء الطريق مقفلة.

عقب الحادثة، صدر عن “القوات اللبنانية” في منطقة عاليه بيان اعتبر أن “اللبنانيين يدفعون مرة جديدة ثمن التفلت الأمني وانتشار السلاح غير الشرعي، وهذه المرة كانت الكحالة الأبية مسرحاً لاستعراض فائض القوة واطلاق النار المباشر باتجاه المدنيين الذين تجمعوا على أثر انقلاب شاحنة يُعتقد أنها تحمل السلاح، ليتبين أن مجموعة مسلحة ترافقها قامت باطلاق النار المباشر على المدنيين ما أدى الى استشهاد فادي يوسف بجاني الذي كان يحاول انقاذ السائق”.

واذ دعا “القوى الأمنية ولا سيما الجيش اللبناني الى القيام بدورهم عبر توقيف مطلقي النار واحتجاز الشاحنة واجراء التحقيقات اللازمة ومنع أي مظهر من مظاهر التفلت الميليشياوي”، أكد أن “الكحالة لم ولن تكون مكسر عصا لعصابات السلاح المتفلت والمشاريع العابرة للحدود، فدويلة العصابات والسلاح لن تمر في الكحالة ودماء شباب الكحالة من جو بجاني الى فادي بجاني، كما دماء كل اللبنانيين من الكحالة الى عين إبل غالية جداً ولن نسمح بأن تذهب هدراً.”

وتوالت البيانات المنددة بالحادثة من شخصيات وقوى سياسية مختلفة، من ضمنها “التيار الوطني الحر”.

وكان سبق حادث الكحالة، الكشف عن ملابسات مقتل القيادي القواتي الياس حصروني، الذي تبين أنه لم يمت بحادث سير كما اعتقد في البداية، بل تعرض لعملية خطف ثم قُتل بعدها، الأمر الذي أثار بلبلة في الأوساط اللبنانية عموماً، وبلدة عين إبل خصوصاً. وفيما لم تتضح ملابسات القضية بعد، اتهمت “القوات” ما تعتبرها “الدويلة” بالجريمة، فيما دخلت القضية البازار السياسي المعتاد عند كل حادثة في لبنان. وعلى الرغم من أن شقيق المغدور لا يعتقد أن القضية ذات خلفية سياسية، إلا أن الجريمة وطريقة حصولها، دفعت بعض الأوساط اللبنانية الى التخوف من عمليات اغتيال جديدة تحصل في لبنان، تحديداً في الوقت الحساس الذي يمر به البلد، والتطورات الاقليمية المرافقة.

وقال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في بيان: “تبيّن في اليومين الماضيين، أنّ وفاة رفيقنا الياس الحصروني في عين ابل، لم تكن نتيجة حادث سير كما ظهر في المعلومات الأوّليّة. إذ أظهرت كاميرات المراقبة الخاصّة في المنازل المجاورة لمكان الحادث، أنّ كميناً محكماً مكوّناً أقلّه من سيارتين قد نصب لرفيقنا الياس، وعند مروره خُطف من أفراد الكمين الذين يقُدّر عددهم بين ستة وتسعة أشخاص، إلى مكانٍ آخر حيث قتلوه”. وأشار الى أن “هذه المعطيات الجديدة أصبحت بحوزة الأجهزة الأمنية وخصوصاً مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي”، مطالباً بـ “كشف هويّة الفاعلين بأقصى سرعة ممكنة، نظراً الى دقّة الوضع في عين ابل والقرى المجاورة، ونظراً الى النتائج التي يُمكن أن تترتّب عن هذه الجريمة في حال لم يكشف عن الفاعلين”.

وبينما لم يوجه جعجع أصابع الاتهام صوب أي جهة، كان نواب كتلة “الجمهورية القوية” يلمحون بصورة صريحة الى “حزب الله”، وهذا ما بدا واضحاً في تغريدة عضو الكتلة النائب غياث يزبك الذي كتب: “اغتيل الرفيق الياس الحصروني في المنطقة التي لا يُكشَف فيها مجرم، هكذا تعلّمنا من اغتيال السياديين، وليس آخرهم لقمان سليم. لن نُتعِب الدولة بتحصيل حقوقنا من الدويلة. شهيدنا سقط في معركة العدو فيها معروف ولا يهم مَن ضغط على الزناد. الاغتيال لا يرهبنا، والعدالة نحصّلها من ضمائر الناس”.

وفي السياق نفسه، قال رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل في تغريدة: “لن نستنكر ولن نطالب بمعرفة الحقيقة، فهي واضحة وضوح الشمس في منطقة أمنية معروفة الهوى… بالأمس في المجدل واليوم في عين ابل وغداً في أي منطقة من لبنان! الوطن مخطوف واللبنانيون رهينة ونحن في حالة صمود ومقاومة ولن ينالوا من عزيمتنا”.

أمنياً أيضاً، شهد لبنان حوادث متنقلة أمس، بينها إشكال في منطقة الرويسات، بين أشخاص من التابعية السورية، بحيث أقدم أحدهم على قتل شقيقه نتيجة الإشكال ثم قتل نفسه.

وفي عكار، تطور إشكال فردي في بلدة مشمش بين أفراد من عائلة ض من البلدة وآخرين من آل ك من بلدة فنيدق الى إطلاق نار، أوقع إصابتين.

على الصعيد المالي، اجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير المالية يوسف الخليل والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري. وقال الخليل بعد الاجتماع: “بحثنا في الشؤون المالية والنقدية، ويجب أن نكون على تواصل دائم حيال هذه الأمور ولنوقع على بعض القضايا”.

ورداً على سؤال عما يقال عن دفع الرواتب للقطاع العام هذا الشهر بالليرة اللبنانية، أجاب: “سنقوم بجهدنا ليتقاضى الموظفون رواتبهم كالمعتاد مثل السابق”.

وفي السياق المالي أيضاً، أشار الأمين العام لجمعية المصارف فادي خلف في افتتاحية التقرير لجمعية مصارف لبنان حول التطورات النقدية والمصرفية والمالية والاقتصادية في آب 2023، الى أن “المساس بتوظيفات المصارف لدى مصرف لبنان لم ولن يكون الحل، لا بل سيفاقم الأزمة عوض حلِّها”، معتبراً أن “على الجميع الاقتناع بأن سعر الصرف لا يمكن إلا أن يعكس واقع الاقتصاد، وكلّ التعويل اليوم على الحاكم الجديد الدكتور وسيم منصوري، آملين أن ينجح في إخراجنا من النفق المظلم”.

إلى ذلك، أرجئت جلسة الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، أمام الهيئة الاتهامية الى 29 آب الجاري. وعادت أوراق تبليغ سلامة إلى الهيئة الاتهامية في بيروت لتعذّر تبليغه بقرارها للمثول أمامها في الجلسة المقرّرة اليوم أمام الهيئة المناوبة برئاسة القاضي سامي صدقي. وكانت الهيئة الاتّهاميّة قرّرت تبليغ سلامة بواسطة قوى الأمن الداخلي، وتسلّمت برقيّة جوابيّة بعدم العثور. ولم يحضر سلامة الجلسة امام القاضي سامي صدقي في وقت حضرت القاضية هيلانة اسكندر والوكيل القانوني لسلامة.

شارك المقال