ضغط دولي وخلافات اسرائيلية تفرمل الغزو… إيران لن تضحي بـ”الحزب”

لبنان الكبير / مانشيت

بعد ليل اشتد فيه القصف العنيف على قطاع غزة بصورة غير مسبوقة منذ بداية الطوفان، يبدو أن الديبلوماسية العالمية تفرمل الاجتياح البري الاسرائيلي للقطاع، بالتزامن مع خلافات بين رئيس وزراء اسرائيل وأركان حكومته، بحيث أن بنيامين نتنياهو بدا متجاوباً مع الضغط الدولي والأميركي تحديداً، لتأجيل العملية البرية، فيما وزير دفاعه يوآف غالانت دعا إلى حرب شاملة تطيح بسلطة “حماس” من غزة، من دو، أن يمانع فتح جبهة ثانية من الشمال الفلسطيني المحتل، بل انه اقترح توجيه ضربة استباقية الى “حزب الله”.

وفيما كشفت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح داخلي لـ 20 ألف شخص غالبيتهم من جنوب لبنان، بسبب ازدياد التوترات الحدودية منذ بدء الحرب، بدأت التحليلات الغربية تصب في صالح عدم توسع الحرب، وأن كل ما يقوم به الحزب من تحركات على الحدود يهدف إلى تخفيف الضغط العسكري عن غزة عبر تقسيم القوات الاسرائيلية لتحشد شمال فلسطين المحتلة، وتشكيل ضغط على الداخل الاسرائيلي عبر خلق هاجس دخول الحزب في الحرب، فيما من الواضح أن الاعلام القريب من الممانعة بدأ بفك الارتباط بين فكرة الغزو البري الذي يؤدي الى تدخل الحزب، في حين رأى محللون غربيون أن إيران لن تضحي بالحزب، ذراعها الأقوى في المنطقة.

إلى ذلك، لمست الولايات المتحدة وفق ما ينقل عن مسؤوليها عدم وضوح في الرؤية بعد “القضاء على حماس” في غزة كما وعدت اسرائيل، بالإضافة إلى تفضيلها تأجيل الحرب حتى تكتمل الاستعدادات الأميركية، لمواجهة ضربات حلفاء إيران في المنطقة، عدا عن السعي الى تحرير الرهائن لدى “حماس”، بعد أن شعرت أميركا أن ذلك ممكن بعد الافراج عن رهينتين أميركيتين بصورة مفاجئة يوم الجمعة الماضي.

في هذه الأثناء، يتزايد الضغط الدولي بسبب القصف الاسرائيلي الذي يقضي على مدنيين أكثر بكثير من هدف ضرب حركة “حماس”، بحيث رفع أكثر من 100 من أعضاء الكونغرس رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، طالبوا فيها بتحرك أميركي فوري، لمنع وقوع مزيد من الضحايا المدنيين في قطاع غزة. وأعرب الموقعون عن دعمهم لرد واشنطن على هجوم “حماس” ضد إسرائيل، لكنهم قالوا إن رد الأخيرة “يجب أن يكون متوافقاً مع القانون الدولي والقيم الديموقراطية المشتركة”.

توازياً، أعرب المئات من موظفي الاتحاد الأوروبي عن غضبهم من موقف رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بشأن الصراع بين إسرائيل و”حماس”، متهمين المفوضية بأنها “تشجع على تسريع جريمة حرب في غزة وشرعنتها”، على الرغم من أنهم يدينون هجوم “حماس”.

وعلى جبهة جنوب لبنان خيّم الهدوء أمس، فيما يبدو أنه خفض للتصعيد، وسط إشارات اسرائيلية عن اقتصار العملية البرية في غزة على هجمات “جراحية” من دون أن يكون غزواً برياً شاملاً. وعلم “لبنان الكبير” أن سبب الهدوء يعود إلى إعطاء فرصة للديبلوماسية العربية والأوروبية، بحيث كثفت كل من المملكة العربية السعودية وقطر اتصالاتهما بالمعنيين بالتصعيد. وبينما القنوات القطرية الحمساوية مفتوحة منذ بدء عملية الطوفان، تعمل السعودية على التواصل المكثف مع إيران، التي اتهمها البيت الأبيض بتسهيل الهجمات على قواعد أميركية في الشرق الأوسط، وسوريا، من أجل تجنب توسع الحرب في المنطقة. وتحاول فرنسا عبر علاقاتها مع إيران و”حزب الله” خفض التصعيد، وإعطاء فرصة للعمل الديبلوماسي.

وأشارت المعلومات إلى أن أميركا ليست بعيدة عن الجو، وقد نجحت حتى الآن في لجم اليمين المتطرف الاسرائيلي من القيام بأي دعسة ناقصة تؤدي إلى حرب أوسع نطاقاً، بل حتى أنها نجحت في فرملة العملية البرية، وبدأ الجو الاسرائيلي يتحدث عن عمليات برية محدودة.

وتبقى المشكلة الأساس هي كيفية خروج اسرائيل بانتصار يحقق الطمأنينة لمستوطنيها، ورأت مصادر قريبة من الممانعة في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “التدمير الكبير لقطاع غزة، بالاضافة إلى عمليات برية ذات هدف محدد، أي تدخل قوات برية تنفذ عملية معينة، قد تكون لاستهداف بعض قادة حماس، أو تفكيك منظومة لها في مكان معين ثم تخرج، يمكن أن يعلنه رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو كنصر ساحق”.

واعتبرت المصادر أن هذا يعني “المزيد من مآسي المدنيين الفلسطينين وتأجيل للمعركة النهائية بين حماس واسرائيل، إلى حين تكون أميركا جاهزة لتبعاتها في المنطقة”.

أما لبنان السياسة، الذي لا حول له ولا قوة مع عدم امتلاك حكومته قرار الحرب والسلم، فيبدو أن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل تلقف كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري حول الفرصة لانتخاب رئيس للجمهورية، وبدأ جولة على القوى السياسية استهلها بلقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ثم الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط على أن سيستكملها اليوم بلقاء الرئيس بري، وطلب موعداً من عدة كتل أخرى، باستثناء “القوات اللبنانية”، التي أوضحت مصادرها لـ “لبنان الكبير” أن باسيل لم يطلب موعداً من معراب لمعرفته أنها سترفض لقاءه.

شارك المقال