اسرائيل تسعى لحرب أو منطقة عازلة… والتشريع حامٍ بين تمديد وطعن

لبنان الكبير / مانشيت

على وقع وتيرة ثابتة للعدوان على غزة، مع إرتفاع سريع في عداد الدم الفلسطيني، ومراوحة ميدانية لم توفر بعد لبنيامين نتنياهو فرصة لاعلان “النصر”، بدا أمس بوضوح أن إسرائيل تتعمد جر لبنان، عبر “حزب الله”، الى حرب مدمرة لا يمكن أن يتحمل تكاليفها وخسائرها، وذلك بتوزيع استهدافاتها بين الحزب والجيش و”اليونيفيل” والمدنيين، مع تسريبات عن مسعى دولي لفرض منطقة حدودية عازلة، ومع مواقف معلنة تطالب الادارة الأميركية بتخليصها من “التهديد” الموجود على “حدودها الشمالية” حتى أنها لا تتورع عن استخدام الفوسفور الأبيض في جنوبنا بما أثار قلق واشنطن لأنها هي مصدر هذه الأسلحة.

ويبدو أن نتنياهو يوسع مفهوم أجنداته، بحيث تتخطى “القضاء على حماس” إلى القضاء على كل الفلسطينيين، بعد أن اعتبر أن السلطة الفلسطينية تريد القضاء على اسرائيل تدريجياً.

وأبعد من فلسطين، وجه نتنياهو سهامه نحو إيران، مؤكداً أن هناك حاجة الى التعامل مع النظام الايراني وأن الحرب مع “حماس” لا تحول النظر عن هذا الأمر، بينما كان وزير حكومته بيني غانتس، يبلغ وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن نية اسرائيل تغيير الواقع على الحدود مع لبنان، وإبعاد “حزب الله” المدعوم إيرانياً عنها، فيما كان وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش يهدد بتسوية بيروت ولبنان بالأرض.

وسط هذه التهديدات يستمر التصعيد جنوباً، وبرسالة اسرائيلية واضحة عن نسف قواعد الاشتباك، بقصف استهدف منطقة خلة خازم قرب جبل الريحان، فيما يوسع الجيش الاسرائيلي استهدافاته ليطال حتى مراكز قوات “اليونيفيل” للمرة الرابعة، بالاضافة إلى استهداف مراكز الجيش اللبناني الذي لا يمتلك حق الرد على الاعتداءات، ويعيش هاجس الفراغ في قيادته، التي سيدرج بند التمديد لها في الجلسة التشريعية يوم الخميس، والتي أُعلن عنها بعد اجتماع مكتب هيئة مجلس النواب.

وتوافق المجتمعون في مكتب هيئة المجلس على وضع 16 مشروع قانون على جدول الجلسة التشريعية، ورُبط رفع العدد إلى 18 في حال أقرّت اللجان المشتركة اليوم الثلاثاء مشروعين إضافيين وإحالتهما على الجلسة التشريعية. أما بخصوص إقتراحات القوانين المعجّلة المكرّرة فأكد نائب رئيس المجلس إلياس بو صعب أن “رئيس المجلس نبيه بري سيبدأ في الجلسة بطرح مشاريع القوانين المحالة من اللجان على الهيئة العامة ومن بعدها سيبدأ مناقشة اقتراحات القوانين المعجّلة المكررة ومن ضمنها اقتراح التمديد”. إلا أنه عبّر عن تفاؤل الرئيس بري بأن التمديد يمكن أن يتم من خلال الحكومة لا المجلس النيابي. وبرأيه الشخصي فإن التعيين في الحكومة أفضل من التمديد.

ووفقاً لمعلومات “لبنان الكبير” هناك 5 مشاريع قوانين معجلة مكررة بشأن التمديد مقدمة من كتل “القوات اللبنانية” و”اللقاء الديموقراطي” و”الاعتدال الوطني” والنائبين أديب عبد المسيح وميشال ضاهر، ويتم التداول بين بعض النواب بأن اقتراح القانون المقدم من النائب عبد المسيح يتضمن كل الأجهزة العسكرية ومنها أيضاً ما يرتبط برئاسة الأركان.

وكان لافتاً كلام بوصعب بعد الجلسة، بأن “لا أحد يريد استدراج أحد في الجلسة”، ملمحاً إلى الهاجس القواتي من أن الرئيس بري يستدرجهم إلى إعطاء شرعية للجلسات النيابية التشريعية، التي تأخذ منها “القوات” موقفاً مبدئياً باعتبار أن المجلس هيئة ناخبة في غياب رئيس للجمهورية. وأفادت مصادر سياسية لموقع “لبنان الكبير” أن الرئيس بري كان واضحاً منذ اليوم الأول عندما طرح الأمر، التشريع لا يمكن أن يكون (à la carte)، وبالتالي بمجرد قبول “القوات” أو غيرها بجلسة تشريعية واحدة مهما كان جدول أعمالها، فهذا يعني أنها أعطت بري الشرعية التي يريدها.

وشددت المصادر على أن بري لا يقايض في هذا الأمر، انما يقوم بواجبه الدستوري، ويضع مع هيئة المكتب جدول الأعمال لجلسة تشريعية، والتي لا يمكن لأحد أن يحددها.

إلى ذلك، أشارت مصادر معارضة لموقع “لبنان الكبير” الى أن “هناك مؤامرة تحاك من الممانعة لاطالة مناقشة القوانين في جلسة الخميس، حتى عودة الرئيس نجيب ميقاتي من السفر يوم السبت، كي يعقد جلسة حكومية يقر فيها تأجيل تسريح قائد الجيش، وعندها يقول الرئيس بري انه ليس هناك حاجة الى مناقشة الأمر في المجلس بعد أن أقرته الحكومة، وعندها يقدم طعن بهذا القرار، وبهذا يكون الرئيس ميقاتي قد طيّر التمديد لقائد الجيش واللواء عثمان في الوقت نفسه، ويتم الاتجاه حينها الى التعيين”.

وأكدت المصادر أن تكتل “الجمهورية القوية” كشف المؤامرة التي تحبك، وويفوم بتنسيق خطواته المقبلة مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي بالاضافة الى الكتل الأخرى للتفاهم على كيفية إحباط مساعي قوى الممانعة، من خلال الاصرار على انعقاد الجلسة الخميس وتكون هناك أكثرية تصوّت على صفة العجلة لاقتراح قانون التمديد لقائد الجيش كي ينجح هذا التمديد قبل رميه على اللجان.

بينما لفتت مصادر قريبة من الثنائي الشيعي الى أن “من كتب هذا السيناريو له مخيلة واسعة، يجب عليه أن يصبح مخرجاً للأفلام الهندية، وإن كان بعض القوى السياسية يسوّق لهذا السيناريو فهدفه فرض مناقشة بند التمديد أو تأجيل التسريح في بداية الجلسة، ثم تطيير نصابها كي تبقى على مبدأ رفض التشريع في ظل غياب رئيس للجمهورية. إن طيّرت نظرية المؤامرة هذه الجلسة يوم الخميس تكون هذه القوى نفسها من طيّر التمديد لقائد الجيش، وتتحمل مسؤولية كل تبعات ذلك”.

وأكدت مصادر من هيئة مكتب المجلس لموقع “لبنان الكبير” أن “التصويت سيجري أولاً على اقتراح القانون المعجل المكرر بصفة العجلة، منه من يأخذ صفة العجلة ومنه من يسقط في العجلة، هناك اقتراحات قوانين متشابهة يمكن دمجها في اقتراح واحد، وأيضاً هناك قوانين تذهب الى اللجان وليس من الضروري أن تناقش البنود الـ103 وفي العادة يحصل الاختزال”.

وحول امكان العودة الى مجلس الوزراء في ملف التمديد، اعتبرت المصادر أن “هذا الخيار مطروح وما زال متاحاً، ولكن الوقت يضيق، وقد يكون الرئيس ميقاتي يوم الخميس أو الجمعة في لبنان ومن الممكن أن ينعقد مجلس الوزراء صباح الخميس ويقوم بما يجب أن يقوم به”.

وفي الشأن الفسلطيني، سُجل التزام واسع بالاضراب من أجل غزة الذي شمل عدة دول، لا سيما في الضفة الغربية والأردن، أما لبنان فقد أغلقت المؤسسات الرسمية وغالبية المدارس الخاصة، وسجلت عدة تحركات متنوعة في الشوارع نصرة لغزة.

وفي شأن آخر، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء تقارير مفادها أن إسرائيل استخدمت ذخائر الفوسفور الأبيض التي زودتها بها في هجوم في تشرين الأول في جنوب لبنان. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين على متن طائرة الرئاسة: “طالعنا التقارير. بالتأكيد نشعر بقلق إزاء ذلك. سنطرح أسئلة في محاولة لمعرفة المزيد”. وأشار إلى أن الفوسفور الأبيض له “استخدام عسكري مشروع” يتمثل في الاضاءة وإنتاج الدخان لإخفاء التحركات.

أضاف كيربي: “من الواضح أنه حين نقدم مواد مثل الفوسفور الأبيض لجيش آخر، نتوقع بصورة كاملة أنها ستستخدم وفق هذه الأغراض المشروعة وبما يتفق مع قوانين الصراع المسلح”.

وكانت صفارات الانذار في المستوطنات الشمالية دوت منذ الصباح الباكر، وقصف الجيش الاسرائيلي عدة قرى جنوبية، وتخطى قواعد الاشتباك باستهداف منطقة جبل الريحان، فيما رد “حزب الله” بعدة عمليات على المواقع الاسرائيلية، بينما طالت صواريخ منطقة تبعد 13 كيلومتراً عن الحدود، لم يتبناها أحد.

وشهد قطاع غزة أمس غارات جوية إسرائيلية دامية ومعارك عنيفة، واستهدفت ضربات وسط وشرق مدينة خان يونس التي لجأ إليها آلاف المدنيين بعد الفرار من القتال في الشمال. وأعلنت حركة “الجهاد الاسلامي” عن قتال عنيف في مدينة غزة شمال القطاع، مشيرة الى قيامها بتفجير منزل كان الجنود الاسرائيليون يحاولون العثور فيه على فتحة تؤدي إلى نفق تحت الأرض، فيما أكد الجيش الاسرائيلي إطلاق صواريخ من غزة. وأعلنت الشرطة الاسرائيلية عن سقوط شظايا صواريخ في حولون بضواحي تل أبيب، متحدثة عن “أضرار مادية وإصابة مدني بجروح طفيفة”. وعلى الرغم من القصف الاسرائيلي العنيف، شددت حركة “حماس” على أن الافراج عن الرهائن الذين تحتجزهم لن يتم سوى من خلال مفاوضات وتبادل أسرى.

شارك المقال