نصر الله يرسم حدود معركته… نتنياهو يريد الرهائن… بلينكن يصرخ بـ”حل الدولتين”

لبنان الكبير / مانشيت

فعلاً وقف بلد على “إجر واحدة”.

مأخوذاً الى مسار مدمر بإرادة فئة “غالبة” على أمر الكثير من أهله، أصيب لبنان أمس بشلل نصفي حقيقي، وهو يترقب كلمة “المرشد” حسن نصر الله لتكون بوصلة لـ”الحرب الكبرى” أو الاستمرار في “الانخراط الفاعل” في الحرب بين “طوفان الأقصى” الحمساوي و”السيوف الحديدية” الاسرائيلية، رافعاً الاصبع بحزم، من دون تهور، في وجه أميركا وإسرائيل. وبعدما رسم حدود القتال على طرفي الحدود، ترك الاحتمالات مفتوحة ورهناً بسلوك الطرفين العدوين.

كان الجمعة يوماً عادياً مبدئياً، ظلت درجة الحماوة والتوتر على حالها، وارتسم ربما للمرة الأولى “سقف سياسي” لمخرج من الحرب المستمرة بدموية استثنائية منذ نحو شهر.

قال نصر الله ما معناه: هذه حدود مشاركتنا في حرب “حماس” على اسرائيل، وهذه انجازاتتا، فلا تدفعونا الى المزيد. فيما كان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفع الصوت بحضور الأميركي انطوني بلينكن، مطالباً باطلاق الرهائن لدى “حماس” شرطاً لهدنة إنسانية، بينما الأميركي يؤكد بإصرار أن أمن إسرائيل لا يتحقق الا بـ”حل الدولتين”، وهو ما تشتغل عليه واشنطن بقوة هذه الأيام، إنظلاقاً من تدبير وضعية ما لقطاع غزة بافتراض سقوط “حكومة حماس”، محاولة حماية مصالحها في المنطقة المهددة فعلاً بـ”الجنون” الاسرائيلي بعد الضربة الموجعة صبيحة 7 تشرين الأول الماضي.

لكن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي سارع الى الرد على خطاب نصر الله بالقول: “نحن وشركاؤنا كنّا واضحين: على حزب الله وأطراف آخرين، سواء كانوا دولاً أو لا، ألّا يحاولوا استغلال النزاع القائم”، مضيفاً: “قد يتحول الأمر إلى حرب بين إسرائيل ولبنان أكثر دموية من حرب 2006”.

وتابع: “لا تريد الولايات المتحدة أن ترى هذا النزاع يتسع إلى لبنان. إن التدمير المحتمل الذي سيلحق بلبنان وشعبه لا يمكن تصوره ويمكن تجنبه”.

وحول تحميل نصر الله واشنطن مسؤولية العدوان الاسرائيلي على غزة، وتهديده باستهداف الأساطيل الأميركية، علّق كيربي بأنه لا يريد الدخول “في حرب كلامية”.

وبينما نصر الله يخطب في جمهوره، كان بلينكن يزور تل أبيب للمرة الثانية ليجدد الدعم لاسرائيل، إلا أنه شدد هذه المرة على المطالبة بهدنة انسانية، مؤكداً أن الادارة الأميركية تعتقد أن حل الصراع يكون عبر حل الدولتين، من دون أن يشرح تفاصيل تنفيذ الحل في ظل التصلب الاسرائيلي، الذي يحاول نقل أهل غزة إلى سيناء، وهو ما عززه كلام نتنياهو أمام بلينكن بأن اسرائيل ترفض التوصل إلى وقف لاطلاق النار قبل إعادة المحتجزين، كما ترفض دخول الفيول إلى غزة، على الرغم من ضرورته للحالة الانسانية المتدهورة في القطاع الذي تعيش مستشفياته على حافة الانهيار.

بعد عدة فيديوهات ترويجية مليئة بـ”الأكشن” منذ الاعلان عن الخطاب يوم الأحد، منذرة بتصعيد في كلامه، إلا أن خطاب نصر الله كما كان متوقعاً هو بغالبيته للبيئة الحاضنة التي كانت تتذمر من العدد الكبير لقتلى الحزب الذي وصل إلى 56 منذ بدء الحرب، بحيث طمأن جمهوره، معتبراً أن على الرغم من ضبط المعركة في قطر الـ ١٠ كيلومترات، فهذا لا يعني أن المعركة ليست كبرى، ومن الطبيعي أن يكون عدد المقاتلين الذين قتلوا مرتفعاً.

وبرّأ نصر الله حزبه ومحوره من عملية “طوفان الأقصى” تحت ذريعة أنها عملية سرية فلسطينية، ما عزز نظرية متداولة عن توريط “حماس” وتركها لمصيرها، فيما ستعمل إيران على تقوية فصيل تابع لها على حساب الحركة التي خانت “المحور” في سوريا على وقع الربيع العربي، فمن المعروف أن إيران تفضل فصيلاً شيعياً وهي تتحمل “حماس” التي تتقاطع مصالحها معها فقط.

أما في الجزء الصغير الذي يعتبر نبرة عالية من نصر الله، فقد كان هدفه التشديد على ثلاث نقاط: استمرار المعركة المضبوطة على الحدود للتخفيف عن غزة، احتمالية تصعيد الحزب وفق المجريات في غزة، الاعلان عن الاستعداد للأساطيل الأميركية التي أبحرت إلى شرق المتوسط لدعم الدولة العبرية، وهذه التهديدات رد عليها نتنياهو محذراً من مغبة ارتكاب أي خطأ بحق اسرائيل، قائلاً: “أي خطأ كهذا سيكلفه ثمناً باهظاً لا يمكن حتى تصوره”.

وعلى صعيد القوى السياسية فقد انقسمت الآراء حول الخطاب، في وقت بدأ بعض المعارضين بالسخرية من اللهجة الضعيفة لنصر الله، معتبراً أن التهديدات الأميركية لجمت الحزب، فيما وجد المعتدلون أمثال رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط أن نصر الله كان واقعياً في توصيف المأساة الفلسطينية، محمّلاً أميركا واسرائيل مسؤولية أي تصعيد.

ويتوقع أن يصعّد “حزب الله” من هجماته بعد خطاب نصر الله، إلا أنها ستكون مضبوطة بالقواعد غير المعلنة لهذه الاشتباكات، والأمين العام لمح إلى استهداف مدنيين اسرائيليين رداً على مقتل مدنيين لبنانيين بالقصف الاسرائيلي.

شارك المقال