كأن الآتي 2023 +1 بالطوفان المتمادي… فلنأمل خيراً

لبنان الكبير / مانشيت

كانت 2023 سنة طويلة، متعبة، ثقيلة، حفلت بالمشكلات والمتاعب والزلازل بكل أنواعها، خصوصاً السياسية مع الحدث الذي صحا عليه العالم فجر السابع من تشرين الأول، فكان إسماً على مسمى: “طوفان الأقصى”، بل الطوفان الأقصى، أعاد الشرق الأوسط الى زمن رسم الخرائط الكيانية. فجأة تحركت كل “الفوالق” الجيوسياسية دفعة واحدة وسط ميدان حرب واسعة، متعددة الأسلحة والأدوات، على أرض فلسطين بتشكيلاتها السلطوية الثلاثة: كيان إسرائيلي محتل جنح به التطرف الى الأساطير اليهودية؛ وقطاع أعطي لـ”أخوان حماس”؛ وضفة غربية حال الطرفان اليهودي والاسلامي دون قيام سلطة فيها ولو على قياس “أوسلو” الهجين، فخاف الأردن على ضفته الشرقية الرخوة، وانشغلت مصر بالهواجس القديمة التي تحملها رياح سيناء، وأدرك اللبنانيون على وقع القذائف أن بلدهم “ساحة” في محور متعدد الأطراف يعمل لمصلحة “ولي الفقيه” الايراني.

البعض يخشى أن لا تسلم الـ2023 الروزنامة لـ2024 بل أن تفتح “ملحقاً” لنعيش 2023 +1… والعام الذي بدأ بزلزال من الطبيعة وبطوفان من صنع البشر، أثبت أن مصطلح القوى العظمى بحاجة إلى تحديث، من حرب غزة وفشل التفوق العسكري أمام الارادة الفلسطينية، إلى حرب أوكرانيا وعدم قدرة المجتمع الغربي، على الرغم من كل الدعم للجيش الأوكراني والخسائر الباهظة للجيش الروسي، في وقف الحرب، بل انه بعد اندلاع حرب غزة وخفض الدعم الغربي لأوكرانيا استعاد القيصر الروسي المبادرة، وسط تحول الأولويات الأميركية إلى ربيبتها الأهم اسرائيل، بينما اهتزت بصورة كبيرة صورة الردع التي كانت الولايات المتحدة تتمتع بها، لاسيما مع تبعات حرب غزة في عدة جبهات في منطقة المتوسط حيث تهاجم الفصائل الايرانية اسرائيل والقواعد الأميركية والمصالح الغربية فيها.

ويمكن القول إن أحداث 2023 شكلت تراجع الثقة بقوة الردع الأميركي في العالم، وهو أمر حتماً سيؤثر في العلاقات الدولية، ولعل الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية كانت أول من أخذ خطوات باتجاه التعايش مع الواقع الجديد، ووثقت علاقاتها بالصين، بل وأعلنت انضمامها الى دول البريكس.

وشهد عام 2023 تطوراً كبيراً لجهة التكنولوجيا بحيث كان العنوان الأبرز هو الذكاء الاصطناعي، مع دخول “شات جي بي تي” في التداول بصورة كبيرة خلال العام، ومن المتوقع أن يشهد مزيداً من التطور في العام المقبل، وستكون له تأثيرات إيجابية وسلبية، إذ بات من المؤكد أنه سيسبق الانسان ويجلب المزيد من التطور للبشرية، إلا أنه قد يحل مكان ملايين البشر قي بعض الوظائف.

في غزة، تركز القتال أمس في مخيمات البريج والنصيرات وخان يونس مدعوماً بغارات جوية مكثفة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه دمر مجمع أنفاق في قبو أحد منازل رئيس “حماس” في غزة يحيى السنوار، وذكر في بيان أن قواته داهمت أيضاً مقر المخابرات العسكرية لـ “حماس” ومركز قيادة لحركة “الجهاد الاسلامي” في خان يونس وقتلت عدداً من المسلحين في أماكن أخرى بالمدينة أثناء إعدادهم لكمائن، كما دمرت أهدافاً من بينها ورشة لتصنيع الأسلحة.

وأشار البيان الى أن القوات الاسرائيلية قتلت أكثر من 15 مسلحاً في اشتباكات بشمال غزة واستولت على مخابئ أسلحة.

في المقابل، أعلنت حركتا “حماس” و”الجهاد الاسلامي” أن مقاتليهما دمروا وألحقوا أضراراً بعدة دبابات وناقلات جند إسرائيلية في هجمات بأنحاء غزة أمس، وأن المقاتلين أطلقوا قذائف الهاون على القوات الاسرائيلية في خان يونس والبريج وأماكن أخرى في شمال غزة.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمة أمس، إن إسرائيل تقاتل على “جميع الجبهات” في حرب ذكر أنها ستستمر شهوراً عديدة أخرى حتى تحقيق النصر.

وأشار نتنياهو إلى “حزب الله” قائلاً: “إذا صعد حزب الله هجماته فإنه سيعاني ضربات لم يحلم بها وكذلك إيران”.

واستمرت الجبهة الجنوبية على سخونتها، واستهدفت غارة اسرائيلية منزلاً في بنت جبيل دمرته بالكامل، وسبقتها غارة قاسية على كفركلا، فيما توزع القصف على مختلف القرى الجنوبية.

ونعى “حزب الله” 4 من عناصره قتلوا في قصف على منطقة البوكمال في سوريا، وأعلن عن سلسلة عمليات على المواقع الاسرائيلية أصبح يعرف أسماءها الشعب اللبناني، بسبب العمليات منذ “طوفان الاقصى”.

وأشار رئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو الى أن احتمال حدوث تصعيد أكبر في الجنوب يبقى قائماً دائماً، معتبراً في الوقت عينه أن حقيقة احتواء النزاع إلى حد كبير في المناطق القريبة من الخط الأزرق هي علامة على أن الأطراف لا ترغب في التصعيد، ولكن هناك دائماً خطر حدوث سوء تقدير، وتعمل “اليونيفيل” جاهدة لمنع ذلك. وأمل في أن تتمكن الأطراف في العام الجديد من إيجاد أرضية مشتركة لوضع حد لتبادل إطلاق النار، والتوصل إلى حل سياسي وديبلوماسي.

شارك المقال