هوكشتاين يختبر حدود الحرب بين لبنان واسرائيل

لبنان الكبير / مانشيت

بعد أن عاش لبنان الأسبوع الماضي هاجس انتظار المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية، أطل هذا الأسبوع المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين مستطلعاً نوايا المرشد من موقع حليفه في عين التينة، قبل أن يقوم بجولة شملت القيادات السياسية والأمنية، بعنوان تحييد لبنان عن الصراع، ولم يعرف إن كان المبعوث أتى مهدداً أم ناصحاً، مع وصول أساطيل بلاده إلى شرق المتوسط ترافقها غواصة نووية، فيما يتوقع أن يكون الرد على الزيارة يوم السبت حين يتحدث المرشد في مناسية سنوية تتزامن “صدفة” مع قمة عربية طارئة لتناقش الحرب، بينما تدل كل الصولات والجولات على أن لبنان أصبح يعيش بين المبعوث والمرشد.

أما صاحب الشأن في الجبهة الأخرى أي الكيان الاسرائيلي، فهو غارق في غزة وليس لديه تصور عن اليوم التالي بعد الحرب، في حال استطاع تحقيق أهدافه أي القضاء على “حماس”، على الرغم من تصريحات رئيسه بنيامين نتنياهو، التي اعتبرت غير واضحة، عن نية اسرائيل تولي المسؤولية الأمنية الشاملة للقطاع. وقد أدى الدعم الدولي وحشد الأساطيل الغربية أمام شواطئه، إلى ارتفاع أصوات المتشددين مطالبين باستغلال الأجواء وتوجيه ضربة استباقية الى “حزب الله” وغيره من الميليشيات الايرانية في سوريا والعراق واليمن، إلا أن الداعم الأكبر للدولة العبرية أميركا، ترفض تولي اسرئيل مسؤولية القطاع، كما ترفض توجيه ضربات الى الميليشيات الايرانية في المنطقة.

وكان نتنياهو قال لوسائل إعلامية: “أعتقد أن إسرائيل ستتولى لفترة غير محددة المسؤولية الأمنية الشاملة لأننا رأينا ما يحدث عندما لا نتولاها. عندما لا نتولى تلك المسؤولية الأمنية، فما يكون لدينا هو اندلاع إرهاب (حماس) على نطاق ما كان بإمكاننا تخيله”. وهي تعتبر المرة الأولى التي يتحدث فيها نتنياهو عن رؤية الدولة العبرية لما بعد الحرب، إلا أن الحلفاء وحتى المحللين الاسرائيليين وجدوا في كلامه غموضاً، بحيث لم يوضح ما يقصده بحجم المسؤولية الأمنية، هل يريد إعادة احتلال القطاع أو فرض شريط أمني في شماله، أو أنه يتحدث عن استمرار العمليات في القطاع حتى بعد أن تنسحب القوات الاسرائيلية منه؟

وفيما اعتبر مسؤولون اسرائيليون أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة القادرة على تولي السيطرة على قطاع غزة بعد الحرب، أعلنت السلطة رفضها بصورة قاطعة العودة إلى غزة على ظهر الدبابة الاسرائيلية، وعلى ما يبدو أن هذا الغموض حول الخطة الاسرائيلية لليوم الذي يلي الحرب هو ما دعا الادارة الأميركية إلى رفض “إعادة احتلال القطاع”.

أما “حماس” فيبدو أنها مستعدة للانخراط في مسار قد تتولاه السلطة الفلسطينية، وقد أطلق رئيسها اسماعيل هنية مبادرة وقف إطلاق النار من هذا المنطلق، كونها تعيش هاجس انهيار حكمها بالحرب الاسرائيلية عليها، في ظل ضوء أخضر أميركي للدولة العبرية لاستعادة قوة الردع، التي فقدتها في 7 تشرين الأول.

ولكن الكلمة في نهاية المطاف ستكون للميدان، ولا يمكن معرفة مجرياته في ظل عدم إمكان التحقق من إدعاءات الطرفين، اسرائيل و”حماس”، فالأولى تقول ان قواتها توغلت في عمق مدينة غزة، وانها كل ساعة تقتل مسلحين وتكشف أنفاقاً وتدمر أسلحة، مؤكدة أنها حاصرت المدينة كلياً، فيما تؤكد “حماس” أن مقاتليها يلحقون خسائر وأضراراً فادحة بالقوات الإسرائيلية التي تتقدم، وتنشر فصائلها مقاطع فيديو لاستهداف دبابات وتجمعات للجنود الاسرائيليين المتوغلين في القطاع.

وقد شهد يوم أمس حركة نزوح لعائلات فلسطينية من شمال غزة باتجاه جنوبها، في ممر أمّنه الجيش الاسرائيلي بعد منحه السكان مهلة ساعتين ظهراً لإخلاء الشمال، إلا أن تقديرات وزارة الصحة الفلسطينية تقول ان حوالي 900 ألف فلسطيني ما زالوا يعيشون في شمال القطاع.

أما لبنان الذي شيّع أمس ثلاث طفلات قتلن بغارة اسرائيلية، فيعيش هاجس توسع الحرب في أي لحظة، وقد حذر قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان “اليونيفيل” الجنرال أرولدو لاثارو من احتمال خروج الوضع على طول الخط الأزرق بين إسرائيل وجنوب لبنان عن السيطرة، مشيراً إلى أن “جنود حفظ السلام على طول الخط الأزرق يعملون في ظروف معقدة وصعبة للغاية”. وقال: “نواصل حث الجميع على وقف إطلاق النار ووقف أي أعمال قد تعرض المدنيين أو أفراد الأمم المتحدة للخطر، أو تدفع هذه المنطقة الجميلة إلى الصراع”.

وكان كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن، آموس هوكشتاين وصل أمس في زيارة إلى لبنان، بدأها من عين التينة، وعلم “لبنان الكبير” أن الزيارة هدفها الأساس استطلاعي من ناحية استشراف إن كان لبنان سيلتزم بالقرار 1701. وأشارت مصادر قريبة من جو عين التينة إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعاد التأكيد أن العدو الاسرائيلي هو من بدأ بالاعتداء، فضرب المدنيين، والأطفال والاسعاف. وسأل بري هوكشتاين إن كانت دولته سجلت اعتداء من المقاومة على المدنيين، أو إن أقدمت على قصف عشوائي كما يفعل جيش العدو. وشدد بري على وجوب أن تردع أميركا اسرائيل أولاً وأخيراً، لافتا إلى أن المقاومة لطالما كانت رد فعل على الأفعال الاجرامية للعدو. وذكر بري هوكشتاين بحق لبنان في المقاومة لأن له أراضٍ محتلة، ومن مسؤولية المقاومة تحريرها.

شارك المقال