العدالة تلاحق الأسد… لبنان على سخونة الحدود والتمديد للقائد

لبنان الكبير / مانشيت

يبدو أن مسبحة العدل للشعب السوري ستكر واحدة تلو الأخرى، فبعد صدور مذكرة التوقيف بحق رئيس النظام السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر وعميدين في جيشه الأربعاء، أمر قضاة في محكمة العدل الدولية أمس، سوريا باتخاذ إجراءات لوقف التعذيب، في إطار تدابير طارئة في قضية رفعتها هولندا وكندا على دمشق في هذه المحكمة، وعلى الرغم من أن هذه المحاكم قد لا تتمكن من تنفيذ قراراتها إلا أنها بالتأكيد تشكل ضغطاً على النظام السوري، الذي كان رئيسه يحاضر بالجرائم ضد الانسانية في غزة في القمة العربية – الاسلامية السبت الفائت، كأن يديه ليستا ملطختين بدماء الأبرياء والأطفال من شعبه.

أما لبنان فيشهد تسخيناً على جبهتين، الأولى هي الجنوبية التي اشتدت فيها وتيرة القصف المتبادل أمس، أما الثانية فهي جبهة التمديد لقائد الجيش جوزيف عون، والتي يبدو أنها شبه محسومة عند غالبية القوى السياسية لئلا يقع الفراغ في رأس المؤسسة العسكرية في ظل وضع أمني دقيق كالذي يعيشه البلد اليوم، إلا أن “التيار الوطني الحر” يزيد من صراخه معترضاً، مدعياً حرصه على نصوص الدستور والقوانين التي داس عليها لمدة ست سنوات من عهد جهنم.

وكان نصاب مجلس الوزراء قد تأمن أمس إلا أن ملف التمديد لم يطرح، وذلك بسبب البحث عن الصيغة الفضلى لإقرار التمديد، وتحصينها، كي لا يتمكن التيار من ضربها بطعن دستوري. وأقر في الجلسة التمديد لـ”ليبان بوست”، فيما أرجئ البحث في ملف “ستارلينك” ورفع التعويضات العائلية في الضمان. وافتتح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الجلسة بهجوم لاذع على التيار من دون أن يسميه، قائلاً: “حاول البعض ادخال الحكومة مجدداً في نقاشات ظاهرها دستوري وسياسي وباطنها تعطيلي استئثاري، لكننا عازمون على المضي في عملنا، مبتعدين عن السجالات العقيمة التي ملّها اللبنانيون، مؤكدين أن الحكومة تعمل وفق ما تراه مناسباً وليس وفق أجندات يحاول البعض فرضها على استحقاقات أساسية في هذه المرحلة المفصلية. وفي مطلق الأحوال، فإن أي قرار سنتخذه بالنسبة الى أي استحقاق داهم سيكون منطلقه بالدرجة الأولى مصلحة الوطن وأولوية تحصين المؤسسات في هذه المرحلة الدقيقة. وحتماً لن تكون الحكومة ساحة يستخدمها من يريد تصفية حسابات شخصية ومنازعات فردية على حساب المصلحة العامة”.

أما الجبهة الجنوبية فقد شهدت أعنف الأيام منذ بدء الحرب، بعد اشتداد حدة القصف بين إسرائيل و”حزب الله”، والذي طال بالمدفعية والمسيرات، أكثر من 12 قرية على طول الحدود اللبنانية، فيما رد الحزب بقصف 8 مواقع اسرائيلية في المستوطنات الشمالية. وكان الجيش الاسرائيلي استهدف مرتفعات كفرشوبا وأطراف ميس الجبل ومحيبيب وسهل مرجعيون، وقصفت المدفعية بالقذائف المتفجرة والفوسفورية مرتفعات السلسلة الشرقية لجبل الشيخ في محلة بسطرة وشانوح وعلى بلدة كفرشوبا، وطال القصف أطراف عيترون، وكفركلا، التي أفيد عن سقوط إصابات فيها، كما تعرضت أطراف بلدة عيتا الشعب للقصف الذي طال منطقة اللبونة والناقورة اللتين تعرضتا لغارات إسرائيلية، فيما أفاد الجيش الاسرائيلي بأنه ضرب “خلية” في لبنان حاولت إطلاق صواريخ مضادة للدبابات باتجاه إسرائيل. وأعلن “حزب الله” في بيانات منفصلة أنه استهدف 8 مواقع إسرائيلية، بما في ذلك مجموعة جنود إسرائيليين وثكنة ومواقع عسكرية أخرى. واستهدفت الضربات مواقع ‏مسكاف عام و‏بياض بليدا، وثكنة ‏يفتاح، وموقع المطلة، وموقع هرمون. كما أعلن استهداف تجمع لقوة مشاة إسرائيلية على تلة الكرنتينا قرب موقع حدب يارون، وتجمع آخر لجنود إسرائيليين ‏بالقرب من موقع شتولا.

في الميدان الفلسطيني، أمرت إسرائيل المدنيين بمغادرة أربع بلدات في الجزء الجنوبي من قطاع غزة أمس، الأمر الذي زاد المخاوف من توسع نطاق حربها على حركة “حماس” الى مناطق أبلغت الناس قبل ذلك أنها آمنة ليتجهوا لها. وأمرت منشورات أسقطتها طائرة إسرائيلية خلال الليل المدنيين بمغادرة خزاعة وعبسان وبني سهيلا والقرارة على المشارف الشرقية لمدينة خان يونس في جنوب القطاع، ويقدر عدد الساكنين فيها أكثر من 100 ألف نسمة في أيام السلم لكنها تؤوي حالياً أعداداً إضافية تقدر بعشرات الآلاف ممن فروا من مناطق أخرى.

وفي شمال القطاع، أعلنت إسرائيل أن قواتها لا تزال موجودة في “مجمع الشفاء الطبي” ولكن من دون تقديم أي تفاصيل عن العمليات هناك منذ يوم الأربعاء، عندما اقتحمت قواتها المجمع بعد حصاره لأيام. وبعد يوم من دخولها الى المستشفى، لم تقدم إسرائيل أدلة بعد تظهر ما زعمت أنه يشكل مقراً موسعاً لـ “حماس” في شبكة أنفاق تحت المنشأة، وهو ما قالت إنه يبرر اعتبار المستشفى هدفاً عسكرياً.

وفي معرض الدعم الايراني لحركة “حماس”، نقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية شبه الرسمية للأنباء عن قائد “فيلق القدس” إسماعيل قاآني قوله في رسالة إلى قادة “حماس” أمس: “إن إخوانكم في محور المقاومة متحدون معكم… المقاومة لن تسمح للعدو بتحقيق أهدافه القذرة في غزة وفلسطين”.

ويثير مصير قطاع غزة بعد الحرب الجدل، بحيث قال الرئيس الاسرائيلي إسحق هرتسوغ إن إسرائيل سيتعين عليها الإبقاء على “قوة قوية” في غزة في المستقبل القريب لمنع حركة “حماس” من العودة الى الظهور في القطاع بعد الحرب، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن حذر من أن احتلال القطاع سيكون “خطأ كبيراً”.

وأشار بايدن الأربعاء الى أنه أوضح لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتسوية الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني وأن احتلال قطاع غزة سيكون “خطأ كبيراً”.

ولا يزال الموضوع الانساني في غزة مصدر قلق عالمي، وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن الصور التي نشرتها إسرائيل لأسلحة تقول إن جنودها عثروا عليها داخل أكبر مستشفى في قطاع غزة ليست كافية لتبرير إلغاء وضع المستشفى باعتباره محمياً بموجب قوانين الحرب. بينما حذر برنامج الأغذية العالمي من أن السكان يواجهون “احتمالاً مباشراً للموت جوعاً” في قطاع غزة، حيث أصبحت “امدادات الغذاء والمياه معدومة عملياً”.

وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين في بيان: “مع اقتراب فصل الشتاء، والملاجئ غير الآمنة والمكتظة، ونقص المياه النظيفة، يواجه المدنيون احتمالاً مباشراً للموت جوعاً”. وأكدت أن “لا طريقة لتلبية احتياجات الجوع الحالية من خلال معبر حدودي واحد قيد التشغيل” في إشارة إلى المساعدات عبر معبر رفح، معتبرة أن “الأمل الوحيد هو فتح ممر آمن آخر لوصول المساعدات الانسانية من أجل جلب الغذاء الضروري للحياة إلى غزة”.

وبحسب البرنامج فإن نقص الوقود يعرقل أيضاً إيصال الطعام، بسبب عدم قدرة الشاحنات التي وصلت من مصر الثلاثاء على الوصول الى المدنيين بسبب نقص الوقود. وأوضح أن “الأغذية التي دخلت غزة لا تكفي سوى لتلبية 7 في المئة من الحد الأدنى اليومي من احتياجات السكان من السعرات الحرارية”.

فيما أعرب فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن اعتقاده أن هناك محاولة متعمدة “لخنق” عملها الانساني في غزة، محذراً من أن الوكالة قد تضطر إلى تعليق عملياتها بالكامل بسبب نقص الوقود.

ونددت فرنسا أمس بأعمال العنف التي ينفذها المستوطنون الاسرائيليون في الضفة الغربية، ووصفتها بأنها “سياسة إرهاب” تهدف إلى تهجير الفلسطينيين. وحثت السلطات الاسرائيلية على حماية الفلسطينيين من العنف.

شارك المقال