تل أبيب تريد هدنة في غزة… وسخونة على حدودنا تودي بضابط اسرائيلي رفيع

لبنان الكبير / مانشيت

كان يوماً عادياً في الجنوب، أمس، مع قصف واشتباكات صارت روتينية يدرجها الجميع في اطار “قواعد الاشتباك” بين إسرائيل و”حزب الله” بضغط أميركي وأوروبي، قبل أن تعلن تل أبيب مقتل ضابط عالي الرتبة وإصابة جنديين في شمال فلسطين المحتلة، ما أثار مخاوف من احتمال تفاقم الوضع، خصوصاً أن حكومة بنيامين نتنياهو، بحسب مراقبين كثيرين، قد لا تتردد في الهرب من “وحل غزة” الا بـ “حرب كبرى” على مستوى المنطقة.

ويوماً بعد يوم تنزلق اسرائيل أكثر في مستنقع حرب غزة، مع أخطاء فاضحة بدا فيها جيشها الذي كانت تتباهى وتتحدى به، أشبه بميليشيا ضاعت في أنفاق غزة وتمكن مقاتلون فلسطينيون من إلحاق خسائر فادحة في صفوفها، حتى وصل الأمر بأن يقتل الجنود الاسرائيليون رهائن اسرائيلية رفعت العلم الأبيض.

وإذ صارت إسرائيل “أكثر انفتاحاً” على التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار والافراج عن سجناء فلسطينيين مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، تبدو الادارة الاميركية عالقة في الوحل مع حليفتها المدللة ليطالها هي أيضاً خطر خسارة مصالح وعلاقات نسجتها طوال عقود، فتمسك بالحبل السياسي بنفسها معولة على فرض “حل الدولتين” معدلاً عبر سلطة واحدة، ولهذا تتحرك بقوة وبعيداً عن الأضواء على خط رام الله بأمل دفع السلطة الفلسطينية الى اجراء تعديلات وإصلاحات لتكون “مؤهلة” لحكم قطاع غزة والضفة الغربية لاحقاً.

ومن بعيد، يطل حوثيو اليمن، الذين تحركهم إيران، مع صواريخهم غير الذكية لتهديد حركة الملاحة عبر باب المندب وقناة السويس، فينجحوا مبدئياً في وقف حركة حاملات الحاويات، وإرباك حركة ناقلات النفط بدرجة كبيرة.

وفي هذه المعمعة القائمة، برزت الخطوة التي نفذتها القوات الحوثية، التي أعلنت مهاجمتها أهدافاً إسرائيلية أو ذات صلة بإسرائيل، مشيرة الى استهداف سفينتي حاويات كانتا متجهتين إلى إسرائيل، وأن ذلك يأتي رداً على ما يحدث في قطاع غزة من “قتل وتدمير وحصار”.

وأتى ذلك بعد ساعات من إعلان شركتي “ميرسك” الدنماركية و”هاباغ-لويد” الألمانية للنقل البحري الجمعة تعليق مرور سفنهما في البحر الأحمر.

وفي اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، أكد بلينكن أهمية الجهود الدولية لوقف هجمات الحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر وضمان أمن الملاحة.

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزيرين ناقشا أيضاً ضرورة تلبية الاحتياجات الانسانية في غزة وحماية المدنيين، وضرورة بذل الجهود لمنع اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط.

وأعلن وزير الدولة البريطاني لشؤون الدفاع غرانت شابس أمس أن مدمرة بريطانية أسقطت طائرة مسيرة يشتبه أنها هجومية استهدفت إحدى السفن التجارية في البحر الأحمر الليلة الماضية. وندد بموجة الهجمات الأخيرة على أهداف في البحر الأحمر، مؤكداً أنها تمثل “تهديداً مباشراً” للتجارة الدولية والأمن البحري. وشدد على التزام بريطانيا بالتصدي لهذه الهجمات لحماية حركة التجارة العالمية.

في المقابل، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في بيان أن مدمرة أميركية مزودة بصواريخ موجهة أسقطت 14 طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون في اليمن في البحر الأحمر أمس السبت.

وذكر البيان أن “مدمرة الصواريخ الموجهة الأميركية يو.إس.إس كارني (دي.دي.جي 64) من فئة أرلي بيرك، التي تعمل في البحر الأحمر، نجحت في ساعات الصباح الباكر، في الاشتباك مع 14 نظاماً جوياً مسيراً تم إطلاقها كموجة طائرات مسيرة من مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن”.

وقال متحدث باسم الحوثيين إن الجماعة تجري محادثات بوساطة سلطة عمان مع “أطراف دولية” بشأن “العمليات” المستمرة في البحر الأحمر وبحر العرب.

وبالعودة، إلى أهداف إسرائيل الخاطئة والتي تندم عليهم سريعاً وآخرها ما أعلن عنه الجيش الاسرائيلي عن قتل ثلاث رهائن “عن طريق الخطأ” في غزة، بعدما إعتقد الجنود أنهم يشكلون تهديداً في واقعة أثارت احتجاجات في تل أبيب، سارع المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هغاري الى القول: “خلال القتال في (حي) الشجاعية، حدد الجيش عن طريق الخطأ ثلاث رهائن إسرائيليين على أنهم يشكلون تهديداً. نتيجة لذلك، قامت القوات بإطلاق النار عليهم وقتلوا”، معرباً عن “الندم العميق على الحادث المأسوي”.

وأعلن الجيش في وقت لاحق فتح تحقيق في الحادثة. وقال المتحدث أفيخاي أدرعي: “يتم الآن إطلاع القوات المقاتلة في الميدان كافة على الدروس الفورية المستفادة من الحادث”.

وأعرب نتنياهو عن أسفه “لمأساة لا تحتمل”، بينما وصف البيت الأبيض مقتل الرهائن الثلاث بأنه “خطأ مأساوي”.

ومع انتشار أنباء الحادث، تجمع مئات الأشخاص أمام وزارة الدفاع الاسرائيلية في مدينة تل أبيب مطالبين حكومة نتانياهو بالسعي الى الإفراج عن 129 رهينة لا زالوا محتجزين لدى “حماس”.

وربطاً بكل هذا الواقع المأساوي، أشارت المعطيات الى أن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التقى مدير جهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) دافيد بارنياع لبحث استئناف مفاوضات إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى في قطاع غزة.

وفي تفاصيل اللقاء الذي عقد في أوروبا، فهو الأول بين مسؤولين إسرائيليين وقطريين كبار منذ انهيار هدنة إنسانية استمرت أسبوعاً مطلع كانون الأول، وبحسب المعطيات تم إطلاع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل على الاجتماع، وأنهما يساعدان في استئناف جهود التوصل الى اتفاق لتبادل المحتجزين بين إسرائيل و”حماس”.

أما داخلياً، وبعدما كان مقرراً أن تصل وزير الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى لبنان امس السبت، وأن تلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري بالاضافة الى قائد “اليونيفيل” في إطار مساعي باريس لتجنّب إتساع رقعة التصعيد بين إسرائيل و”حزب الله” الى حرب شاملة، اضطُرت كولونا إلى تأجيل زيارتها حتى يوم غد الاثنين، جراء عطل تقني في الطائرة التي كان يفترض أن تقلّها إلى بيروت، لكن كولونا لم تلغِ زيارتها تماماً فستزور إسرائيل والضفة الغربية المحتلة اليوم الأحد.

وفيما تستمر ردود الفعل على نجاح التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، بدا الاهتمام بحظوظه الرئاسية لافتاً، اذ لاحظت مصادر نيابية أن “حظوظ قائد الجيش تبقى قائمة لا بل تزيد، وهي موجودة بقوة اليوم”.

وأشارت أوساط مطلعة في حديث عبر “لبنان الكبير” الى أن “التمديد للعماد عون أعطاه فرصة اضافية وأبقاه في مقدمة قائمة المرشحين وأسقط هدف البعض من محاولة إقصائه من قائمة المرشحين بعدم التمديد له”، معتبرةً أن “عملية التمديد له اليوم هي محطة ايجابية على الطريق الرئاسي”.

أما جنوباً، فيُحافظ المشهد على واقعه مع تواصل الاشتباكات والمعارك، ومساءً استهدف القصف الاسرائيلي أطراف طيرحرفا، وأفادت القناة 12 الاسرائيلية عن إطلاق صواريخ اعتراضية فوق منطقة طبريا عند الحدود الجنوبية.

وأقرّ الجيش الإسرائيلي في بيان، بمقتل جنديّ له جرّاء إصابته بمسيّرة مفخخة عند الحدود اللبنانية، وأعلن أنه استهدف عدداً من المشتبه بهم في منطقة بجنوب لبنان تابعة لـ”حزب الله” بعد إطلاق ثلاث قذائف من الأراضي اللبنانية باتجاه شمال إسرائيل.

كما أعلن الجيش الاسرائيلي في بيان امس، أن جندياً قتل وأصيب اثنان آخران في منطقة مرغليوت (شمال) على الحدود اللبنانية، فيما أكد ناطق لوكالة “فرانس برس” أن الضحايا سقطوا في هجوم لـ “طائرة معادية”.

وقال: “السرجنت مايجور (احتياط) يحزقيل عزاريا من بتاح تكفا… سقط خلال نشاط عملياتي في منطقة مرغليوت وكان يبلغ 53 عاماً عند مقتله”.

وعزاريا هو الجندي الاسرائيلي السابع الذي يقتل على الحدود اللبنانية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و”حماس”.

وأكد ناطق عسكري لوكالة “فرانس برس” أن جنديين آخرَين أصيبا أيضاً في الحادث الذي نجم عن توغل “طائرة معادية” غير محدّدة.

وكان الجيش أعلن عن عملية التوغل في وقت سابق السبت، قائلاً في بيان: إن منظومة الدفاع الجوي التابعة له اعترضت طائرة معادية عبرت من لبنان إلى إسرائيل، مضيفاً: “تم تحديد طائرة معادية أخرى عبرت من لبنان وسقطت في مرغليوت… رداً على ذلك، تقصف مدفعية الجيش الاسرائيلي لبنان”.

اما “حزب الله” فأصدر بياناً جاء فيه: “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، شن مجاهدو المقاومة الاسلامية عند الساعة 11:00 من قبل ظهر يوم السبت 16-12-2023 هجوماً جوياً بطائرة مسيرة انقضاضية على تموضع لجنود الاحتلال الإسرائيلي خارج ثكنة راميم (قرية هونين اللبنانية المحتلة) ما أدى الى سقوط اصابات مؤكدة بين أفراده”.

شارك المقال