أميركا تمنع وقف هدر الدم الفلسطيني… هل “اليوم التالي” مبادرة بيروت للسلام؟

لبنان الكبير / مانشيت

رغم كل الفظائع التي تنقلها وسائل الاعلام لكل العالم، والتي حركت ضمائر الغالبية من البشر، فإن الادارة الأميركية أبت الا أن تثبت مرة أخرى، أن مصالحها لا الأخلاق وحقوق الإنسان، هي التي تحرك سياستها العالمية، فكان أن لوحت بـ”الفيتو” لتمنع وقف إطلاق النار في غزة، ووقف هدر الدم الفلسطيني، ولتطلق يد محظيتها، اسرائيل، في حربها الوحشية المستمرة منذ أكثر من شهرين، بأمل تحقيق “نصر حاسم” على حركة “حماس” لتعزيز وضعها الداخلي المنهار، وترتيب وضعية ملائمة عند الجلوس حول طاولة البحث بشأن “اليوم التالي” أي مستقبل قطاع غزة المتصل بالضرورة بالضفة الغربية والمنفتح على السؤال التاريخي: أي حل دائم للقضية الفلسطينية؟

وسط هذا الركام العظيم، بما في ذلك للمسجد العمري التاريخي في غزة الذي دمر تقريباً، يستحضر كثيرون في المنطقة المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت في 28 آذار 2002 بمبادرة من العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز (كان يومها ولياً للعهد): الأرض مقابل السلام، المتضمنة 3 شروط: انسحاب إسرائيلي كامل لخطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 بما في ذلك الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية؛ إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس؛ حل عادل ومتفق عليه لمسألة اللاجئين.

برأي كثيرين كانت هذه المبادرة فرصة تاريخية لتسوية قادرة على الاستمرار في الشرق الأوسط، لكن اسرائيل أضاعتها لحساباتها التوسعية، وراهنت على تدمير المستقبل الفلسطيني ففكت الارتباط مع غزة وعمدت دائماً الى تفتيت السلطة الفلسطينية المنبثقة من اتفاقات أوسلو، ما ساهم عملياً في تقوية “حماس” في القطاع حتى صار هناك رهان على أن تكون هي لاحقاً السلطة الفلسطينية… وصحت في 7 تشرين الأول على تحطم وهم القوة والسيطرة.

في هذه المعمعة، كانت السخونة الميدانية تزداد في جنوب لبنان، مع ارتفاع وتيرة الاستهداف الاسرائيلي داخل بلدات القرى الحدودية، فيما نعى “حزب الله” ثلاثة من مقاتليه سقطوا في الجنوب، وأعلن عن سلسلة عمليات لمواقع اسرائيلية شمال فلسطين المحتلة.

وفي جلسة مجلس الأمن التي تناقش مشروع قرار قدمته بعثة الامارات لدى المنظمة الدولية يدعو الى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة، رفضت الولايات المتحدة بصورة قاطعة وقف اطلاق النار، معتبرة أن ذلك “سيؤدي فقط الى زرع بذار الحرب المقبلة، لأن لا رغبة لحماس في رؤية سلام مستدام أو حل الدولتين”.

ووافق على ذلك السفير الاسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إرادن الذي رأى أن “الطريق الصحيح لضمان السلام هو فقط عبر دعم مهمة إسرائيل، وليس مطلقاً الدعوة إلى وقف إطلاق النار”.

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فاعتبر أن “وحشية” حركة “حماس” لا يمكنها تبرير “العقاب الجماعي” للفلسطينيين. وقال: “في حين أن إطلاق حماس الصواريخ تجاه إسرائيل من دون تمييز، واستخدام المدنيين كدروع بشرية هي انتهاكات لقانون الحرب، لا يعفي هذا التصرف إسرائيل من انتهاكاتها”.

ورأى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن وقف النار لا يبدو أنه يقع ضمن أولويات المجتمع الدولي، وقال باسم المجموعة العربية: “نعتقد أن من الضروري وضع حد للمعارك بشكل فوري”. ودعا مجلس الأمن الى “الموافقة على مشروع قرار بوقف إنساني لاطلاق النار في غزة”.

وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن عقد مؤتمر دولي للسلام ضروري لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى حل سياسي دائم يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية. وقال في مقابة متلفزة: “أنا مع المفاوضات وأن يكون هناك مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية، يجب أن يقود إلى حل بحماية دولية يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشريف”.

وكان المكتب الاعلامي الحكومي في غزة أعلن عن ارتفاع عدد قتلى العدوان الاسرائيلي إلى 17490 بينهم 7870 طفلاً. وقال مدير المكتب إسماعيل الثوابتة في إيجاز يومي: ان عدد المفقودين جراء الهجمات الاسرائيلية على القطاع بلغ 7780، في حين بلغ عدد المصابين أكثر من 46 ألفاً و558 مصاباً. وطالب مجلس الأمن بوقف الحرب وإنقاذ قطاع غزة “قبل فوات الأوان”.

وسط هذه الأجواء الاقليمية لا يزال لبنان متخبطاً في أزماته، لا سيما ملف قيادة الجيش، وكان “لبنان الكبير” كشف أن “حزب الله” سيقاطع أي جلسة حكومية للتمديد لقائد الجيش. ونقلت وسائل الاعلام مساء أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تبلغ رسمياً من “حزب الله” هذا الموقف.

شارك المقال