“مسيّرة دقيقة” تغتال العاروري وسط “الحزب”… مثل الموسوي في دمشق

لبنان الكبير / مانشيت

وجهت إسرائيل عصر أمس ضربة مزدوجة الى “حماس” و”حزب الله”، فاغتالت بمسيّرة موجهة ودقيقة القيادي في الحركة صالح العاروري ومرافقيه في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، حتى أن البعض سأل عمن قبض الخمسة ملايين دولار التي وضعها “الشيطان الأميركي” مقابل معلومات تؤدي الى اعتقال العاروري أو قتله. وهذه الضربة الثانية “على الرأس” يتلقاها محور الممانعة، بعد المسيّرة الموجهة والدقيقة التي نفذت اغتيالاً مشابهاً للقيادي في “الحرس الثوري” رضي موسوي في ضواحي دمشق، وفي مزرعة (معقل) تابعة للحزب أيضاً.

عملية الاغتيال هذه جاءت وسط تبادل نيران على الجبهة الجنوبية اللبنانية، بين “حزب الله” وإسرائيل التي أعلنت مراراً في اليومين الماضىيين أنها لن تسمح بدوام الحال هكذا على حدودها الشمالية، وأن جزءاً من القوات التي سحبتها من قطاع غزة سيتوجه الى الجبهة اللبنانية، الأمر الذي رفع خطر إنجرار اللبنانيين الى حرب لا حول لهم فيها “على طريق القدس”.

ونعى رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية فضلاً عن العاروري، القياديين في الحركة سمير فندي “أبو عامر” وعزام الأقرع “أبو عمار”، فيما أعلنت الحركة في بيان أسماء ثلاثة لبنانيين سقطوا في عملية الاغتيال، هم: محمود شاهين ومحمد الريس من البقاع ومحمد بشاشة من صيدا.

قبل الانفجار الذي هز الضاحية، كان يمكن وصف الجبهات السياسية بالهادئة نسبياً، بحيث لم تخرج بعد من جو عطلة الأعياد، إلا أن معلومات “لبنان الكبير” كانت أكدت في وقت سابق أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، يستعد لطرح مبادرة جديدة باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك بعد جولة مرتقبة للموفدين الفرنسي والقطري، لكن عين التينة تفضل عدم الكشف عن شكل هذه المبادرة في الوقت الحالي، ومن غير المعروف تأثير التطور الميداني الخطير على الأولويات في المرحلة المقبلة.

وعلى عكس السياسية الهادئة، وقبل انفجار الضاحية، كانت الجبهة الجنوبية مستمرة في التسخين، قصف اسرائيلي طال القرى الحدودية كما جرت العادة منذ بدء الحرب، و”حزب الله” يعلن عن عمليات على المواقع الاسرائيلية..

وفيما يطل الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله اليوم، السؤال الأبرز لدى اللبنانيين، هل يشعل اغتيال العاروري حرباً شاملة؟

باحثون عسكريون استبعدوا في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن يتسبب اغتيال العاروري في حرب شاملة، فقد سقط لـ “حزب الله” أكثر من 130 عنصراً حتى الآن، بينهم وحدة من قوة النخبة لديه “الرضوان” ولم يتسبب الأمر في إشعال حرب، ولن يكون مقتل قيادي في “حماس” هو الشرارة لاشعالها، إلا أن الرد مؤكد، وقد يكون مزدوجاً من الحركة والحزب، كون القيادي في صفوف الحركة والاستهداف حصل في عمق منطقة الحزب، ولكن سيكون رداً مدروساً بعناية كي لا يتخطى نطاق قواعد الحرب المضبوطة.

ودان لبنان الرسمي عملية الاغتيال عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي اعتبر أن “هذا الانفجار جريمة إسرائيلية جديدة تهدف حكماً إلى إدخال لبنان في مرحلة جديدة من المواجهات، بعد الاعتداءات اليومية المستمرة في الجنوب، والتي تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى”.

واذ رأى أن “هذا الانفجار هو حكماً توريط للبنان ورد واضح على المساعي التي نقوم بها لإبعاد شبح الحرب الدائرة في غزة عن لبنان”، أهاب بالدول المعنية “ممارسة الضغط على اسرائيل لوقف استهدافاتها”، محذراً من “لجوء المستوى السياسي الاسرائيلي الى تصدير اخفاقاته في غزة نحو الحدود الجنوبية لفرض وقائع وقواعد اشتباك جديدة”.

وأكد ميقاتي أن “لبنان ملتزم، كما على الدوام، قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، لا سيما القرار 1701، ولكن الذي يسأل عن خرقه وتجاوزه هي اسرائيل التي لم تشبع بعد قتلاً وتدميراً، وبدا واضحاً للقاصي والداني أن قرار الحرب هو في يد إسرائيل، والمطلوب ردعها ووقف عدوانها”.

وطلب ميقاتي من وزير الخارجية عبد الله بو حبيب تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن بشأن “الاستهداف الفاضح” للسيادة اللبنانية بالتفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية.

وفي الجبهة الأولى، كثف الجيش الاسرائيلي الضربات بالطائرات والدبابات في جنوب قطاع غزة، فيما يدور قتال عنيف في وسط القطاع، قصفت خلاله الدبابات الاسرائيلية أجزاء من مخيم البريج.

وتأتي هذه التطورات بعد اعلان إسرائيل عن خطط لسحب بعض القوات، في إشارة إلى مرحلة جديدة. وقال الجيش الاسرائيلي في المؤتمر الصحافي اليومي إن قواته استهدفت في اليوم السابق مسلحين في مدينة غزة شمال القطاع وفي مواقع لم يعلن عنها على ساحل البحر المتوسط.

وأشار في بيان الى أنه قضى على “عشرات الارهابيين” خلال اليوم الماضي، موضحاً أن من بين هؤلاء عناصر حاولوا زرع عبوات ناسفة وآخرين كانوا يشغّلون طائرات مسيّرة. كما لفت الى استهداف مخزن أسلحة في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع، حيث تتركز العمليات البرية منذ مدة.

أضاف الجيش: “في منطقة جباليا، قتلت القوات عشرات الإرهابيين، بعضهم حاول زرع عبوات ناسفة، والبعض الآخر استخدم طائرات مسيرة إلى جانب مسلحين تم رصدهم خلال التقدم باتجاه القوات، التي صادرت أيضاً أسلحة وفككت منصات إطلاق صواريخ في خان يونس جنوب القطاع وفي مدرسة تابعة للأمم المتحدة في البريج”.

وأعلنت حركتا “حماس” و”الجهاد الاسلامي” في بيانين منفصلين أنهما أطلقتا قذائف الهاون وصواريخ مضادة للدبابات على القوات الاسرائيلية في خان يونس ومنعتا تقدمها إلى المنطقة الغربية. وتمركزت الدبابات في الشرق والشمال والوسط.

وأظهرت “حماس” أنها لا تزال قادرة على استهداف إسرائيل بعد أكثر من 12 أسبوعاً من بدء الحرب إذ أطلقت وابلاً من الصواريخ على تل أبيب.

وبعد 88 يوماً على اندلاع الحرب، أعلن هنية أن الحركة “منفتحة من أجل إعادة المرجعية الوطنية وحكومة وطنية” في الضفة الغربية وقطاع وغزة. وتحدث عن “المبادرات” التي يجريها وسطاء من أجل وقف الحرب والتي تتناول الوضع الداخلي الفلسطيني، مشدداً على أن “أي ترتيبات في القضية الفلسطينية من دون حماس وفصائل المقاومة وهمٌ وسراب”.

وأكد هنية أن إطلاق الرهائن الذين أخذوا من إسرائيل خلال هجوم السابع من تشرين الأول الماضي، لن يحصل إلا “بالشروط” التي تحددها الحركة.

شارك المقال