العدالة لأطفال الغوطة… خطة عشرية للأمم المتحدة لوقف نار غزة

لبنان الكبير / مانشيت

قد يطغى الاجرام الاسرائيلي في غزة على جرائم طغاة آخرين، إلا أن الضوء عاد ليسلّط مجدّداً على المجزرة المروعة التي ارتكبها النظام السوري منذ عقد من الزمن في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام، بعدما أصدر القضاء الفرنسي أمس مذكرة توقيف بحق رئيس النظام بشار الأسد وشقيقه ماهر وعميدين في جيشه، علها تنصف أكثر من ألف قتيل قضوا بغاز السارين الأسدي، عدد كبير منهم أطفال اختنقوا أمام عدسات الكاميرات، فيما تنتظر مجازر النظام الأخرى القرارات القضائية في المحاكم الفرنسية المزدحمة بالدعوات بحقه.

إلى ذلك، وبينما أعلنت الأمم المتحدة أمس عن خطة مؤلفة من عشر نقاط تهدف إلى وقف القتل والدمار في قطاع غزة، داعية المجتمع الدولي إلى بذل كل ما في وسعه لدعم الخطة وتنفيذها لوضع حد للحرب الدائرة منذ 40 يوماً، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2712 الذي يدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة في جميع أنحاء قطاع غزة والافراج الفوري عن جميع الرهائن بتأييد 12 عضواً وامتناع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والمملكة المتحدة عن التصويت.

والعنوان الأبرز أمس كان مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرها القضاء الفرنسي بحق الرئيس بشار الأسد، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الانسانية جراء هجمات كيميائية صيف العام 2013 في سوريا، وفق ما أعلن مقدمو الدعوى.

وأكد مصدر قضائي إرسال 4 مذكرات توقيف بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في هجمات بغاز السارين استهدفت في 21 آب 2013 الغوطة الشرقية ومعضمية الشام قرب دمشق، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص، وفق ما أعلنت واشنطن وناشطون. وتستهدف مذكرات التوقيف الى جانب بشار، شقيقه ماهر القائد الفعلي للفرقة الرابعة في الجيش السوري وعميدين آخرين.

أما في لبنان فقد تصدر عنوانان العناوين السياسية، التمديد لقائد الجيش، الذي يبدو أنه سيتحول إلى تمديد لقادة الأجهزة الأمنية، والقرار 1701 الذي يجتمع مجلس الأمن الدولي للبحث فيه في 22 الجاري.

في الملف الأول وبعد تطيير نصاب جلسة الحكومة أول من أمس، قدم تكتل “الاعتدال الوطني” اقتراح قانون يرمي الى التمديد لقادة الأجهزة الأمنية مدة سنة. وتوجه التكتل إلى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أعاد تأكيد جهوزيته لإقرار التمديد في مجلس النواب في حال فشل مجلس الوزراء، صاحب الصلاحية الأساس في ذلك.

وفي الملف الثاني، قالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا بعد لقائها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “أردت، بعد قمة الدول العربية في الرياض، أن التقي الرئيس ميقاتي ونتبادل الآراء خصوصاً وأن مجلس الأمن سيعقد في 22 تشرين الثاني اجتماعاً للبحث في القرار 1701 والتطورات الجديدة في لبنان”.

في السياق، رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “ما يجري في الجنوب اللبناني لا يخدم أحداً خصوصاً لبنان وشعبه، من هنا، وجوب ضمان الاستقرار على الحدود من خلال إعادة ترسيخ مفاعيل القرار 1701 وحسن تطبيقه، على أن يتولّى الجيش اللبناني هذه المهمة بمؤازرة قوى حفظ السلام الدولية، عندها نكون حافظنا على أمن اللبنانيين وسلامتهم وحمينا مصالحهم وأنقذناهم من النيران المستعرة في الجنوب”.

وكان ميدان الجنوب هادئاً نسبياً أمس مقارنة بالأيام السابقة، على الرغم من حصول قصف متبادل متقطع، بحيث استهدف “حزب الله” بضعة مواقع اسرائيلية في المستعمرات الجنوبية، بينما قصف الجيش الاسرائيلي أطراف بعض البلدات الحدودية بالمدفعية.

في غزة، اقتحم الجيش الاسرائيلي فجر امس “مجمع الشفاء الطبي”، أكبر مستشفيات القطاع، حيث لا يزال هناك أكثر من ألفي فلسطيني، بعد معارك عنيفة في محيط المنشأة التي تتهم اسرائيل “حماس” باستخدامها لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الأخيرة.

وبينما أدانت وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية اقتحام الجيش الاسرائيلي “مجمع الشفاء”، معتبرة إياه “انتهاكاً صارخاً” للقانون الدولي والانساني، لم يمر الاقتحام من دون تنديد دولي، بحيث اعتبر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أن “المعلومات حول الاقتحام العسكري لمستشفى الشفاء تثير القلق البالغ”.

وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدورها عن “قلقها العميق” إزاء عواقب اقتحام “مجمع الشفاء الطبي”، مؤكدة وجوب “حماية المرضى والطاقم الطبي والمدنيين في جميع الأوقات”.

ودان الأردن على لسان وزير خارجيته صمت مجلس الأمن الدولي إزاء “الهمجية” في اقتحام الجيش الاسرائيلي “مجمع الشفاء الطبي”، معتبراً أنه يغطي بذلك “جرائم الحرب”. فيما انتقدت الحكومة النروجية القتال بالقرب من المستشفيات، وقال وزير الخارجية إسبن بارث إيدي: “هذا أمر مبالغ فيه ولا يمكن قبوله، ويؤدي إلى تفاقم الوضع الانساني المروع بالفعل في غزة”.

ودعا رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز إسرائيل الى وضع حدّ لـ”القتل الأعمى للفلسطينيين”، مطالباً بـ “وقف فوري لإطلاق النار”. وتعهّد أن تعمل حكومته الجديدة “في أوروبا وفي إسبانيا من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية”.

وبعد سقوط أكثر من 11 ألف قتيل يبدو أن “حماس” خفضت سقف التفاوض، بحيث نقلت وسائل الاعلام عن مسؤول قطري مطلع على التفاوض من أجل إطلاق الرهائن أن الحركة وافقت على مقترح بإطلاق 50 رهينة مقابل هدنة 3 أيام. وكانت “كتائب القسام” أعلنت يوم الاثنين عن استعدادها للإفراج عن 70 امرأة وطفل مقابل هدنة 5 أيام، إلا أن هذه الاتفاقات تواجه عراقيل تحديداً من الناحية الاسرائيلية، اذ قال وزير الدفاع الاسرائيلي السابق بيني غانتس في مؤتمر صحافي أمس: “حتى إذا تطلب الأمر منا وقفاً مؤقتاً في القتال من أجل إعادة رهائننا فلن يكون هناك وقف في المعارك والحرب لحين تحقيق أهدافنا”.

أما عن خطة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة، فقال وكيل الأمين العام للشؤون الانسانية ومنسق الاغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث في بيان إنه لا يمكن السماح باستمرار القتل والدمار في غزة، وحث أطراف الصراع على احترام القانون الدولي الإنساني والموافقة على وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.

وأوضح غريفيث أن الخطة تتضمن تسهيل جهود وكالات الإغاثة لضمان التدفق المستمر والآمن لقوافل المساعدات، وفتح نقاط عبور إضافية لدخول الشاحنات التجارية والمساعدات، والسماح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى بالحصول على الوقود بكميات كافية.

كما تشمل الخطة تمكين المنظمات الإنسانية من إيصال المساعدات في كافة أنحاء غزة دون عائق، والسماح بتوسيع عدد الملاجئ الآمنة للنازحين في المدارس والمرافق العامة الأخرى في أنحاء غزة، وتحسين آلية “الإخطار الإنساني” للمساعدة في تجنيب المدنيين والبنية التحتية المدنية للأعمال العدائية، والسماح بإنشاء مراكز توزيع إغاثة للمدنيين حسب الاحتياجات.

ووصف غريفيث الخطة بأنها شاملة، لكنه شدد على ضرورة الدعم الدولي الواسع لها، داعياً العالم إلى التحرك “قبل فوات الأوان”.

ومساء، اعتمد مجلس الأمن القرار رقم 2712 الذي يدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة لفترات أطول في جميع أنحاء قطاع غزة لعدد كاف من الأيام لتمكين الوكالات الإنسانية الأممية وشركائها من الوصول الكامل والعاجل ومن دون عوائق لتقديم المساعدة الانسانية، وإلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، ولا سيما الأطفال، الذين تحتجزهم “حماس” وغيرها من الجماعات.

وأهاب بجميع الأطراف الامتناع عن حرمان السكان المدنيين في غزة من الخدمات الأساسية والمساعدة الانسانية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.

أيد القرار 12 عضواً وامتناع الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة عن التصويت.

قبل التصويت اقترح السفير الروسي لدى الأمم المتحدة إضافة تعديل شفهي لمشروع القرار يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تؤدي إلى وقف الاعمال العدائية. وطرح رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، السفير الصيني، التعديل للتصويت، فأيده 5 أعضاء واعترضت عليه الولايات المتحدة وامتنع 9 أعضاء عن التصويت. وبذلك لم يُعتمد التعديل لعدم حصوله على العدد الكافي من الأصوات.

وكانت هذه هي المحاولة الخامسة في المجلس لاعتماد مشروع قرار حول التصعيد في غزة وإسرائيل منذ السابع من تشرين الأول. ولم يتمكن المجلس في المرات السابقة من اعتماد أي من مشاريع القرارات التي طرحت عليه إما لاستخدام الفيتو أو عدم الحصول على العدد الكافي من الأصوات.

وقدمت مشروع القرار مالطة، التي ترأس مجموعة عمل مجلس الأمن حول الأطفال والصراعات المسلحة.

شارك المقال