تصعيد جنوبي عشية هدنة غزة… لودريان إلى بيروت

لبنان الكبير / مانشيت

تدخل الهدنة الانسانية في غزة التي سعت إليها الولايات المتحدة الأميركية بواسطة قطر الساعة 7 من صباح اليوم حيز التنفيذ، بعد أن تأجلت أمس بسبب “تفاصيل أخيرة”، بالتزامن مع تصعيد دموي على الحدود الجنوبية اللبنانية، هو الأعنف منذ بدء الحرب، عقب استهداف إسرائيلي لمنزل فجر الخميس في بلدة بيت ياحون، على بعد 12 كيلومتراً من الحدود، كانت موجودة داخله وحدة من قوة “الرضوان” التي تعد النخبة في “حزب الله”، ما أسفر عن سقوط الوحدة بأكلمها قتلى مع قائدها، وهم 5 عناصر بينهم نجل رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد. وشن الحزب على اثرها عدة عمليات ضد المواقع الاسرائيلية وصلت إلى 20، بينها استهداف منزل في المنارة أعلن الحزب أنه قتل فيه 4 جنود إسرائيليين. ولم يعرف ما إذا كانت الهدنة ستشمل لبنان مع غزة، أم أن الحدود ستبقى مشتعلة بعد التصعيد؟

ومن جبهة الجنوب الساخنة إلى الجبهة الشمالية، حيث ساد التوتر شوارع طرابلس، حيث تجول عدد كبير من المسلحين راجلين وعلى دراجاتهم النارية، وأفيد أن اشكالاً وقع بين مناصرين لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وآخرين على خلفية تمزيق وحرق صورة للأخير كانت قد علقت على دوار بيستاشيو. وعلم أن الحادثة حصلت بسبب عدم إعلان الحداد الرسمي من الحكومة، على شابين من المدينة قتلا في قصف إسرائيلي أول من أمس استهدف سيارة لمسؤولين في “كتائب القسام”.

وعلى الرغم من أن الاستحقاقات الداخلية، عدا موضوع قيادة الجيش، تبدو وكأنها في مكانة ثانوية في ظل الحرب، إلا أن السفير الفرنسي في بيروت هيرفي ماغرو أعاد خلال لقائه لجنة الصداقة النيابية اللبنانية الفرنسية في مجلس النواب، إحياء الحديث في ملف رئاسة الجمهورية، كاشفاً عن زيارة رابعة يعتزم القيام بها الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان متابعة للملف اللبناني والاستحقاق الرئاسي لتحصين لبنان تجاه ما يحصل ميدانياً.

وفي هذا الاطار، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري في حديث صحافي أنه سيدعو الى جلسة تشريعية في النصف الأول من الشهر المقبل بجدول متكامل. وقال: “إذا حضر حزب القوات اللبنانية الى الجلسة فأهلاً وسهلاً وإذا لم يحضر فيناقضون أنفسهم بأنفسِهم في هذه الحالة”.

وعن إشكالية قيادة الجيش، أشار بري الى أن جبران باسيل يريد التعيين وسمير جعجع يريد التمديد “وبيزعلوا مني لما قول المشكل مسيحي – مسيحي”، مؤكداً أن “الخيارات محصورة بين التعيين أو التمديد ولا خيار ثالث ولا تكليف”.

ورداً على سؤال حول الهدنة الانسانية في غزة، كانت لافتة اجابة الرئيس بري: “شو بصير بغزة بصير بلبنان وإذا حصل إخلال في غزة سيحصل إخلال في لبنان على اعتبار أن ما يحصل في الجنوب هو من أجل غزة”.

وبعد ما يقارب الـ 50 يوماً من الحرب، قبلت كل من إسرائيل و”حماس” باتفاق هدنة توسطت فيه قطر، يدخل حيز التنفيذ الساعة السابعة صباح اليوم الجمعة بالتوقيت المحلي. وأشارت الخارجية القطرية الى أن الدفعة الأولى من الرهائن المدنيين سيتم تسليمها في الرابعة من عصر اليوم، وأن عدد من سيفرج عنهم من الاسرائيليين في اليوم الأول 13 من النساء والأطفال، وخلال أيام التهدئة الأربعة سيجري النظر في إمكان الإفراج عن عدد أكبر من الرهائن وتمديد الهدنة.

وبينما أوضح المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن دخول المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة خلال الهدنة سيتضمن دخول عمال الاغاثة، أعلن أن نطاق وقف إطلاق النار سيكون “شاملاً” في جميع مناطق قطاع غزة شمالاً وجنوباً، معرباً عن أمله في “أن تتاح الفرصة مع بداية الهدنة للعمل من أجل هدنة دائمة وسلام دائم”، متمنياً عدم حدوث أي خروق. في المقابل، صرح وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت بأن القتال سيستأنف لشهرين على الأقل فور انتهاء الهدنة، وسط استمرار القوات الاسرائيلية في اعتقالاتها، ومن أبرز المعتقلين مدير “مجمع الشفاء الطبي” محمد أبو سلمية، الأمر الذي أثار إدانات فلسطينية وانتقادات لمنظمة الصحة العالمية.

وفي انتظار سريان الهدنة، جددت إسرائيل قصفها لعدة مناطق في شمال قطاع غزة وهاجمت أهدافاً قالت إنها تابعة لحركة “حماس”. وذكر المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هغاري في بيان، أن الجيش هاجم 300 هدف في قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، واستهدف “مقرات عمليات وأنفاقاً تحت الأرض ومخازن للعبوات الناسفة ومواقع إطلاق صواريخ”. بينما أعلنت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة “الجهاد الاسلامي” أن مقاتليها يخوضون اشتباكات عنيفة مع القوات الاسرائيلية في محاور شمال قطاع غزة، و”استهدفوا آليتين عسكريتين إسرائيليتين بالقذائف الصاروخية”.

وفي الجبهة اللبنانية وبعد مقتل وحدة من قوة “الرضوان”، شن “حزب الله” أعنف هجماته على المواقع الاسرائيلية، وأعلن في بيانات عن 22 عملية منفصلة، أبرزها قاعدة زيتيم قرب مدينة صفد (مقر لواء المشاة الثالث التابع للفرقة 91)، التي قصفها بـ 48 صاروخ ‌‏كاتيوشا، أما المواقع الأخرى فهي: بياض بليدا، البغدادي، العاصي، المنارة، المرج، تل الطيحة، الراهب، راميا المالكية، حرش حانيتا، بركة ريشة وخربة ماع، وكذلك استهدف ثكنات زرعيت، ميتات ويفتاح.

في حين أعلن الجيش الاسرائيلي أن طوافاته وطائراته الحربية استهدفت “بنية تحتية ومواقع إطلاق صواريخ” تابعة لـ “حزب الله”، كما أن قواته شنت غارات جوية وقصفت بالدبابات خلية “أطلقت صاروخاً مضاداً للدبابات”.

وسجل قصف إسرائيلي على اطراف بلدات: رشاف، عيتا الشعب، مجدل زون، طيرحرفا، كفركلا، العديسة، الخيام، راشيا الفخار، حرش هورا بين ديرميماس وكفركلا، تلة العويضة، تل نحاس، وحمامص سردا وعلى منطقتي اللبونة في الناقورة وخراج طير حرفا. وفيما اُطلقت القنابل الحارقة على أحراج بلدة علما الشعب، سقطت صواريخ اسرائيلية في خراج رميش ويارون وعين إبل بين المنازل وعليها، جراء اعتراض القبة الحديدة للصواريخ المطلقة من جنوب لبنان.

وسط هذه الأجواء، استقبل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان، الذي التقى أيضاً قيادات فلسطينية على هامش زيارته إلى بيروت.

وبرز أمس استقبال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي وفد المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى برئاسة نائب رئيس المجلس العلامة الشيخ علي الخطيب. وقال الراعي بعد ترحيبه بالوفد: “الحرب على غزة تجعلنا ندرك أن الهدف هو اطفاء القضية الفلسطينية ولكن هذه القضية لا تموت”.

أضاف: “نحن أمام مأساة كبيرة من تاريخ البشرية ونصلي الى الله لكي يضع حداً لهذه الحرب”. وقدم التعازي بالشهداء الذين سقطوا وآخرهم نجل النائب محمد رعد، مشيراً الى “أننا سنتصل بالنائب رعد لتعزيته بنجله ولتكن دماء الشهداء من أجل لبنان حفاظاً للبلد ليظل أرض التلاقي والعيش المشترك”. كما طالب البطريرك بضرورة “عقد قمة روحية في أسرع وقت لاراحة الشعب اللبناني ولاتخاذ موقف واحد”، معتبراً أن “الجميع خاسرون في الحرب، وهي لن تحل يوماً أي قضية وإله السلام يريد السلام لكي يعيش الناس في طمأنينة وأمان”.

ورد الشيخ الخطيب على كلام الراعي حول موضوع القمة الروحية، قائلاً: “هذه القمة جيدة وستكون لي لقاءات مع مختلف المرجعيات الروحية للتوصل الى تعيين موعد لها والمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى مستعد لاستضافتها”.

شارك المقال