شهر على الطوفان: غزة مقبرة… وسباق بين الدمار الاسرائيلي والقمتين

لبنان الكبير / مانشيت
فلسطينية تحمل طفلها وسط بنايات دمرها الجيش الإسرائيلي في مخيم المغازي بغزة (وكالة الأناضول)

شهر على “طوفان الأقصى” حين صحت إسرائيل على حقيقة هشاشة كيانها على الرغم من كل ترسانتها الحربية، وصحت المنطقة بكاملها على حقائق جغرا – سياسية، حيوية ومصيرية على امتداد الخريطة، قد دفنت جراء الدفع بتسويات مؤقتة ومختلة الجوهر لتسجيل نقاط في اتفاقات سلام بلا أساس، لتنفجر القضية المركزية، فلسطين مجدداً، جارفة الجميع الى طوفان دم وحدود يمكن أن تورط العالم في “حرب كبرى”، خصوصاً بعدما بلغ “جنون” اسرائيل حداً يدفع “العراب” الأميركي الى ضبطه لئلا تضيع استثمارات هائلة للولايات المتحدة راكمتها خلال عقود طويلة من تفردها بالقوة العالمية.

الصورة عشية يوم أمس لخصها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: غزة أصبحت مقبرة أطفال. غزة مقبرة لأكثر من 10 آلاف فلسطيني، ويبدو الآتي أبشع بالتأكيد مع “الجنون” الإسرائيلي الباحث عن “نصر” يعيد للكيان أسطورة التفوق، ما يعني أنه سيوغل أكثر في الدم والدمار خلال الأيام القليلة المقبلة قبل القمتين العربية والاسلامية في السعودية، السبت والأحد المقبلين، وسط استياء عارم مما يحصل في غزة.

لبنانياً، من الصعب استعادة الاستقرار كما كان في جنوب لبنان وفق ما تؤكد قوات الطوارئ الدولية، تحديداً بعد جولة عنيفة أول من أمس إثر قيام اسرائيل باستهداف سيارة مدنية أودت بحياة ٣ طفلات وجدتهن، بينما وصل والدهم إلى مطار رفيق الحريري أمس في حالة انهيار واضح، ولن يشفي غليله تقديم شكوى ستوضع في جوارير الشكاوى اللبنانية إلى الأمم المتحدة، حيث تقف أميركا سداً منيعاً في وجه أي محاولة ادانة للدولة العبرية.

وقد شهدت الحدود اللبنانية أمس جولة عنيفة بين قصف اسرائيلي مكثف على البلدات الحدودية وصليات صواريخ متعددة من الفصائل في الجنوب، وأعلن “حزب الله” عن مواقع الراهب والمالكية وجل الدير، بينما نفذ الجيش الاسرائيلي 3 غارات في محيط جبل صافي متخطياً قواعد الاشتباك من جديد، ما ينذر بمزيد من التصعيد، وسط اعتبار عضو حكومة الطوارئ الاسرائيلية أفيغدور ليبرمان أن إطلاق صواريخ من لبنان لا يتم من دون موافقة وتنسيق من الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، لافتا الى أن الحزب أطلق الصواريخ من لبنان وليس حركة “حماس”، ويجب عليه تحمل العواقب.

في الأثناء، يبدو أن نهاية الأسبوع ستكون مفصلية، بحيث تنعقد القمة العربية الطارئة يوم السبت لمناقشة الحرب في غزة، وتلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة لحضورها. وكذلك تنعقد الأحد القمة الاسلامية للشأن نفسه، وما بين القمتين كلمة ثانية لنصرالله منذ بدء الأحداث، إلا أنها لا يتوقع أن تحمل جديداً، كونها كلمة مناسبة سنوية، هي يوم شهيد “حزب الله”.

إلى ذلك، لا يزال التخبط سيد الموقف بشأن الفراغ في قيادة المؤسسة العسكرية الشهر المقبل، والذي تطرق إليه البطريرك الماروني بشارة الراعي قائلاً: “المؤسّسة العسكريّة اليوم هي أمام استحقاق مصيريّ يهدّد أمن البلاد. وليس من مصلحة الدولة اليوم إجراء أي تعديلات في القيادة، بل المطلوب بإلحاح انتخاب رئيس للجمهوريّة، فتسلم جميع المؤسّسات”. ويأتي موقف الراعي بعد موقف لرئيس مجلس النواب نبيه بري إثر تقديم “القوات اللبنانية” مشروع اقتراح للتمديد لقائد الجيش جوزيف عون الأسبوع الماضي، بدا كأنه يرفض التشريع كما يحلو للبعض، إلا أن أوساطاً سياسية تقرأ موقف بري بأنه تأديبي لمقاطعي جلسات التشريع، ولن يقبل صاحب مقولة “في المعركة لا تغير ضباطك” بفراغ المؤسسة العسكرية، في ظل حرب حقيقية يعيشها لبنان.

في غزة الكلمة الأخيرة ستكون للميدان، هل ستستطيع اسرائيل تفكيك “حماس” ووضع السيق القاطع تحت رقابة اسرائيلية مشددة، أم ستصمد الأخيرة وتمنع الدولة العبرية من تحقيق أي انتصار عسكري، على الرغم من كل الدمار والقتل بآلة الحرب الاسرائيلية للمدنيين الفلسطينيين، والذين تخطوا حاجز الـ 10 آلاف غالبيتهم من النساء والأطفال؟

المؤكد أن المعارك عنيفة شمال القطاع، وأفاد الجيش الاسرائيلي بشن 2500 غارة منذ بدء الأعمال البرية في محاولة لإخراج مقاتلي “حماس” المتحصنين داخل شبكة من الأنفاق، وكرر اتهامه للحركة بأنها تبيني أنفاقها قرب المستشفيات ودور العبادة والمدارس، فيما تجدد “حماس” نفي ادعاءات الجيش، وتخوض عناصرها معارك شرسة ضد القوات الاسرائيلية شمال قطاع غزة، وتستمر في إمطار المستوطنات بالصليات الصاروخية.

وفيما أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أنقرة أن واشنطن تسعى الى تأمين مزيد من المساعدات لغزة، أصدر مسؤولو الوكالات الرئيسة التابعة للأمم المتحدة مساء الأحد بياناً مشتركاً طالبوا فيه بـ “وقف فوري إنساني لإطلاق النار”. وأشاروا إلى وجوب السماح بدخول مزيد من الغذاء والماء والدواء والوقود إلى قطاع غزة لمساعدة السكان. وجاء في البيان: “نحتاج إلى وقف فوري لاطلاق النار لأسباب إنسانية. لقد مر 30 يوماً. هذا يكفي. يجب أن يتوقف هذا الآن”.

كذلك، دعا مسؤولو الوكالات الأممية “حماس” إلى إطلاق سراح أكثر من 240 رهينة خطفوا من إسرائيل ونقلوا إلى قطاع غزة في 7 تشرين الأول، حاضين كل جانب على احترام التزاماته بموجب القانون الدولي.

شارك المقال