تفاوض بالنار وإسرائيل تبحث عرض هدنة طويلة مع “حماس”

لبنان الكبير / مانشيت

وسط محادثات “جدية” تجريها الدولة العبرية مع حركة “حماس” ونقل هيئة البث الاسرائيلية أن حكومة الحرب تدرس تقديم عرض للحركة يتضمن هدنة طويلة نسبياً، بالتزامن مع رغبة أميركية في الانتقال إلى مرحلة “أشد دقة” للحرب، اشتد القصف الاسرائيلي أمس على قطاع غزة في احدى أقسى جولات العنف منذ اندلاع الحرب، فيما أظهرت “حماس” استمرار قدرتها على قصف تل أبيب، في رسالة واضحة للصرف على طاولة المفاوضات، بينما أجّل مجلس الأمن تصويته للمرة الخامسة بشأن قرار على هدنة، بجهود ديبلوماسية لتجنب “فيتو” أميركي على نص القرار.

التصعيد لم يقتصر على غزة، بل شمل القصف المتواصل القرى الحدودية الجنوبية، في رسالة واضحة للتذكير بالدمار الذي بامكان الجيش الاسرائيلي أن يحدثه، وكان شديداً لدرجة أن السماء أمطرت حجارة في الجنوب، الأمر الذي أحيا ذكريات حرب تموز 2006، وأفيد أن امرأة قتلت في بنت جبيل. فيما رد “حزب الله” باستهداف طال عمق المستعمرات الاسرائيلية، وأدى الى احتراق عدد من السيارات.

في هذه الأجواء التصعيدية تمكن الحزب من تبريد جبهة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، الذي حضر إلى السراي الحكومي معتذراً، بمعية وزير الثقافة محمد المرتضى، إلا أنه لم يعطِ التزاماً بحضور أي جلسة حكومية، وذلك وفقاً لأهواء رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، مكرراً الأسطوانة نفسها عن قيامه بواجبه حين يحصل التوافق على تعيين رئيس للأركان.

وفيما كانت مدينة خان يونس، احدى أكبر مدن جنوب قطاع غزة، تتعرض لقصف عنيف، كان القصف أكثر شدة على الجانب الشمالي من القطاع حيث أمكن رؤية ومضات برتقالية من الانفجارات وتصاعد الدخان الأسود إلى السماء، بينما أعلنت “كتائب القسام” عن “قصف تل أبيب برشقة صاروخية رداً على المجازر الاسرائيلية بحق المدنيين”. ودوت فيها صافرات الانذار مع اعتراض الدفاعات الجوية الصواريخ القسامية وانفجارها في السماء.

وفي حين يجري رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية محادثات في مصر لليوم الثاني، أعلنت حركة “الجهاد الإسلامي” عن توجه زعيمها زياد النخالة إلى القاهرة أيضاً.

وأشارت “حماس” الى أن الفصائل الفلسطينية اتخذت موقفاً موحداً بأنه لا ينبغي الحديث عن الأسرى أو اتفاقات تبادل إلا بعد الوقف الكامل للعدوان. وقالت: “هناك قرار وطني فلسطيني بأن لا حديث حول الأسرى ولا صفقات تبادل إلا بعد وقف شامل للعدوان”.

وأكد وزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين أن المفاوضات بخصوص الإفراج عن الرهائن جارية لكنه رفض الادلاء بتفاصيل، بينما كرر موقف إسرائيل بأن الحرب لن تتوقف ما دامت “حماس” تسيطر على غزة.

وفي حين تتواصل الجهود الديبلوماسية من أجل إقرار مشروع لوقف الحرب في مجلس الأمن، الذي أجّل التصويت فيه للمرة الخامسة، أكد نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود أن مشروع القرار المقترح من الامارات العربية المتحدة لم يبلغ بعد صيغة تلقى موافقة الولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: “ما زلنا نعمل بنشاط مع شركائنا في الأمم المتحدة بشأن القرار واللغة المعتمدة”.

في عمان، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مباحثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حول المساعدات الانسانية لغزة وعملية السلام في الشرق الأوسط قبيل إنتقاله إلى قاعدة جوية للاحتفال بأعياد الميلاد مع جنود فرنسيين.

ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني عن الملك عبد الله تأكيده لماكرون خلال لقائهما في مدينة العقبة “ضرورة أن يضغط العالم بأسره لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين”، و”التحرك وبشكل فوري لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف ومستدام إلى قطاع غزة، الذي يشهد وضعاً إنسانياً كارثياً”.

أما الرئيس الفرنسي فأكد “حرص فرنسا على زيادة المساعدات الإنسانية الموجهة الى قطاع غزة، بالتنسيق مع الأردن”، كما عبّر عن “رغبة بلاده في معالجة عدد من الأطفال الغزيين المصابين بالسرطان في مستشفيات بفرنسا بالتنسيق مع الأردن”، مشيراً إلى أن “هناك رغبة من دول أوروبية لاستقبال أطفال مصابين من غزة لتلقي العلاج”.

وتواصل وكالات الأمم المتحدة التحذير من الأزمة الانسانية العميقة في قطاع غزة حيث يعاني نصف السكان من جوع شديد أو حاد مع حرمان تسعين بالمئة منهم من الطعام لمدة يوم كامل باستمرار، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية.

ورأى مسؤول العمليات الانسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث أن حصيلة الضحايا في قطاع غزة تشكّل “علامة مأسوية ومخجلة”.

ودعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان إسرائيل إلى فتح تحقيق في “احتمال ارتكاب قواتها المسلحة جريمة حرب” في غزة، مشيرة إلى أنها تلقت “تقارير مقلقة” بشأن مقتل “11 رجلاً فلسطينياً غير مسلحين” في مدينة غزة.

وفيما كانت الحدود الجنوبية اللبنانية مشتعلة، توقّع البنك الدولي أن تتسبب الحرب بين إسرائيل و”حماس” في عودة الاقتصاد اللبناني إلى حالة الركود، على الرغم من التوقعات المتفائلة التي تحركها السياحة وتحويلات المغتربين في البلاد التي تشهد أزمة.

وأوضح البنك في تقرير، أن تداعيات الصراع الحالي أثرت على الانتعاش الطفيف الذي حققه لبنان الغارق في أزمة اقتصادية عميقة منذ سنوات. وأشار إلى أن أكثر من نصف حجوزات السفر إلى لبنان لتمضية العطلة الشتوية ألغيت، محذراً من أن “اعتماد لبنان على السياحة وتدفقات التحويلات المالية لا يمثل استراتيجية اقتصادية سليمة أو خطة لحل الأزمة الاقتصادية. فنظراً الى التقلبات في قطاع السياحة وتعرضه لمخاطر الصدمات الخارجية والداخلية، لا يمكن لهذا القطاع أن يكون بديلاً من محركات النمو الأكثر استدامة وتنوعاً”.

وكان الجنوب اللبناني شهد تصعيداً جديداً أمس، بحيث أشعلت المدفعية الاسرائيلية القرى الحدودية، بقصف عنيف أدى الى مقتل امرأة، فيما أعلن “حزب الله” إطلاق 3 مسيرات انقضاضية على تجمعات العدو في مواقع مستحدثة خلف مزارع شبعا، وشاهد أبناء القرى النار تندلع من هذه المواقع.

شارك المقال