وشتت بآب… باربي تفضح التغييريين

لبنان الكبير

“معقول تشتي بآب وتتلج عالدني كلها”… قولاً وفعلاً تساقطت الأمطار في غالبية المناطق اللبنانية خلال منتصف آب، شهر الجفاف ولهيب الحرارة المرتفعة… وصحيح أيضاً أن “الشتي” نعمة والسياسيين نقمة في بلادنا، فباربي الجميلة أشعلت نار أحقاد المسؤولين في حروب بيانية، منهم من أيد قرار منع عرض فيلمها في لبنان، ومنهم من عبّر عن مخالفته لهذا القرار العنصري، مع العلم أن باربي تعيش في كل بلاد العالم في عالمها الخاص والافتراضي.

وكم من باربي نحتاج اليها لتنقذنا من هراء حكامنا المعتاد، فقد تناسوا أننا بلا رئيس للجمهورية، وأننا نعيش وسنعيش في فراغ قاتل في المؤسسات العامة نتيجة العجز الداخلي عن التوافق على مرشح ينهي مهزلة الشغور القائم منذ عدّة أشهر.

حملة واسعة من الفعل وردود الفعل عاشها وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى بعد قراره بمنع عرض فيلم “باربي” في الصالات السينمائية اللبنانية بحجة أنه يتعارض مع القيم الأخلاقية والايمانية نظراً الى ترويجه للشذوذ والتحول الجنسي، وهذا ما أشعل الانتقادات الواسعة عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام، ورد النائب التغييري مارك ضو عليه من دون تسميته، معتبراً أنه “عندما تنحط صفة رسمية الى هذا الحضيض، تصبح مشاهدة باربي أفضل من ضياع الوقت عليه”.

ورد الوزير المرتضى على ضو في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي قال فيه: “كان من الأجدى بحضرة النائب أن يتروّى وأن يتأنّى وأن يركن الى النقاش بقلبٍ بارد وعقلٍ بارد والأهم بلغةٍ تليق بمن تسنّم كرسي البرلمان، عندها كان ليقتنع منّا أو ليقنعنا بقناعاته فيكون بذلك الضوء اسماً على مسمّى”، مضيفاً: “وقتك الثمين للتشريع لا تضيّعه على مشاهدة فيلم باربي، قف قليلاً أمام المرآة فهذا يكفي”.

وانضم نائب “الكتائب” نديم الجميل الى السجال القائم، معيداً فكرة التقسيم من خلال استخدامه عبارتهم الشهيرة “لكم دويلتكم، لنا لبناننا…”، مغرداً: “في حال تم منع عرض الفيلم في صالات السينما، فسنعرضه في الساحة العامة في لبناننا وليمنعوه في دويلتهم”، وبهذا تكون باربي في لبنان استُخدمت كعنصر إضافي لفكرة الفديرالية التي بدأت تنشط في الآونة الأخيرة.

أما رئاسياً، فلا جديد سوى الكلام عن أهمية الاسراع في انتخاب الرئيس المقبل وعن الخطوات التي ستتضح مع عودة المبعوث الفرنسي الخاص جان إيف لودريان الثالثة الى لبنان، والتي ربما ستحل العقدة الرئاسية العالقة، لكن الأنظار تبقى متجهة الى عودة الحوار واللقاءات بين “التيار الوطني الحرّ” وحليفه السابق “حزب الله”، ويبقى السؤال: هل من ضمانات معينة سيقدمها الحزب لباسيل تتعلق باللامركزية الادارية والمالية الموسعة التي تحدث عنها؟

وبعدما كانت هناك فئة من السياسيين تعوّل على إنعكاس المفاوضات النووية الأميركية – الايرانية خيراً وإيجاباً على الاستحقاق الرئاسي، أشار النائب غسان سكاف الى أن “صدمة الصفقة الديبلوماسية بين أميركا وايران بتوقيتها، بعد أن دخلت واشنطن في المزاج الانتخابي، تعني تجميد المفاوضات النووية الأميركية الايرانية الى ما بعد الانتخابات الأميركية”، معتبراً أن “على من كان يعوّل على هذا الاتفاق لفك أسر الرئاسة اللبنانية أن يقتنع بتطبيق الدستور وإنجاز الاستحقاق الرئاسي داخلياً وبتوقيت داخلي قبل الارتطام الكبير”.

وبالعودة الى الأحداث الأمنية والمناطقية الأخيرة، استرعى الانتباه الخبر الذي تم تداوله في الساعات الماضية عن أن وفداً من “حزب الله” زار بلدة الكحالة لتقديم التعازي الى آل بجاني، الا أن الحزب سرعان ما نفى عبر بيان للعلاقات الاعلامية هذا الخبر جملةً وتفصيلاً.

وبعدما عاد الهدوء يخيم على المشهد الداخلي بعد الصخب العنيف الذي هيمن على الساحة بفعل الأحداث الأخيرة، رأى رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أن “تداعيات الحادث المؤسف الذي حصل في الكحالة كان بسبب التحريض والحقد الذي ينفثه الآخرون، والتزامهم طريقاً غير طريق الاستقامة الذي يصلح للبلد وللوطن ولمجتمعنا بكل طوائفه ومناطقه”.

وشدّد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على “حماية الدولة والبقاء ضمن معناها السيادي الوجود وتأكيد مصالحنا الوطنية وسلمنا الأهلي”، لافتاً الى أن “هذا البلد يقع على خط مصالح دولية إقليمية ملتهبة، لذا فإن عشرات الأجهزة الأمنية الدولية والإقليمية تستبيحه بألف ساتر وساتر ولها مطابخها وأدواتها المالية والإعلامية والتخريبية وجيوشها الملوّنة وقدراتها الفائقة بالشحن الطائفي والتحشيد والتجريم وتبديل الوجوه والرقص على دماء الضحايا”. وطالب بـ “حماية لبنان النشأة ببصمة البطريرك الحويك ولبنان المحرر والمحمي ببصمة المقاومة”.

في المقابل، قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد: “لا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة وسلطة وأكثر من جيش شرعي”. ورأى أن “بهذا المنطق يجب تطبيق إتفاق الطائف بكامل نصه وروحه، وقرارات الشرعية الدولية بشأن سيادة دولة لبنان على كامل أراضيها”.

وأكد الراعي “أننا نسلم أمر التحقيق لمؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية والقضاء، لإيماننا الدائم بالدولة ومؤسساتها، فإننا لن نخرج عن منطق الدولة، ولن ننزلق إلى العيش بدونها، وإلى الإحتكام لغيرها”.

أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة فقال: “ليت بإمكان المواطن أن يضع ثقته بعد الله بالمسؤولين وبالسياسيين والزعماء المتحكمين بالبلد، وليته يتمكن من اللجوء إليهم عند كل مشكلة تعترضه، أو أن يحاسبهم عند كل سقطة أو خطأ يرتكبونه، لكنهم فوق المحاسبة، وجريمة المرفأ أبرز دليل”.

شارك المقال