نتنياهو لهدم “الهيكل الاقليمي”… ولبنان يلعب بـ”الفراغ”

لبنان الكبير / مانشيت

بعد 18 ألفاً و412 قتيلاً، و50 ألفاً و100 مصاب، وخراب عظيم في قطاع غزة، واهتزاز سياسي في كل الشرق الأوسط، بل وأبعد… لاحظ الرئيس الأميركي جو بايدن أن إسرائيل بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي في حربها، وأن “الحكومة الحالية هي أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ إسرائيل وهي لا تريد حل الدولتين”، مطالباً رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بتغيير حكومته، في حين أن الأخير يجاهر بقلب الأوضاع رأساً على عقب، ليطيح “حل الدولتين” الذي تنادي به واشنطن وعواصم المنطقة، ويدمر “السلطة الفلسطينية” المقامة على أساس اتفاق أوسلو، ويهدد بتغيير المعادلة على الحدود اللبنانية، ليترك الأمور “ما بعد غزة” مفتوحة على كل الاحتمالات الجيو سياسية، وسط تحذير من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من أن “الواقع المرير في قطاع غزة سيؤثر على الأمن الدولي ومصداقية هيئات الأمم المتحدة في السماح بالتنفيذ الانتقائي للقانون الدولي”.

وسط هذ الرقعة الاقليمية، المعقدة والملتهبة، التي يمكن أن تشعل الخراب في لبنان، ينشغل الساسة عندنا باللعب على أطراف الفراغات الأساسية في الدولة، بعدما تناسوا واجبهم الأول بانتخاب رئيس جمهورية يساعد على تجاوز الأخطار الجديدة وتلك المتراكمة من “عهد جهنم”، وصاروا الآن يتقاذفون رأس المؤسسة العسكرية، بعيداً عن أي مسؤولية وطنية، ليصبح الفراغ في قيادة الجيش في مهب طروح التمديد أو تأجيل التسريح أو التعيين بالوكالة.

في موضوع منع الفراغ في قيادة المؤسسة العسكرية، يبدو أن الخيار رسا على أن يكون تأجيل التسريح عبر جلسة لمجلس الوزراء، ستعقد صباح يوم الجمعة، سيطرح فيها تأجيل التسريح من خارج جدول الأعمال، وذلك بعد أن قاد “حزب الله” مساعي حثيثة لاقناع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بالقبول بهذا الأمر وفق معلومات “لبنان الكبير”، وقد استمرت الاتصالات بين باسيل والحزب حتى ساعات المساء، ولم يستطع خلالها الأخير إقناع حليفه بأن يرفع وزير الدفاع موريس سليم مرسوم التأجيل، إلا أنه قبل بتأمين النصاب للجلسة بتغيب سليم، وسيلتزم وزراء الحزب بعدم التصويت على تأجيل التسريح.

وأشارت معلومات صحافية الى أن الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية أعد دراسة قانونية تسمح لمجلس الوزراء بتأجيل التسريح. وفيما تخوفت جهات عدة، تحديداً المعارضة، من أن يتم الطعن بالمرسوم، نقل عن مقربين من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قولهم للصحافة ان ميقاتي استشار قضاة سابقين حول المرسوم المقترح واطمأن الى أن أي طعن سيرد بناء على سابقة بتأجيل تسريح العماد جان قهوجي عام 2013، إلا أن هناك تخوفاً سيادياً من أن يكون التمديد عبر الحكومة ملعوباً من الحزب والتيار وحلفائهما، بحيث أكدت مصادر “القوات اللبنانية” أن التيار سيتجه الى تقديم طعن، وهو سيقبل، وعندها سيحشر لبنان كله بالوقت في ملف قيادة الجيش ويتم تنفيذ إرادة باسيل.

لكن جلسة الحكومة ستكون يوم الجمعة، والجلسة التشريعية التي كان من المفترض أن يطرح فيها التمديد لقادة الأجهزة العسكرية يوم الخميس، وكانت ستحصل على النصاب فقط من أجل التمديد لقيادة الجيش، فإن رست التسوية على أن يكون تأجيل التسريح عبر مجلس الوزراء هل هذا يعني أن الجلسة طارت؟

مصادر نيابية شددت لموقع “لبنان الكبير” على أن “الجلسة ما زالت في موعدها، ولا أحد يستطيع أن يفرض جدول أعمال على مجلس النواب، ولا يمكن أن تكون هناك جلسة تشريعية على مقاس شخص واحد، وفي نظام المجلس تتم مناقشة القوانين المحولة من اللجان، والمرحّلة من جلسات سابقة، قبل البدء بالقوانين المعجلة المكررة، وقد لا يكون يوم واحد كافياً لمناقشة جميع القوانين المدرجة على جدول الأعمال، وقد يمر تأجيل التسريح في مجلس الوزراء قبل مناقشته في الجلسة التشريعية، ولكن قد لا يمر، ولذلك لا يجب الغاء الجلسة أو تطيير نصابها”.

وأشارت أوساط “القوات” لموقع “لبنان الكبير” الى أن “المشاركة في الجلسة التشريعية محسومة، وهذا الأمر لا علاقة له بموضوع تأجيل التسريح في مجلس الوزراء، وهو خطوة مستغربة ومستهجنة في توقيتها وخلفيتها، ولذلك نحن نتجه الى التصعيد السياسي”.

ولفتت الأوساط إلى أن “إحالة الملف على الحكومة يعني الطعن بصورة سهلة، ويعني قبول الطعن بصورة أسهل وهذا يندرج ضمن خطة لتطيير التمديد وكشف البلد أمام المجهول ولن نسكت عن هذا الأمر، وستعلن الخطوات في وقتها”.

في الشأن الفلسطيني، ومع استمرار المعارك في غزة، أكد رئيس الحكومة الاسرائيلية أن تل أبيب لن تكرر “أخطاء أوسلو”، لافتاً إلى أن هناك خلافات مع واشنطن حول الرؤية الخاصة بإدارة قطاع غزة بعد الحرب. وقال نتنياهو: “أقدر بشدة الدعم الأميركي لتدمير حماس واستعادة رهائننا… لكن هناك خلاف بخصوص مرحلة ما بعد حماس، وآمل أن نتوصل إلى اتفاق في هذا الشأن أيضاً”.

ونقلت وسائل الاعلام عن نتنياهو قوله: “أود أن أوضح موقفي، ألا وهو أنني لن أسمح لاسرائيل بتكرار خطأ أوسلو… غزة لن تكون حماسستان ولا فتحستان”.

وفي وقت سابق من يوم أمس نقلت هيئة البث الاسرائيلية عن نتنياهو قوله إن “سيناريو اندلاع حرب بين الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية والجيش الاسرائيلي موجود على طاولة الحكومة والأجهزة الأمنية، ويتم الاستعداد له في حال وقوعه”.

ورأى الرئيس بايدن خلال حفل لجمع التبرعات لحملته الانتخابية أن إسرائيل بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي “بقصفها العشوائي على غزة” الذي أودى بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين. وقال: “لقد بدؤوا يفقدون هذا الدعم”، مشيراً إلى أن سلامة الشعب اليهودي على المحك حرفياً. وأكد أن الحكومة الاسرائيلية الحالية هي “أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ إسرائيل ولا تريد حل الدولتين”.

وأوضح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال اجتماع حالة حقوق الانسان في فلسطين والاعلان العالمي لحقوق الانسان الدولي أن “الأوضاع في فلسطين تظهر للجميع الانتهاكات الواضحة للقانون الانساني الدولي وانتهاكات اتفاقيات جنيف”، معرباً عن “إدانة المملكة للفظائع التي ترتكبها إسرائيل، والتي تعد انتهاكاً للمبادئ الأساسية لحقوق الانسان”.

وقال الوزير السعودي: “إن الواقع المرير في قطاع غزة سيؤثر على الأمن الدولي ومصداقية هيئات الأمم المتحدة في السماح بالتنفيذ الانتقائي للقانون الدولي”. وأعرب عن “رفض المملكة لاستمرار هذه المعاناة، وتأييدها موقف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضرورة قيام إسرائيل بتأمين الاحتياجات الأساسية لسكان غزة”.

وشدد بن فرحان على أهمية منح الفلسطينيين الحق في حياة كريمة، والحق في الأمان.

شارك المقال