السعودية قلقة من الفراغ… التمديد لقيادة الجيش بين البرلمان والحكومة

لبنان الكبير / مانشيت

68 يوماً على حرب غزة. الهجوم الاسرائيلي متواصل. عداد الموت الفلسطيني يرتفع بوتيرة كبيرة. بنيامين نتنياهو يهرب من الانتقادات التي وجهها اليه جو بايدن بالاصرار على إنهاء “حماس”. يرتفع صوت إسماعيل هنية للمطالبة بدور في أي تسوية آتية “تفتح الباب على ترتيب البيت الفلسطيني على مستوى الضفة والقطاع”…

وسط ضجيج الحرب الذي يرتفع أكثر فأكثر على حدودنا الجنوبية، مع ضغط تسريبات عن مخططات لفرض تنفيذ الـ1701 كاملاً أو تعديله، انشغل اللبنانيون بلعبة زعمائهم: ملء الفراغ بالاقتراح المناسب، بين تمديد وتأجيل وتعيين في قيادة الجيش، من دون مراعاة أدنى قدر من المسؤولية التي تتطلبها المرحلة على مستوى المنطقة بأكملها.

فبعد الأخذ والرد في الملف الذي يمس بالأمن القومي، وحين وصلوا إلى حافة الهاوية في الأمر، تزاحمت الطروح للتوصل إلى حل: مشروع قانون في مجلس النواب، وجلسة حكومية يُطرح فيها تأجيل تسريح قائد الجيش من خارج جدول الأعمال، بينما يقف “التيار الوطني الحر”، على “الكوع” كي يطعن بأي صيغة تبقي العماد جوزيف عون في سدة القيادة للمؤسسة العسكرية، خوفاً من حظوظه الرئاسية.

وكالعادة، أصدقاء لبنان يخافون عليه أكثر من قادته المنتخبين، فحطّ السفير السعودي وليد بخاري في الصرح البطريركي في بكركي، حيث استقبله البطريرك الماروني بشارة الراعي مبادراً بالقول: “عم تتعب ماهيك؟ اللبنانيّة بعذبوا”. وفيما غادر السفير من دون تصريح، أشار المسؤول الاعلامي في بكركي وليد غياض الى أن “بخاري قال إن المملكة واللجنة الخماسيّة قلقتان من الفراغ في سدّة قيادة الجيش، وتأملان أن يقوم النواب بواجباتهم لمنع هذا الفراغ”.

أما الراعي فلفت إلى أنه يشعر بمؤامرة تُحاك في موضوع التمديد لقائد الجيش ولديه شكوك وهو بانتظار اتضاح النوايا. وحذر من تفسير الموضوع وتصويره وكأنه صراع ماروني – ماروني، داعياً الى عدم التلطي خلف هذا التصوير وهو يعرف أن اللعبة السياسية لم تعد شريفة.

وسيشهد البلد حركة سياسية مكثفة اليوم وغداً، بحيث تبدأ الجلسة التشريعية قبل ظهر اليوم، ومن المتوقع أن تستمر إلى عصر الجمعة على الأقل، بسبب جدول أعمال حافل، ولكن أهم ما سيطرح فيها هو مشروع قانون معجل مكرر يرفع سن التقاعد للقادة الأمنيين سنة إضافية، إن أقر سيعني حكماً استمرار قائد الجيش العماد جوزيف عون على رأس المؤسسة العسكرية، بالاضافة إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وقادة أمنيين آخرين، ولكن ليس من المتوقع أن يناقش مشروع القانون اليوم بسبب جدول الأعمال المزدحم، وعلى الأرجح سيكون طرحه يوم غد الجمعة، بعد جلسة الحكومة التي سيطرح فيها تأجيل تسريح قائد الجيش لمدة 6 أشهر وفق معلومات “لبنان الكبير”، وذلك استناداً الى دراسة دستورية وقانونية قدمها الأمينال عام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، وهذا يعني أن البلد سيكون أمام قانون من مجلس النواب، ومرسوم من الحكومة، ما يطرح التساؤل، كيف ستتعاطى القوى السياسية مع هذا الأمر؟

مصدر دستوري أكد لـ “لبنان الكبير” أن القانون والمرسوم لا يتعارضان، ويمكن أن يصدر مرسوم الحكومة الذي يمدد لقائد الجيش 6 أشهر، فيما يقر مجلس النواب مشروع قانون يرفع سن التقاعد.

ووفقاً لهذا المبدأ، أكدت أوساط “القوات اللبنانية” لموقع “لبنان الكبير” أنها ستشارك في الجلسة، وستكمل طرح مشروع القانون.

إلا أن التزام “القوات” لا يعني أن الجلسة ستستمر، فكل هدف قوى الممانعة من رمي الملف على الحكومة هو الهروب من التصويت للتمديد لعون في مجلس النواب، الأمر الذي قد يعتبر استفتاء لحظوظه الرئاسية، ومن المرجح إذا أقرت الحكومة تأجيل التسريح، أن تحاول الممانعة سحب مشروع القانون، بحجة أن الملف أساساً من صلاحيات الحكومة، وفي حال لم تنجح في ذلك، من المتوقع أن تقدم على تطيير نصاب الجلسة.

وفي السياق، نقل زوار عين التينة عن رئيس مجلس النواب نبيه بري التحذير من تطيير جلسة التشريع اليوم، وقد نمي إليه أن نواب “القوات” سيرابضون في بهو المجلس ولن يدخلوا الى الجلسة قبل طرح اقتراح التمديد للعماد عون، ليرد ‫بري قائلاً: “ما يمزحوا معي”، مضيفاً: “في حال ظلت ‫القوات خارج الجلسة سأوقفها”. وشدد بري على أنه لا يمكنه عدم الوقوف على خاطر البطريرك، ولكن يجب على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن “يتحمل مسؤولياته”.

ونفت أوساط “القوات” لـ “لبنان الكبير” ما تحدث عنه بري، مؤكدة أن قرارها هو “المشاركة في الجلسة من دون مناورات… ومن اخترع هذا الكلام هدفه غير شريف”.

وكان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع اعتبر في ندوة صحافية أن محور الممانعة منذ ثورة الاستقلال عام 2005، “ما شال عينه عن قيادة الجيش”. وفيما أصرّ على التمديد للعماد عون، لفت إلى هناك مؤامرة ضد التجديد لقائد الجيش يقودها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل “مصيبة الجمهورية”. وقال: “نحن مستمرون في العمل للتمديد لقائد الجيش في مجلس النواب”.

وفي الجبهة الجنوبية، استمر القصف المتبادل، وشنت اسرائيل غارات عنيفة على طول الحدود، واستهدفت منزلاً في بلدة ياطر دمّر بالكامل، وأفيد عن مقتل شخصين وإصابة آخر، بينما أعلن “حزب الله” عن استهداف 6 مواقع اسرائيلية، ونعى 3 من عناصره.

وفيما تطغى الأحداث المحلية على المشهد اللبناني، سجلت غزة أمس ضربة قاسية لاسرائيل، بحيث أوقع المقاتلون الفلسطينيون قوة اسرائيلية في كمين محكم في حي الشجاعية، قُتل فيه 8 جنود، بينهم قائد الوحدة. وتعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة الحرب في غزة “حتى النصر وإبادة حماس”. وقال في بيان مسجّل بالفيديو أصدره مكتبه موجّهاً إلى لواء سلاح المدرعات الذي يقاتل في غزة: “أريدكم أن تستمروا حتى آخر جندي. سنستمر حتى النهاية، حتى النصر، حتى إبادة حماس. لا ينبغي أن يكون هناك شك في ذلك. أقول ذلك في ظل الألم الشديد، ولكن أيضاً في ظل الضغوط الدولية”.

اما وزير الدفاع يوآف غالانت فأكد “اننا ندفع ثمناً باهظاً لكن هدفنا يستحق ذلك”.

وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة عبّرت لاسرائيل عن مخاوفها حيال سقوط ضحايا مدنيين في غزة، بعدما حذّر الرئيس جو بايدن الدولة العبرية من أنها قد تخسر الدعم الذي تحظى به بسبب “قصفها العشوائي” في غزة.

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: “لدينا مخاوف وعبّرنا عن هذه المخاوف بشأن تواصل هذه الحملة العسكرية مع الاقرار في الوقت ذاته بأن حماس هي التي بدأت”.

ووسط دفع واشنطن لتتولى السلطة الفلسطينية الحكم في غزة بعد الحرب، يرفض نتنياهو هذا الأمر ويطرح انشاء كيان لا يعادي اسرائيل.

وشدد زعيم حركة “حماس” إسماعيل هنية على أن أي ترتيبات في غزة من دون حماس هي “وهم وسراب”. وأكد في خطاب “أننا منفتحون على نقاش أي أفكار أو مبادرات يمكن أن تفضي إلى وقف العدوان وتفتح الباب على ترتيب البيت الفلسطيني على مستوى الضفة والقطاع”.

شارك المقال