غزة تهدد السلم الدولي… المطلوب من لبنان منطقة عازلة “بالقوة”

لبنان الكبير / مانشيت

بعد انقضاء شهرين على الطوفان، وانفتاح حرب غزة على احتمالات إقليمية في كل الاتجاهات، من لبنان والأردن ومصر والجولان الى اليمن وممرات الطاقة الحيوية، بما ينذر بـ”تفاقم التهديدات القائمة للسلم والأمن الدوليين”، على حد تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أطل على المنطقة من بوابة الامارات والسعودية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدما أنعشته تطورات الشرق الأوسط في حربه على أوكرانيا، مع فشل الهجوم الأوكراني المضاد واهتزاز الدعم المادي والعسكري الغربي لكييف، ليذكّر بأن بلاده موجودة بقوة على الساحة، سواء على البر السوري أو في البحر المتوسطي، أو في إمدادات الطاقة، مع علاقات وثيقة مع معظم العرب بحيث لا يمكن إغفالها في نظام أمني – سياسي إقليمي جديد.

غوتيريش حذر مجلس الأمن من أن الحرب بين إسرائيل و “حماس” في قطاع غزة “قد تؤدي إلى تفاقم التهديدات القائمة للسلم والأمن الدوليين… إننا نواجه خطراً شديداً يتمثل في انهيار النظام الانساني. الوضع يتدهور بسرعة إلى كارثة ذات آثار محتملة لا رجعة فيها على الفلسطينيين ككل وعلى السلام والأمن في المنطقة… يجب تجنب مثل هذه النتيجة بأي ثمن”.

ورأت وزارة الخارجية الأميركية أيضاً أن هذا الصراع يشكل تهديداً للأمن الاقليمي والعالمي، معتبرة أن “من المبكر للغاية تحديد أي حل قاطع للوضع في غزة بعد الصراع”.

وعن جبهة الجنوب التي يتصاعد فيها التوتر يومياً، علم “لبنان الكبير” من مصادر مطلعة أن “حزب الله” نقل إلى فرنسا رسالة أعلن فيها استعداده لإبعاد قوة النخبة التابعة له “الرضوان” عن الحدود الجنوبية للبنان، ضمن اتفاق يشمل النقاط الحدودية الخلافية ومن ضمنها قرية الغجر ومزارع شبعا. ويشترط الحزب أن يشمل الاتفاق دعماً اقتصادياً وحلاً للاستحقاقات العالقة لاسيما رئاسة الجمهورية.

ونقلت وسائل الاعلام معلومات عن أن لقاء مدير ‫المخابرات الفرنسية مع ‫”حزب الله” حمل كلاماً عن تطبيق القرار 1701 مقابل إنسحاب ‫إسرائيل من الأراضي المحتلة.

وأشار وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت إلى أن “دولته ستستخدم الوسائل العسكرية لدفع حزب الله إلى شمال الليطاني إذا فشلت السبل الديبلوماسية”، فيما تتحرك السياسة اللبنانية على أكثر من جبهة ديبلوماسية لتجنب الحرب، وسط معلومات عن تحرك أممي لتنفيذ القرار 1701 أعلن عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بصورة صريحة. فيما علقت مصادر قريبة من الثنائي الشيعي لموقع “لبنان الكبير” بالقول: “كلام وزير الحرب الصهيوني لا يعدو أكثر من شعبوية يبيعها لمستوطنيه، فهو يعرف أن التهديد مع المقاومة لا ينفع، وحرب تموز تشهد على ذلك، فحينها اجتمع العالم ضد المقاومة، ولم يعد الأسرى الاسرائيليون إلا بعد مفاوضات غير مباشرة كما فرضت المقاومة على أرض الميدان، ولا يستطيع جيش غالانت الذي قهر في 2006، فرض أي أمر واقع على المقاومة”.

ولفتت المصادر إلى أن “المقاومة هي الشعب، وهي أبناء أهالي القرى الحدودية، ولن يحصل تهجير للشعب الجنوبي من أجل مصلحة اسرائيل، ولتنسحب الدولة الصهيونية من القرى اللبنانية المحتلة، ونتحدث عندها عن تنفيذ القرار 1701 من الجهة اللبنانية، وعن آلية هذا التنفيذ”.

إلى ذلك، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤولين إسرائيليين، أن “واشنطن تدرس إمكان التوصل إلى تسوية بين إسرائيل ولبنان بشأن الحدود البرية”، وأن “المبعوث الأميركي إلى لبنان يعمل لإبرام اتفاق لتقليص احتمالات التصعيد. تسوية الحدود البرية المقترحة ستكون على غرار اتفاقية الحدود البحرية”. وأوضحت أن “الهدف من الاتفاق المحتمل هو إبعاد حزب الله بصورة دائمة عن الحدود”.

وعلى خلفية استشهاد عسكري لبناني أول من أمس، قال الجيش الاسرائيلي امس، إنه يراجع ضربة ألحقت ضرراً بقوات لبنانية في جنوب لبنان، في إشارة الى القصف الذي تسبب بمقتل جندي لبناني وإصابة ثلاثة آخرين. وكتب الناطق باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي في منشور على حسابه عبر منصة “إكس”: “عمل جنود جيش الدفاع يوم أمس لتحييد تهديد حقيقي وشيك تم رصده داخل الأراضي اللبنانية حيث رصد التهديد من داخل مجمع إستطلاع وإطلاق قذائف تابع لحزب الله بالقرب من منطقة النبي عويضة -العديسة على الحدود اللبنانية”.

أضاف: “لقد تلقى جيش الدفاع تقارير عن اصابة عدد من جنود الجيش اللبناني خلال الغارة التي شنها. نؤكد أن أفراد الجيش اللبناني لم يكونوا أهداف هذه الغارة. وجيش الدفاع يتأسف على هذا الحادث ويقوم بالتحقيق في ملابساته”.

الى ذلك، أوعز وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب الى بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة “تقديم شكوى جديدة الى مجلس الأمن الدولي رداً على استهداف الجيش اللبناني وسقوط شهيد وجرحى عسكريين، ورداً أيضاً على رسائل المندوب الاسرائيلي في الامم المتحدة لمجلس الامن”.

وفيما شيع أهالي بلدة شمسطار وقرى غربي بعلبك والجيش الشهيد العسكري الرقيب الأول عبد الكريم المقداد أمس، ندّدت فرنسا بالقصف الاسرائيلي الذي أودى بحياته. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: “إن فرنسا تشعر بقلق بالغ إزاء استمرار الاشتباكات على الحدود بين لبنان وإسرائيل، وندعو جميع الأطراف إلى أقصى درجات ضبط النفس”.

وبعد شهرين من الحرب، وازدياد مأساة الوضع الانساني في جنوب قطاع غزة، أعلن الجيش الاسرائيلي أنه يشتبه في أن قادة حركة “حماس” لا يزالون على قيد الحياة وأنهم يتحصون في المناطق الجنوبية من قطاع غزة، معرباً عن اعتقاده أن بعضهم يحتجز رهائن أيضاً.

وأشار مسؤولون إسرائيليون الى أن القتال يتركز في وسط خان يونس، ثاني أكبر منطقة حضرية في قطاع غزة، بعد مدينة غزة. وإذا ما سيطرت القوات الاسرائيلية على كامل القطاع، فإن العناصر المتبقية من مقاتلي “حماس” ستتمكن فقط من التراجع إلى مناطق قليلة في غزة، خصوصاً قرب الحدود المصرية، وإلى قطع صغيرة في وسط القطاع لا تسيطر عليها إسرائيل.

وبينما يستمر القصف المتبادل جنوباً، أعلن المركز الكاثوليكي للاعلام أن “البطريرك الماروني مار بشارة الراعي يقوم بزيارة تضامنية إلى الجنوب على رأس وفد من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك يرافقهم الأمين العام للمجلس الأب كلود ندره للتعبير عن تعاطفه مع الجنوبيين والنازحين”.

أضاف في بيان: “سيستهل البطريرك الراعي زيارته التفقدية من مطرانية صور المارونية عند الساعة العاشرة من صباح يوم غد (اليوم) الخميس على أن ينتقل بعدها إلى مطرانية الروم الكاثوليك ويتخلل الزيارة لقاء مع ممثلي الطوائف الروحية الاسلامية والمسيحية في المنطقة”.

شارك المقال