لبنان بين هضبتين… فنية وأمنية

لبنان الكبير

انقسم مشهد لبنان أمس بين هضبتين، الأولى “الهضبة” عمرو دياب، وقد غصت الواجهة البحرية لبيروت بموج أبيض، بسبب زحف محبيه لملاقاته بعد غياب عشر سنوات عن لبنان، وأغلقت من أجله الطرق منذ ساعات بعد الظهر، في مشهد يذكر بعز بيروت التي كانت تنبض بالحياة قبل أن يعيث بها سياسيوها دماراً وخراباً، ويوصلوها إلى قعر جهنم، ولعل الزحمة في الحفل هي تمنٍ من شعب أن يعود بالزمن الى ليالي بيروت التي كانت تبهر العالم.

أما الهضبة الأخرى فهي هضبة التوجس من عودة التفجيرات الأمنية، فإن كان “حزب الله” دهم فعلاً خلية إرهابية في حي السلم، أو أنها مجرد مسرحية، الا أن الخوف تسلل إلى نفوس اللبنانيين، فاذا كانت هناك خلايا ارهابية فعلاً قد تعود التفجيرات مجدداً، أما في حال كانت مسرحية فقد لا تكون الأخيرة وقد يتسبب الحزب بتفجير أمني إذا وجد أن التطورات السياسية لا تسير لصالحه.

في هذه الأثناء، وفيما يتطور الحوار بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، طار رئيس التيار جبران باسيل الى “صديقه” وزير خارجية المجر بيتر زيجارتو، وأكد بعد لقائه النضال المشترك ضد اللاجئين وقوانين تشريع المثلية، علماً أن النائبة في تكتله ندى البستاتي كانت من الموقعين على اقتراح قانون لالغاء المادة 534 من قانون العقوبات التي يستند اليها بعض القضاة لتجريم المثليين، فهل من خلاف حول هذا الملف في التيار؟

وعلى صعيد الرئاسة، تحوم الضبابية حول عودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان التي كانت متوقعة في أول أيلول، وذلك بعد المواقف المنددة برسالته إلى النواب، وميل قوى المعارضة إلى رفض الحوار الذي يقترحه، وإن عاد لودريان فستكون عودة شكلية فقط، وقد يغادر لبنان مهدداً ومتوعداً بمعاقبة فرنسا المعرقلين.

في هذا السياق، أكّد عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط أن المعارضة متمسكة بترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، مشيراً في حديث تلفزيوني الى أن كل القوى التي شكلت الحاضنة لأزعور لا تزال متماسكة حتى الساعة. ووصف رسالة لودريان بأنها “مسيئة في الشكل والمضمون”، موضحاً أنها “في الشكل مسيئة بحق مجلس نواب منتخب من الشعب اللبناني، ولكن هناك مسؤولية كبيرة على النواب الذين سمحوا بتمدّد الفراغ الرئاسي وهذا التعطيل أدى الى تدخل الدول الصديقة، انما طريقة التدخل من خلال الرسالة وكأنه فحص مكتوب غير قابل للتراجع عنه فيما بعد مسيء بحقنا، ونحن سبب هذه الاساءة”. واعتبر أن “على حزب الله أن يفهم أن لا بيئة حاضنة لسلاحه غير الشرعي ومواجهة هذا السلاح تكون بمنعه من إيصال رئيس تابع له وهذا ما نقوم به”، مؤكداً “اننا لا نرفض الحوار بالمطلق، ونؤيد التواصل الثنائي”.

وأشار عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبد الله الى أن “دعوتنا الى الحوار وموقفنا الذي يسمّى وسطياً لا يلغي أبداً أننا كنا في الموقع نفسه مع المعارضة وسنستمر، ونحن لم نبدّل موقفنا”. وقال: “نحن في العمق في الموقع نفسه وهذا الأمر ترجم بتصويتنا في 13 جلسة بداية للنائب ميشال معوض وبعدها للوزير السابق جهاد أزعور”. وشدد على “أننا ضد أي مرشح تحدٍ، وحتى اللحظة ملتزمون بجهاد أزعور مع فرقاء المعارضة”.

في المقابل، تساءل عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قبلان قبلان عن تعطيل البلد من أجل الرئيس، قائلاً: “لماذا تعطيل الحكومة ومجلس النواب فيما الدستور واضح حول هذا الأمر؟ الدستور الذي لم يقل انه في حال عدم وجود رئيس للجمهورية يجب أن نعطل الحكومة والمجلس والمصرف المركزي والقوى الأمنية والعسكرية والكهرباء والمياه والأدوية، الدستور واضح وصريح بانتقال الصلاحيات والعمل على رئيس للجمهورية، فإذا كانوا غير متفقين على انتخاب فهل يعطلون الحكومة ومجلس النواب؟ ومن يعتقد أنه يسجل نقاطاً على الآخرين نحن نقول له لا، النقاط تسجل على كل البلد والذي يدفع الثمن هو كل مواطن لبناني من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب”.

وفي ضوء السجال المستجد بين وزارتي الطاقة والمال حول باخرة الفيول “المشبوهة” وفق ما تنقل مصادر حكومية، أعلن وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية في بيان، أنه “تم التأكيد في مجلس الوزراء على أن تغذية المطار ومرفأ بيروت بالكهرباء هي من الخطوط الحمر، التي لا يمكن التغاضي عنها أبداً، لأنهما شرايين حيوية للبلد، وكذلك الأمر في ما يتعلق بصيانة الطرق، والتي تعد أساسية في موضوع السلامة العامة والمرورية، ومن المستحيل إنجازها باعتمادات صفرية”.

تربوياً، نبّه المدير العام لوزارة التربية عماد الأشقر، على أن “قطاع التعليم في خطر هذا العام ووزارة التربية تواجه تحديات كبرى بعد نفاد الأموال”، كاشفاً أن الروابط التعليمية في القطاع الرسمي أبلغت وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي أنها لن تعود الى التعليم براتب أقلّ من ستمئة دولار مع عملية تصحيح للرعاية الصحيّة وإلا لا تعليم في المدارس الرسمية هذا العام.

ووجّه الأشقر في حديث اذاعي، نداء إلى جميع المدارس الخاصة بأن توضح كلفة التلميذ لديها وعلى أي أساس تمّ تحديد الأقساط المدرسية، مشيراً إلى “مشكلة على مستوى التعليم الخاص الذي يضمّ ألفاً وستمئة مدرسة لجهة التفلّت في تحديد الأقساط”. وقال: “اليوم وصلنا الى حائط التعليم الطبقي”.

شارك المقال