لبنان يتلهى بـ”أكواعه”… الغرب يعاقب سلامة… أميركا وايران تتفقان

لبنان الكبير

يتلهى لبنان بـ”أكواعه” الأمنية المتنقلة، من عين الحلوة إلى الكحالة، فيما يرتفع صوت الاقليم والعالم، إن كان بعقوبات اقتصادية على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة والمقربين منه، أو عبر اتفاق أميركي – إيراني، قضى بتبادل سجناء أميركيين مقابل رفع التجميد عن ٦ مليارات دولار لايران في كوريا الجنوبية، فهل يكون هذا الاتفاق مقدمة للاتفاق الايراني – الأميركي الشامل؟

وفي مشهد قد يكون متعلقاً برفع سقف المفاوضات، نشرت الصفحة الرسمية للقيادة المركزية الأميركية، صوراً لإبحار مشترك بين البحرية الأميركية والبحرية السعودية في البحر الأحمر، تحديداً السفينتان اللتان وصلتا إلى الشرق الأوسط منذ بضعة أيام، ما يدل على عمق العلاقة السعودية – الأميركية، وأهميتها لمستقبل المنطقة.

تجاوز لبنان “كوع” الكحالة، ولكن شظاياه لا تزال تطال البلد سياسياً وأمنياً، وقد وصلت خلال تشييع عنصر “حزب الله” إلى الحازمية، حيث استقرت إحدى الرصاصات في سيارة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، الذي لم يصب بأي أذى. الرصاص الكثيف الذي أطلق من منطقة الغبيري طال المحال والمنازل في المناطق المجاورة، وبأعجوبة لم تسقط ضحية جديدة تزيد مأساة على مآسي اللبنانيين.

وفيما تشيع الكحالة فقيدها اليوم، شهدت البلدة أمس هدوءاً حذراً، ولفها حال من الحزن والغضب، ليس على الفقيد وحسب، بل حزن على موت الدولة، وحل الدويلة مكانها.

بالأمس كانت الساحة للتحقيقات ولمواقف الاستنكار، وبحسب التحقيقات الأولية التي ارتكزت على كاميرات المراقبة، لم تحدد هوية من بدأ باطلاق النار بعد، وأن الشاحنة انقلبت في حادث عرضي. وسيحدد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي الذي بدأ التحقيق في الحادث الجهة المخولة متابعة التحقيق لاحقاً في ضوء النتيجة. وأفيد بحسب تقرير الطبيب الشرعي أن ابن الكحالة فادي بجاني قضى بثلاث طلقات وعنصر “حزب الله” أحمد علي قصاص بسبع طلقات.

وأعلنت قيادة الجيش في بيان أنه “لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص. بتاريخ 10/8/2023 عند الساعة الرابعة فجراً، قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين، فيما يواصل الجيش متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة”.

وفيما تبين أن حمولة الشاحنة هي ذخائر أسلحة رشاشة، والجيش يواصل تحقيقاته، توجست قوى سياسية معارضة من أن يسلم الجيش الحمولة الى “حزب الله”، وذلك من منطلق البيانات الوزارية المتعاقبة، التي شرّعت “المقاومة”، وتثبت معادلة “جيش وشعب ومقاومة”.

في هذا السياق، أشار رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل إلى “أننا نعرف أنّ الجيش يُنفّذ الأوامر وأنّ السلطة السياسية مخطوفة وأنّ هناك معادلة مفروضة على اللبنانيين إسمها جيش وشعب ومقاومة”، معتبراً أن “قيادة الجيش يجب أن تعرف أنّ أسلوب حزب الله في التعاطي سيوصل البلد إلى أماكن خطرة، وإذا لم يتحمّل الجيش مسؤوليّته ولم يضع حدّاً لكلّ الممارسات، فيكون بدوره شاهد زور على ما يُمكن أن يصل إليه البلد”.

وأوضح الجميل أن “مسؤوليّة الجيش الأولى الدّفاع عن اللبنانيين وحمايتهم فهذه أولويّة على أيّ شيء آخر”، سائلاً: “لو كانت الشاحنة تحتوي على متفجّرات وأدّى سقوطها إلى انفجار كبير وذهب مئات من الأهالي ضحيّة فماذا كنّا سنفعل؟! لسنا مستعدّين لأن نتعايش مع ميليشيا مسلّحة”. وطالب المعارضة بـ “الانتقال من الأسلوب التقليدي في العمل السياسي إلى موقع آخر وجوديّ وكيانيّ وهو اتّخاذ قرارات وخطوات استثنائيّة”.

في المقابل، دانت كتلة “الوفاء للمقاومة” في بيان “بشدّة التوتير المبرمج والظهور الميليشياوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة يوم أمس (الأول) عقب انقلاب شاحنة عند أحد منعطفاتها، وتعرض أفرادها للاعتداء في محاولة للسيطرة عليها وإطلاق النار الموجّه الذي أدّى إلى استشهاد أحد الإخوة، وإعاقة تدخّل الجيش اللبناني ومحاولة منعه من ضبط الاستفزاز”. ورأت أنّ ذلك “هو نتاج التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة التي تشكّل مادّة فتنويّة يعمد إلى توظيفها قاصرو النظر أو المتورطون في المشاريع المعادية لمصالح لبنان واللبنانيين”.

أما الرئيس السابق ميشال عون فكتب على حسابه على “إكس”: “المطلوب اليوم هو التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل بثّ سموم الكراهية، وانتظار نتائج التحقيق. الهيكل إذا سقط فلن يسلم أحد، خصوصاً في الظروف التي تحيط بنا، وما من منقذ في الأزمات سوى الوحدة الوطنية فتمسّكوا بها”.

وأكدت لجنة الاعلام والتواصل في “التيار الوطني الحر” أن “التيار يرفض كلّ انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الأجواء والتسبب بفتنة يسعى اليها كثيرون في الداخل والخارج”، مشيرة الى أن “أي إستغلال للأحداث، طارئة كانت أو مفتعلة، يدعونا كلبنانيين إلى الإسراع في حلّ مشكلاتنا، فقط بالحوار البنّاء والهادف، لأن أي فتنة هي بمثابة انتحار جماعي سيعمل التيار مع العقلاء على منعها”.

اقتصادياً، تسلّم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل النسخة النهائية الرسمية من التقرير الذي أعدّته شركة “ألفاريز أند مارسال” المتعلق بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، لصالح الدولة اللبنانية بموجب عقد موقع بين الطرفين، ورفعه الخليل مباشرة ووفق الأصول وشروط العقد الى مقام رئاسة مجلس الوزراء.

على صعيد آخر، ترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة إجتماعاً لهيئة مكتب مجلس النواب، ناقش اقتراح قانون إنشاء صندوق سيادي مخصص لعائدات النفط والغاز الذي أُقر في اللجان. وبعد الاجتماع، دعا بري إلى جلسة تشريعية عند الساعة 11 من قبل ظهر الخميس في 17 آب الجاري.

وعلى الصعيد القضائي، ادعت الدولة اللبنانية عبر رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر التي تقدمت بطلب ضد الدولة اللبنانية، طالبة مداعاة الدولة طعناً بتصرفات قاضي التحقيق الأول في بيروت القاضي شربل أبو سمرا، لا سيما لناحية القرار الصادر عنه بتاريخ 2-8-2023. وفي حين أن القرار من شأنه أن يجمّد ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، في ظل غياب اكتمال الهيئة العامة لمحكمة التمييز بسبب عدم صدور التشكيلات القضائية، طالبت القاضية اسكندر بإصدار مذكرة توقيف بحق سلامة.

شارك المقال