“خط قانا ٩٦” يقلع بالعتمة… اشتباك حول “العمامة” الشيعية

لبنان الكبير

وصلت أمس منصة الحفر التابعة لشركة “توتال” والمروحية التي ستنقل الطواقم والمعدات إلى البلوك رقم ٩، ولسخرية القدر، حصل ذلك على وقع عودة الظلام، إثر إعلان الشركة المشغلة لمعملي دير عمار والزهراني التخلي عن التشغيل بسبب عدم الحصول على مستحقاتها المالية والتي بلغت ٨٣ مليون دولار، وتسليم المعملين لكهرباء لبنان، واذا لم تستجب الأخيرة فستعمد إلى إطفاء المجموعات العاملة، ما يعني انقطاع ساعات التغذية الأربع التي يؤمنها الفيول العراقي، وسط جحيم مناخي: وبالتالي يكون لبنان بلداً “نفطياً” من دون كهرباء، ولن يشفع للمسؤولين تسمية الخط الجوي لاقلاع طائرة الهليكوبتر وهبوطها بـ “خط قانا ٩٦”، كرمزية لضحايا المجزرة المهولة التي نفذها العدو الاسرائيلي، فالضحايا بالتأكيد يتقلبون في قبورهم، لما اقترفته أيادي السياسيين ببلدهم الذي ارتوى بدمائهم.

أمر آخر قد يقلق شهداء قانا، فقد اشتبك المدير العام لهيئة التبليغ الديني في المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الحليم شرارة مع رئيس الهيئة الشرعية للتبليغ الديني نائب رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب، بعد صدور قرار ممهور بتوقيع نائب الهيئة يعتبر عدداً من الشيوخ غير مؤهلين لارتداء الزي الديني وانذارهم بخلعه تحت طائلة اعتبارهم منتحلي صفة رجل دين واجراء المقتضى القانوني بحقهم. وقد جرّد القرار رجال الدين المذكورين من كل صفة شرعية لدى المحاكم الشرعية والدوائر ذات العلاقة. واللافت أن الشيوخ المذكورين في القرار يغردون بغالبيتهم خارج بيت طاعة الثنائي الشيعي، أما المستغرب فهو البيان الذي صدر باسم المجلس الشيعي وكان واضحاً أن خلفه الشيخ الخطيب، الذي أكد أن القرار الذي صدر لا يعبّر عن المجلس، لأن الخطيب لم يكن مطلعاً عليه، محذرا من أن ينشر أي بيان ما لم يكن موقعاً من رئاسة المجلس حصراً، ليأتي رد على البيان من هيئة التبليغ، مشيراً الى أن البيان صدر وفق الأصول ونظام المجلس الداخلي.

يدل ذلك على أن الصراع بين الثنائي الشيعي في المجلس على أوجه، فشرارة مقرب من “أمل” والخطيب محسوب على “حزب الله”، ولا يبدو أن رفض الخطيب للقرار هو بسبب مضمونه إنما لأنه لم يعره أي اعتبار، لأن الطرفين متفقان على معاقبة “الخوارج”.

وأتت أولى الردود من أحد المجردين من صفته الدينية الشيخ ياسر عودة، قائلاً: “لست أنا من يبيع الأوقاف والمساجد ولست أنا من يعطل حياة امرأة لسنوات لأجل أن ترى أولادها… وأنا أرى أن الإقطاع الديني التابع للفاسدين أسوأ من الإقطاع السياسي واتخذت هذا الخط ولو كلفني دمي”.

وعلى خط الرئاسة والرسالة الفرنسية لمجلس النواب، اجتمع ٣١ نائباً معارضاً في مجلس النواب، واذ قدروا الجهود الفرنسية إلا أنهم أعلنوا بكل صراحة أن الحوار مع “حزب الله” عديم الجدوى، معتبرين أن الحوار الوحيد المقبول هو الذي يجريه رئيس الجمهورية بعد انتخابه، رافضين تحميله أي التزامات مسبقة، باعتبار أنها التفاف على الدستور وعلى وجوب الانتخاب.

ورأت أوساط سياسية في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “فرنسا ومبعوثها لودريان اذا كانا يريدان معرفة مهام رئيس الجمهورية، فليطلعا على مواد الدستور، الذي حدد هذه المهام بوضوح”. أما عن الملفات الداهمة مثل النزوح والاستراتيجية الدفاعية، فلفتت الأوساط إلى أن “الرئيس الذي ينتخب بالأطر الدستورية الصحيحة، يستطيع معالجة أي ملف، لأنه سيكون ملزماً باتباع النصوص الدستورية التي سيكون أقسم عليها، أما إذا وصل رئيس عبر النهج المتبع، فسيضطر إلى مراعاة أجندات من يوصله وهذا يعني نسخة جديدة من جهنم، يمكن تسميتها جنهم 2.0”.

في السياق، كتب رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان عبر منصة “إكس”: “وصلتني اليوم (امس) بواسطة الأمانة العامة لمجلس النواب رسالة من المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان يطلب فيها بصورة رسمية وخطياً الاجابة قبل نهاية الشهر الحالي على سؤالين يتعلقان بانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية. وقد أثارت هذه الرسالة استغرابي، ففرنسا بلد صديق تربطه بلبنان علاقات تاريخية، وهي دولة عريقة بممارساتها الدستورية وباحترامها للقواعد الديبلوماسية ولأصول التعاطي، لكن هذه الرسالة تشكل اليوم سابقة من نوعها وتتعارض مع أبسط القواعد على مختلف الصعد، وتتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية، التي كانت وستبقى حجر الزاوية في تعاطينا مع الدول الصديقة، ومن ضمنها فرنسا، كما مع الدول غير الصديقة”.

على صعيد الجلسة التشريعية المزمع عقدها اليوم، وبعد إعلان المعارضة الاستمرار في مقاطعة الجلسات باعتبار أن المجلس النيابي هيئة ناخبة فقط، قرر تكتل “لبنان القوي” عدم المشاركة في الجلسة، وأشار في بيان الى أن “جدول الأعمال المطروح لا تنطبق عليه صفة الضرورة القصوى، على أساس المبدأ الذي اعتمده التكتل للمشاركة في جلسات تشريعية بغياب رئيس الجمهورية تحت عنوان تشريع الضرورة”.

واذ أكد التكتل “أهمية القوانين المطروحة والمساهمة الكبيرة له في اقتراحها ونقاشها وايصالها الى الهيئة العامة”، الا أنه لا يرى “أي أمر طارئ وملح يستدعي اقرارها بهذا التوقيت، خصوصاً وأن هناك بعض النقاط الخلافية لا تزال تعتري بعضها، وأنه لا يمكن الركون الى حكومة تصريف أعمال فاقدة الشرعية والميثاقية لتنفيذ هذه القوانين”.

وكان مجلس الوزراء أقر مشروع موازنة العام ٢٠٢٣ بعد الإنتهاء من درسها في ٦ جلسات، كما اقرّ مشروع قانون يرمي إلى إعطاء الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي ومشروع قانون يرمي إلى فتح اعتماد في احتياط موازنة 2023 قبل تصديقها. وبلغ عجز الموازنة 45 ألف مليار ليرة أي 24%؜ بعدما كان 18%؜ سابقاً أما النفقات فبلغت 192 مليار ليرة والإيرادات 147 مليار ليرة.

بالعودة إلى الشأن النفطي، أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض من مطار رفيق الحريري الدولي حيث تمركزت نقطة الانطلاق الى منصة الحفر “أننا على موعد بعد شهرين أو ثلاثة أشهر لمعرفة نتائج الحفر والتنقيب في البلوك رقم 9”. وقال: “من خلال الترسيم البحري حافظ لبنان على حقوقه من الموارد، والتحضيرات اكتملت لبدء الحفر في البلوك 9. ونأمل أن يُصبح لبنان بلداً نفطياً ويكون هذا الأمرُ بارقة أملٍ للبنانيين جميعاً”. وأشار الى أن “شركة توتال متفائلة بوجود بلوك نفطي في حقل قانا ونحن على بُعد خطوات قليلة من الاستكشاف”.

وعلى خط الفراغ المؤسساتي، استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور الذي أمل “أن توفق المبادرة الفرنسية بدعم من الدول الأخرى في الوصول الى نتيجة في ما دعي اليه من مشاورات أو لقاءات أو حوار في شهر أيلول المقبل. والى حين حصول ذلك، يجب تفادي حصول أي قصور في عمل المؤسسات سواء في المجلس النيابي أو في مجلس الوزراء، ومع تقديري واحترامي للكثير من الآراء التي تصدر، فلا يجوز تحت ذريعة أو حجة عدم انتخاب رئيس للجمهورية وهو أمر يجب ألا نقبل أو نسلم به، أن نقبل بتعطيل سائر المؤسسات”.

وشدد أبو فاعور على “عدم السماح بحصول شغور في المجلس العسكري، وبالتالي أعدت طرح مسألة تعيين مجلس عسكري مع رئيس الحكومة، وعلى كل القوى السياسية في الحكومة والوزراء المعنيين تحمل مسؤولياتهم في هذا الأمر. فلولا الجيش لكانت الأمور ذهبت في اتجاه آخر مختلف كلياً، ولكنا دخلنا في متاهة ما بعدها متاهة. ويجب عدم التساهل في الشغور في المجلس العسكري، فهذا أمر مصيري يجب التعاطي معه بجدية من كل القوى السياسية المكونة للحكومة ليس على قاعدة مراضاة هذا الفريق أو ذاك، ولكن على قاعدة وجود مجلس عسكري يقوم بواجباته”.

شارك المقال