“الرئاسة” بين العلولا ولودريان… وماكرون يحذر من الانجرار للحرب

لبنان الكبير / مانشيت

أعظم قصة نجاح، هو عنوان رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لبلده، وقد بدأ بشق الطريق عبر خطط تنافس الدول العظمى، ووصل أمس إلى الفوز باستقبال “اكسبو 2030″، الذي سيكون أحد أركان “رؤية 2030”.

من السعودية المتألقة على المسرح الدولي، الى شبه الدولة، لبنان. فلا الانهيار ولا اهتزاز الأمن الاجتماعي ولا الحرب “المضبوطة” التي كان يمكن أن تتطور الى شاملة، استطاعت أن تحقق خرقاً في المواقف الصلبة لدى القوى السياسية، وحثّها على التحرك لانهاء الشغور الرئاسي، وهي تستمر في المراوحة وتنتظر مبعوث الأم الحنون، عله يستطيع أن يقنعها بالقيام بواجبها الدستوري والوطني، إلا أن المتوقع أن لا جان ايف لودريان ولا الخماسية الدولية كلها سيتمكنان من تغيير رأي السياسيين تحديداً في ظل تمسك شيعي لا يتزحزح بمرشح واحد.

وفي غزة، يبدو أن الهدنة تجر الهدنة، مع سعي عربي تقوده قطر ومصر، ودولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، الى فرض هدنة مستدامة، تنهي المأساة في غزة. واجتمع لهذا الأمر ثلاثة رؤساء أجهزة استخبارات في العاصمة القطرية الدوحة استطاعوا تمديد الهدنة مجدداً، ويتوقع أن تصل إلى 9 أيام، فيما يجري النقاش حول كيفية خروج اسرائيل من الحرب بانتصار يطمئن مستوطنيها كي يعودوا إلى “الكيبوتسات” من دون خوف من طوفان جديد، وسط حديث عن ثلاثة سيناريوهات يجري التداول فيها.

وليست غزة وحدها ما يقلق اسرائيل، بحيث أبلغ رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي رؤساء السلطات المحلية في المنطقة الشمالية (جنوب لبنان) خلال لقاء جمعه بهم أن خططاً ستوضع لعودة سكان هذه المنطقة إليها، لكن لن يعود الواقع هناك إلى ما كان عليه قبل الحرب.

ومن الميدان إلى الجبهة السياسية، وقبل وصوله إلى لبنان وبدء جولة جديدة على القوى السياسية، بدأت تتكشف مواعيده معها، حطت طائرة الموفد الفرنسي في الرياض، حيث التقى المستشار نزار العلولا. وشدد الطرفان على أهمية استقرار لبنان وأمنه وضرورة الاسراع في اجراء الانتخابات الرئاسية، ووصف السفير الفرنسي في الرياض اللقاء بـ “المثمر”.

وقبيل وصول مبعوثه إلى لبنان، أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن “تهيئة الظروف المناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وتشكيل حكومة عمل أمر ملّح، وأن ممثله الشخصي، جان ايف لودريان، يواصل العمل في هذا الاتجاه”.

وفي رسالة وجهها الى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لمناسبة عيد الاستقلال، قال ماكرون: “إن فرنسا، ونظراً الى العلاقات التاريخية التي تربط بلدينا، تضاعف جهودها لتعزيز استقرار لبنان وأمنه واستقلاله. ونحن دعمنا هذه الأهداف باستمرار”.

أضاف: “إن امتداد رقعة الصراع إلى لبنان ستكون له عواقب وخيمة على البلد وعلى الشعب اللبناني. تدرك فرنسا أن لديها مسؤولية فريدة تجاه بلدكم، مسؤولية تترجم خصوصاً من خلال الدور الذي نضطلع به ضمن قوات حفظ السلام اليونيفيل. يجب ألا يستخدم أي طرف الأراضي اللبنانية بشكل يتعارض مع مصالحه السيادية. وعلينا اليوم تجنب الأسوأ. لذلك أحثّكم على مواصلة جهودكم في هذا الاتجاه. كنت قد أكدت لرئيس الوزراء الاسرائيلي، في كل مرة تواصلت معه، كل الاهتمام الذي نوليه لبلدكم وأعربت له عن قلقي ازاء مخاطر التصعيد وامتداد الصراع الى لبنان”.

وتابع ماكرون: “بالاضافة إلى هذه القضية الأساسية، هناك حاجة ملحة الى تحقيق الاستقرار في المؤسسات اللبنانية. فالشغور الرئاسي المستمر منذ أكثر من عام يلقي بثقله على قدرة البلاد على الخروج من الأزمة الحالية وتجنب التدهور الأمني المرتبط بالحرب المستمرة في غزة. فمن دون رئيس أو حكومة فاعلة، لا احتمال للخروج من المأزق الأمني والاجتماعي والاقتصادي والمالي الذي يعاني منه في المقام الاول الشعب اللبناني. ان لبنان غني بقواه الحيّة، وللبنانيين واللبنانيات صداقتنا الخالصة وثقتنا ودعمنا فغنى علاقاتنا وتنوعها خير اثبات على ذلك. يتمتع لبنان بكامل المقومات للنهوض مجدداً مستنداً بذلك الى مجموعة من المواهب ورجال الأعمال والباحثين والمبدعين الذين ذاع صيتهم عالمياّ ويمكنهم بث نفس جديد في البلد. آمل أن تكون اليقظة ممكنة أخيراً”.

يأتي لودريان الى لبنان ولا ضمانات بأن زيارته ستكون مثمرة، بحيث سيحاول من جديد دفع القوى السياسية إلى التخلي عن مواقفها المسبقة، والتوجه نحو فكرة “الاسم الثالث” بغض النظر عن الشخص، وسيدخل أيضاً في ملف استحقاق قيادة الجيش، التي يبدو أنها تتخذ مسار رئاسة الجمهورية نفسه. كما سيتطرق الضيف الفرنسي إلى الأوضاع في الجنوب وضرورة تطبيق القرار 1701.

وعشية الجلسة الحكومية المقررة اليوم، ولعدم إدراج مطالبهم على جدول أعمالها، أعلن تجمّع موظفي الادارة العامة التوقف عن العمل ابتداءً من اليوم وحتّى صدور بيان آخر. وتمنّى التجمع “من جميع الموظفين الالتزام بالتوقف عن العمل لبدء مسيرة تحصيل الحقوق، وخصوصاً لعدم وجود أي سبب يمنع الحكومة من تحسين واقع العاملين في الادارة أسوة بغيرهم في بقية القطاعات”.

وبالعودة إلى غزة، ثمة ثلاثة سيناريوهات محتملة، يستند الأول إلى تمديد أطول للهدنة، ومن ثمَّ “تبريد الحرب”، فيما يرتكز السيناريو الثاني على محاولة القيادات العسكرية في إسرائيل عدم الاستسلام الكامل للهدنة بوصفها “اعترافاً بالهزيمة” ومن ثم اللجوء إلى خروق واشتباكات متفرقة، ثم تجديد التفاوض على هدن جديدة لمنع الفصائل الفلسطينية من تحقيق “انتصار معنوي، أو رفع سقف التفاوض”، خصوصاً مع اقتراب صفقات العسكريين الإسرائيليين. ويشير السيناريو الثالث إلى تجدد أعمال القتال، وربما تكون بوتيرة “أشد عنفاً” مما كانت عليه قبل الهدنة، بعد انتهاء الضغط المتعلق بوجود الأسرى والمحتجزين في غزة.

وأعلن الوزير الاسرائيلي جدعون ساعر العضو في الحكومة الأمنية لراديو الجيش أنه تم الاتفاق على التمديد لمدة يومين بموجب شروط العرض الأصلي، وما زالت إسرائيل مستعدة لتمديد الهدنة بصورة أكبر إذا تم إطلاق سراح المزيد من الرهائن. وسيعرف الاسرائيليون متى تنتهي الهدنة لأن القتال سيبدأ من جديد.

أضاف: “فور الانتهاء من إطار عمل استعادة الرهائن، سيتم استئناف القتال. لدينا كل النية لتنفيذ أهداف الحرب بما يشمل إطاحة حماس في غزة”.

وكشفت الهدنة الدمار الذي لحق بالقطاع المحاصر، وسط تخوف من مأساة تصيب الفلسطينيين حتى في السلم، بحيث صرحت متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية أمس، بأن عدداً أكبر من سكان غزة معرضون للموت بسبب الأمراض أكثر من القصف وذلك إذا لم يتم إصلاح النظام الصحي في القطاع بسرعة، محذرة من زيادة حالات الاصابة بالأمراض المعدية والإسهال بين الأطفال.

وقال جيمس إلدر المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في غزة للصحافيين عبر رابط فيديو: “إن مستشفيات القطاع مليئة بالأطفال المصابين في الحرب وكذلك المصابين بالتهاب المعدة والأمعاء جراء شرب مياه ملوثة”.

شارك المقال