شعارات باسيل في المزاد… و”العربون” السيادي لم يصل

لبنان الكبير

يبدو أن عربون رئاسة الجمهورية الذي يريد “حزب الله” دفعه لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل والمتمثل في الصندوق السيادي واللامركزية، لم تنضج ظروف صفقته السياسية بعد، فقد قاطع التيار الجلسة التشريعية أمس، بعدما أدرك صعوبة إقرار الصندوق في هذه الجلسة في ظل مقاطعة شاملة من قوى المعارضة، التي على الرغم من أن البعض قد يختلف معها على مقاطعة الجلسات النيابية، إلا أن الجميع يحترم ثباتها على مواقفها.

في المقابل، فإن التيار الذي رفع شعار “الرئيس القوي” رافضاً المساس بأي من صلاحيات الرئيس، ها هو اليوم يقبل بمصادرة صلاحيات الرئيس المقبل، كون الرئيس يحق له المشاركة في رسم سياسة الحفاظ على ثروة أجيال المستقبل، ما يدل على أن الشعارات التي يرفعها التيار هي لعرضها في مزادات البيع والشراء، و”sold” وأكبر، ولعل الدليل على ذلك هو تصريح باسيل، الذي نفى فيه أن يكون التقى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية أمس، مشيراً إلى أن المفاوضات لم تصل بعد الى مرحلة الأسماء، وهو تصريح ضمن المناورة المستمرة لرفع سعر كرسي بعبدا.

وبانتظار أن يقبل باسيل بالسعر المناسب لبيع الرئاسة، تقف القوى السياسية على رصيف انتظار أمرين: الأول عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الشهر المقبل، والثاني انعكاس الاتفاق السعودي – الايراني على لبنان. في الأول يبدو أن الأمور متجهة إلى عودة بلا غلة، وقد طال لودريان تقريع من مجلس الشيوخ في بلده بسبب الرسالة التي وجهها إلى مجلس النواب، باعتبار أنها إهانة للبنانيين. أما في الأمر الثاني فيبدو أن لبنان ليس في أولويات أجندة القوتين الاقليميتين المتلهيتين بترتيب أوراق المنطقة.

في هذه الأثناء، وتجنباً للعتمة التي كانت تلوح في الأفق، تعهد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بدفع 7 ملايين دولار من الـSDR امس، مقابل تشغيل فوري لمعملي الزهراني ودير عمار بعد رفض حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري الدفع من أموال الاحتياط. وبدأت شركة “برايم ساوث” إعادة تشغيل وحدات الانتاج.

وكان ميقاتي رفع الصوت، مؤكداً استحالة الاستمرار على هذا المنوال، وأشار خلال جلسة مجلس الوزراء الى أن “ما نراه أن مجلس النواب لا يجتمع والحكومة تتعرض للحملات، في وقت وصل البلد الى مرحلة بالغة الصعوبة والخطورة”، معتبراً أن “المسؤولية لا تقع على الحكومة فقط، ونحن نقوم بأكثر بكثير من تصريف أعمال، لأنه يهمنا بقاء البلد واستمرار المؤسسات فيه”.

وبعد تطيير الجلسة التشريعية، قال ميقاتي بعد لقاء عقده في ساحة النجمة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري: “أستغرب بشدة عندما يقول البعض إنه يحضر الى مجلس النواب من أجل تشريع الضرورة فقط، فهل هناك أكثر الحاحاً وضرورة من المشاريع المطروحة على جدول أعمال جلسة اليوم (امس)؟ في البلدان التي مرت بأزمات اقتصادية مشابهة للأزمات التي نمر بها اليوم، كان مجلس النواب في حال انعقاد دائم، وخلال ثلاثة أيام كان يجري اقرار القوانين اللازمة لحل الأزمة، وبدأت الحلول تثمر وحُلّت الأزمات في تلك الدول. اما في لبنان فلا نزال منذ أربع سنوات نتحدث عن الكابيتال كونترول ولم نتوصل الى مناقشته، لا في الجلسة العامة، ولا الى ايجاد حل له”.

أضاف: “في مجلس النواب العديد من اقتراحات القوانين تتعلق بخطة التعافي واعادة هيكلة المصارف، والفجوة المالية، وكلها تحتاج الى حل فوري، واذا لم ينعقد مجلس النواب لاقرارها ضمن سلة واحدة، فلا استقرار اقتصادياً في البلد. لقد وصلنا الى مرحلة صعبة جداً، وبات اقتصادنا يتحول الى اقتصاد نقدي، ما سيعرض لبنان للكثير من المخاطر في حال عدم اقرار قانون اعادة هيكلة المصارف”. وشدد على أن “من الضروري اعادة الحياة المصرفية بطريقة طبيعية لكي نتمكن من الخروج من هذه الأزمة، والا فاننا سندخل في سلسلة أزمات، وسيكون الوضع أكثر صعوبة. اذا لم نصل الى حل فليتحمل كل واحد مسؤوليته”.

ورأى المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل بعد تعطيل الجلسة، أن “هذه مسألة مرتبطة بشكل أو بآخر بمنطق التعطيل، تعطيل المؤسسات، اضعاف الدولة، مزيد من الانهيار ويشبه تماماً هذا التعطيل الذي حصل بشأن رئاسة الجمهورية نتيجة الاصرار على عدم الحوار، الحوار الذي هو وحده ولا يزال يشكل القاسم الوحيد الذي نصل من خلاله الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ولأننا نعرف توازنات المجلس ونقدر خطورة أن نبقى الى مرحلة طويلة في فراغ رئاسي. الرئيس بري دعا منذ أكثر من ثمانية أشهر الى الحوار”، معرباً عن أسفه لـ “أننا نرى مزيداً من التعطيل والدفع باتجاه انهيار مؤسسات الدولة”.

وأكّد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، في حديث تلفزيوني، أنّ “هناك ٤ اقتراحات قوانين من ٤ كتل من المعارضة والموالاة والمستقلين شاركوا في انتاج الاقتراح الحالي للصندوق السيادي في لجنة فرعية ضمتهم الى خبراء محليين ودوليين وهو – للذين يتكلمون عن الاستعجال في اقراره – منذ ٢٠١٧ في المجلس النيابي وقد مرّ على اللجان المشتركة ولجنة فرعية ومن ثم وعند تقديم اقتراحات جديدة في ٢٠٢٢ أحيل مع القوانين القديمة على لجنة المال حيث بقي ٨ أشهر في لجنة فرعية وأثمر قانوناً نموذجياً واصلاحياً باعتراف الجميع معارضة وموالاة، إلا الذين يجهلون مضمونه ومساره”.

إقليمياً، زار أمس وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان السعودية في أول زيارة رسمية منذ استئناف العلاقات، والتقى نظيره الأمير فيصل بن فرحان، وشددا على أن العلاقات السعودية – الايرانية مفصلية لأمن الشرق الأوسط.

وقال بن فرحان في مؤتمر صحافي مشترك: “ان استئناف العلاقات الديبلوماسية مع إيران نقطة مفصلية للأمن في منطقة الشرق الأوسط”. وشدد على “تطلع المملكة الى تعزيز العلاقات الثنائية مع طهران”، مشيراً إلى أنّ “الرغبة صادقة وجدية لتعزيز الثقة المتبادلة بين الجانبين”. وأكد أنّ “المملكة حريصة على تفعيل الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية مع إيران، وتثمّن دعم إيران لملف السعودية لاستضافة إكسبو 2030”.

اما عبد اللهيان فوصف المحادثات في الرياض بـ “المثمرة”، مشدداً على أن “بإمكاننا العمل مع السعودية لحل الموضوعات العالقة في المنطقة بصورة فورية”. وأكد أن “طهران تدعم تحقيق الأمن والسلام في المنطقة من دون تجزئة”، لافتاً إلى أنّ “العلاقات مع السعودية تسير في الاتجاه الصحيح وتشهد تقدماً”.

وأوضح عبد اللهيان أنّ بلاده عازمة على تطوير العلاقات مع السعودية وتعزيزها، معلناً أنّ الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي سيزور المملكة قريباً.

شارك المقال