حرب غزة لاستنزاف المنطقة… ضربة إسرائيلية لرأس “محور الممانعة”

لبنان الكبير / مانشيت

دخلت حرب غزة مرحلة الاستنزاف الخطير، للفلسطينيين بالدمار وإزهاق الأرواح، ولاسرائيل بتردي أوضاع جيشها واقتصادها وسياستها، وللمنطقة بتعدد الجبهات والاستهدافات، من البحر الأحمر الى شبه جزيرة سيناء الى لبنان وسوريا والعراق، مع إنغماس متزايد لأميركا وايران، ما ينذر بأن تكون سنة 2024 محطة فاصلة في تاريخ الشرق الأوسط، وربما العالم.

وفيما كان “محور الممانعة” يلعب بشطارة عبر ساحاته المتعددة، وجهت إسرائيل ضربة قاسية الى رأس هذا المحور، ايران، بإغتيال رضي موسوي “أحد المستشارين الأكثر خبرة” في سوريا و”المسؤول اللوجيستي لمحور المقاومة” فيها، من خلال ضربة صاروخية إسرائيلية استهدفته في منطقة السيدة زينب قرب العاصمة.

وموسوي هو أبرز قيادي في “فيلق القدس” الوحدة الموكلة العمليات الخارجية في الحرس الثوري، يُقتل خارج إيران، بعد اللواء قاسم سليماني الذي قُتل في غارة أميركية في العراق في الثالث من كانون الثاني 2020. ولذا توعدت طهران اسرائيل بالرد “في الزمان والمكان المناسبين”.

وسط كل هذا الضجيج حاول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يُسمع صوته، للداخل أكثر من الخارج، بتكرار كلامه عن “سحق حماس” فيما تروج أوساطه لـ “ترانسفير” فلسطيني جديد بمسمى “الهجرة الطوعيّة”، بينما الحال أن اسرائيل تعمل على جعل قطاع غزة غير قابل للحياة فلا يعود لأهله غير البحث عن مكان يأويهم.

وفيما لم تعلن الدولة العبرية رسمياً عن تبنيها قتل موسوي، قال رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي رداً على سؤال: “لن أعلق على مختلف الاجراءات التي نتخذها. الجيش الاسرائيلي يعمل مع منظمات الأمن الأخرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط، داخل حدود الدولة، وفي محيط حدودها”.

أضاف: “نتخذ كل الاجراءات اللازمة لنوضح تماماً أننا مصممون جداً على الدفاع عن البلاد ومستعدون لفعل المزيد”.

وتوعدت إيران اسرائيل بـ “رد قاسٍ” بعد مقتل موسوي، وكتب وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان عبر حسابه على منصة “إكس”: “على تل أبيب أن تنتظر العد التنازلي القاسي”.

وعلق المتحدث باسم وزارة الدفاع رضا طلائي، في مؤتمر صحافي على أسئلة عن مقتل موسوي بالقول: “انها محاولة إسرائيلية للتحريض على الحرب”، مؤكداً أن “هذه الجريمة تستحق العقاب، وعلى مرتكبيها أن ينتظروا عقاب عملياتهم الأخيرة”. وأعلن أن رد بلاده سيكون “فعالاً ومؤثراً وذكياً”.

وقال المتحدث باسم حكومة إيران علي بهادري جهرمي، إن الرد على مقتل موسوي، “مؤكد وسيتم في الزمان والمكان المناسبين”. وشدد الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي على أن “إسرائيل ستدفع بالتأكيد الثمن”.

الى ذلك، تستمر العمليات الحربية وسط غزة، وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن عداد القتلى وصل إلى 20915 منذ بداية الحرب. وقال رئيس أركان الجيش الاسرائيلي: “ستستمر الحرب شهوراً كثيرة وسنستخدم أساليب مختلفة للحفاظ على إنجازاتنا لفترة طويلة”.

أضاف هاليفي: “لا حلول سحرية ولا طرق مختصرة لتفكيك منظمة إرهابية، بل قتال حازم ومتواصل… سننال من قيادة حماس أيضاً، سواء استغرق هذا أسبوعاً أو شهوراً”.

وتابع: “قلنا منذ لحظاتها الأولى أن هذه ستكون حرباً طويلة الأمد لأنه كان من الصواب تحديد أهداف بعيدة وسنذهب بعيداً، ولهذا ستكون المدة طويلة”. وأشار الى أن المدة ستسمح للجيش بتكييف أساليبه، متسائلاً: “في نهاية المطاف، هل سنتمكن من قول إنه لا يوجد عدو يحيط بدولة إسرائيل؟ أعتقد أن هذا مفرط التفاؤل، لكننا سنخلق وضعاً أمنياً جديداً”.

وكان الجيش الاسرائيلي شن غارات جوية جديدة وسط غزة أمس وشهدت فترة عيد الميلاد تصاعداً في الحرب، وخصوصاً في وسط القطاع حيث طلبت القوات الاسرائيلية من المدنيين مغادرة المنطقة على الرغم من أن الكثيرين يقولون إنه لم يعد هناك مكان آمن يذهبون إليه.

وأعلن المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان سيف ماجانجو “اننا نشعر بقلق بالغ إزاء استمرار قصف القوات الاسرائيلية لمنطقة وسط غزة، والذي أودى بحياة أكثر من 100 فلسطيني منذ عشية عيد الميلاد”. ورأى أنه “يتعين على القوات الاسرائيلية أن تتخذ جميع التدابير المتاحة لحماية المدنيين. الانذارات وأوامر الاخلاء لا تعفيها من كامل التزاماتها بموجب القانون الانساني الدولي”.

وبالعودة الى خطة “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين من غزة، قال عضو الكنيست عن حزب “الليكود” داني دانون: “إسرائيل تلقت عروضاً من دول في أميركا الجنوبية وإفريقيا لاستقبال لاجئين من قطاع غزة مقابل مبالغ مالية.”

واعتبر دانون في برنامج تلفزيوني لهيئة البث الاسرائيلية أن من الأسهل على سكان قطاع غزة الذهاب إلى بلدان أخرى، مضيفاً: “بنينا خططاً للهجرة الطوعية للفلسطينيين الراغبين في المغادرة؛ ويجب أن يكون من الأسهل عليهم الذهاب إلى بلدان أخرى”.

في الوقت نفسه، ذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” الاثنين أن نتنياهو يعمل على تحقيق هدف الهجرة الطوعية، مشيرة إلى نقاشات مغلقة في هذا الخصوص داخل حزب “الليكود” الذي يقوده رئيس الوزراء الاسرائيلي.

في المقابل، قالت الصحيفة إن نتنياهو يرى المشكلة تكمن في توفير الدول المستعدة لاستيعاب هذه الأعداد من اللاجئين؛ وأكد أن إسرائيل تعمل من أجل ذلك.

كما نقلت الصحيفة عن داني دانون قوله خلال اجتماع، ان بعض دول العالم تناقش هذا الأمر بالفعل، مشيراً إلى أن وزير الهجرة الكندي تحدث عن هذه الأمور علناً؛ وكذلك فعلت نيكي هيلي، المرشحة الجمهورية المحتملة للرئاسة الأميركية، التي رأت وجوب فتح معبر رفح وإخراج سكان قطاع غزة باتجاه مصر والدول التي تدعم حركة “حماس” مثل قطر وإيران.

ودعا دانون خلال الاجتماع نفسه إلى تشكيل فريق إسرائيلي متخصص في قضية تهجير سكان قطاع غزة والتأكد من أن كل من يريد مغادرة غزة إلى دولة أخرى يمكنه القيام بذلك. وأكد وجوب “أن تكون هذه الخطوة منظمة، لما لها من أهمية استراتيجية لليوم التالي للحرب”.

وفي لبنان تستمر السخونة على الحدود اللبنانية، حيث أعلن “حزب الله” عن استهداف عدة مواقع اسرائيلية، منها زبدين وراميا والراهب، وكذلك عن استهداف ثكنات الشوميرا ودوفيف وبرانيت. فيما أعلن الجيش الاسرائيلي عن إطلاق صاروخ دفاع جوي للمرة الثانية من لبنان تجاه طائرة تتبع لسلاح الجو الاسرائيلي.

وأشار الاعلام العبري الى إصابة إسرائيلي بصاروخ موجّه أُطلق من لبنان تجاه مستوطنة أدميت في الجليل الغربي، بالاضافة إلى سقوط إصابات بعد إطلاق “حزب الله” لصاروخ مضاد للدروع تجاه مستوطنة إفن مناحم في الجليل الغربي، وأعلن الاسعاف الإسرائيلي عن 4 إصابات إحداها خطيرة إثر سقوط صاروخ مضاد للدروع قرب إقرث عند الحدود مع لبنان.

وكانت القرى الجنوبية تعرضت لقصف مدفعي متنوع وغارات متعددة، فيما لوحظت دقة في غارات المسيرات، التي استهدفت سيارات وأبنية في القرى الحدودية، كأنها تعرف أهدافها.

شارك المقال