حرب غزة تتراجع… حرب أوكرانيا تتقدم… هل تقلب إسرائيل الطاولة على الجميع؟

لبنان الكبير / مانشيت

حرب غزة راوح مكانك ميدانياً. حرب الجنوب اللبناني تزداد سخونة وإحتمال كبير أن تطغى خطورتها على الأولى، كونها الأكثر حساسية على مستوى المنطقة، وهو ما حذر منه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وذلك في وقت تشتد حرب أوكرانيا مع تصعيد لافت من روسيا، التي استفادت من الانشغال الغربي بدعم إسرائيل لتعزيز أوضاعها، لتنتبه الادارة الأميركية الى إمكان خسارة “استثماراتها” العسكرية والسياسية الهائلة التي وضعتها برهانها على كسر موسكو.

هل تتقدم حرب أوكرانيا على حرب غزة؟ ربما الجواب لن يتأخر في الأيام الأولى لسنة 2024، وفيه سنرى مقدرة “القوة العالمية العظمى” (أميركا) في إدارة ودعم شريكين استراتيجيين (أوكرانيا وإسرائيل) في حربين كبيرتين في آن واحد. ولوحظ أن حرب غزة حين تقدمت وانشغل بها العالم تراجع الدعم لأوكرانيا. فهل ستسمح اسرائيل بأن تنشغل عرابتها عنها في مكان آخر، أم أنها لن توفر جهداً لتوريط الجميع في حرب كبرى، تحضر فيها كل الأشباح الشرق أوسطية؟

وحضّ الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس على اتخاذ خطوات “طارئة” لتجاوز الخلافات بشأن المساعدات العسكرية لكييف، معتبراً أن الهجوم الصاروخي الذي شنّته روسيا صباح أمس الجمعة يؤشر الى رغبتها في “محو” أوكرانيا.

وقال بايدن في بيان: “ما لم يتخذ الكونغرس خطوات طارئة في السنة المقبلة، لن نتمكن من الاستمرار في إرسال الأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي الحيوية التي تحتاجها أوكرانيا لحماية شعبها”. ودعا الكونغرس الى التحرك “من دون أي تأخير إضافي”.

وكانت روسيا شنت صباح أمس سلسلة من الضربات على عدد من المدن الأوكرانية من بينها كييف مستخدمة “عدداً غير مسبوق من الصواريخ” ما أدى إلى مقتل 30 شخصاً على الأقل وجرح 160 آخرين، وفق أحدث حصيلة رسمية أوكرانية.

وأكد بايدن أن هذا كان “أكبر هجوم جوي على أوكرانيا منذ بدء الحرب” في شباط 2022.

واعتبر الرئيس الأميركي الذي تعد بلاده أبرز داعمي أوكرانيا عسكرياً، أن الهجوم “تذكير صارخ للعالم بأنه بعد نحو عامين من هذه الحرب المدمّرة، يبقى هدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حاله. يريد محو أوكرانيا وإخضاع شعبها. يجب أن يتمّ وقفه”.

ورأى أن على الأميركيين أن يشعروا بـ”الفخر” للمساعدات التي قدمها الجيش الأميركي لأوكرانيا من أجل أن تناضل في سبيل “حريتها واستقلالها”. وأشار الى أن العديد من القضايا على المحك في هذه الحرب، مثل مستقبل حلف شمال الأطلسي “ناتو” وأمن أوروبا والولايات المتحدة، موضحاً “عندما يسمح للديكتاتوريين والمتسلطين بالتصرف على هواهم في أوروبا، يتزايد الخطر بجرّ الولايات المتحدة بصورة مباشرة”.

وعرقل الجمهوريون في الكونغرس مساعي الادارة الديموقراطية لتقديم مزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا. ويريد المشرّعون الجمهوريون وقف الدعم ورفضوا المصادقة على حزمة جديدة ما لم يوافق الديموقراطيون أولاً على إجراءات صارمة لكبح الهجرة عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.

وفي غزة تختتم إسرائيل العام بهجمات جديدة في وسط غزة وجنوبها، الأمر الذي وصفه وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت بأنه مرحلة أساسية من مهمة تدمير حركة “حماس”.

وقصفت القوات الاسرائيلية خان يونس أيضاً استعداداً لمزيد من التوغل في المدينة الرئيسة جنوب القطاع والتي استولت على مساحات واسعة منها في أوائل الشهر الجاري. ووصف غالانت التوغل هناك بأنه “مهمة لم تنفذ من قبل قط”، مشيراً الى أن القوات تصل إلى مراكز قيادة “حماس” ومخازن أسلحتها. وقال: “عملياتنا أساسية لتحقيق أهداف الحرب. نرى النتائج وتدمير قوات العدو”.

وأصدر الجيش الاسرائيلي أمس، تعليماته إلى سكان مدينة خان يونس، بالتوجه نحو مدينة رفح إلى الجنوب الغربي على الحدود المصرية. وأعلن العثور على متفجرات في منازل أعضاء “حماس” بالمدينة.

وأفادت تقارير بأن من المرجح أن قادة “حماس” يختبئون في خان يونس، حيث يعمل الجيش على نشر قواته بصورة مكثفة في الوقت الراهن.

وأشار الجيش الى تدمير مبان تحتوي على متفجرات، كما عثرت القوات على عدد من الأنفاق والأسلحة، لافتاً إلى مقتل العشرات من عناصر حركة “حماس” في معارك مختلفة شمال قطاع غزة.

ويفر عشرات الآلاف من سكان غزة من البريج والمغازي والنصيرات في وسط القطاع بموجب أوامر إسرائيلية مع توغل الدبابات من شمال القطاع وشرقه. وتوجه معظمهم جنوباً أو غرباً إلى مدينة دير البلح المزدحمة بالفعل بالنازحين، حيث أقاموا مخيمات مؤقتة مصنوعة من ألواح البلاستيك في أي أرض مفتوحة متاحة.

وفيما تواصلت العمليات العسكرية الاسرائيلية في اليوم الـ84 من الحرب، وصل وفد من حركة “حماس” إلى القاهرة لبحث خطة مصرية بثلاث مراحل تنص على هدن قابلة للتمديد والافراج التدريجي عن عشرات الرهائن والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف الأعمال القتالية. ويفترض أن وفد حماس نقل إلى المصريين “ردّ الفصائل الفلسطينية الذي يتضمن ملاحظات عدة على خطتهم”.

ومع النقص الصارخ في المواد الأساسية في القطاع المحاصر، حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس من “خطر جسيم” يواجهه سكان غزة. ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ “خطوات عاجلة للتخفيف من الخطر الجسيم الذي يواجه سكان غزة ويقوض قدرة العاملين في المجال الانساني على مساعدة الأشخاص الذين يعانون إصابات فظيعة وجوعاً حاداً والمعرضين لخطر شديد للإصابة بأمراض”.

وكتبت مقررة الأمم المتحدة المعنية بوضع حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي على منصة “إكس”: “ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين، خصوصاً في غزة، هو وحشية قرننا”، مضيفة أن “تهاون الغرب يتحوّل إلى تواطؤ”.

كما انتقد منسّق الشؤون الانسانية في الأمم المتّحدة مارتن غريفيث شروط إدخال المساعدات، وقال عبر منصة “إكس”: “يجب أن يتوقف القتال حالاً”، محذّراً من “وضع مستحيل لشعب غزة ولأولئك الذين يأتون لمساعدتهم”.

وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن الجيش الاسرائيلي أطلق النار على إحدى قوافل المساعدات التابعة لها في قطاع غزة من دون وقوع إصابات.

وفي ردود الفعل الدولية، قدمت دولة جنوب إفريقيا طلباً إلى محكمة العدل الدولية لبدء إجراءات ضد إسرائيل لما وصفته بأنه “أعمال إبادة ضد الشعب الفلسطيني” في قطاع غزة. وأكّدت أن “أفعال إسرائيل وأوجه تقصيرها تحمل طابع إبادة لأنها مصحوبة بالنية المحددة المطلوبة لتدمير فلسطينيي غزة كجزء من المجموعة القومية والعرقية والاتنية الأوسع أي الفلسطينيين”، حسبما أفادت محكمة العدل الدولية في بيان.

وفي الجبهة الشمالية، قال الجيش الاسرائيلي أمس انه قصف مواقع في جنوب لبنان بعدما أعلن “حزب الله” في وقت سابق قصفه لموقعين عسكريين في شمال إسرائيل، مع استمرار القصف الحدودي اليومي المتبادل بين الجانبين.

وذكر الجيش أنه هاجم بنى تحتية ومجمعاً عسكرياً لـ “حزب الله”، كما قصف مجموعة مسلحة قال إنها مسؤولة عن إطلاق صواريخ مضادة للدبابات في بلدة عيترون جنوب لبنان.

وأفادت “الوكالة الوطنية للاعلام” بوقوع هجمات إسرائيلية على عدة مواقع في جنوب البلاد بينها قصف مركز على أطراف قرى علما الشعب والضهيرة.

وفي وقت سابق، أعلن الحزب أن مقاتليه استهدفوا موقع حدب يارون بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة، وكذلك قصف ‏رافعة ‏”تحمل تجهيزات ومعدات تجسس في مزارع دوفيف بالأسلحة المناسبة وتمت إصابتها إصابة ‏مباشرة”.

وحذر متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة من أن تبادل إطلاق النار عبر حدود إسرائيل ولبنان ينذر بتصعيد أوسع للصراع ويؤثر على الاستقرار الاقليمي.

شارك المقال