لبنان ينزلق بسرعة… أوسع تصعيد إسرائيلي جنوباً

لبنان الكبير / مانشيت

لم يتأخر “حزب الله” بعد خطاب أمينه العام الذي أكد حتمية الرد على اغتيال نائب رئيس حركة “حماس” صالح العاروري في تنفيذ الوعد، فأعلن غداة الخطاب عن استهداف قاعدة ميرون ‏للمراقبة الجوية بـ 62 صاروخاً من أنواع متعدّدة، كـ “رد أولي” على الاستهداف في عمق الضاحية الجنوبية، ما ينذر بعملية انتقامية أخرى في القريب العاجل.

الدفعة على الحساب أشعلت الجبهة الجنوبية، حيث وسعت إسرائيل من دائرة القصف ووصلت إلى بلدة كوثرية السياد في قضاء صيدا، التي استهدفتها بغارتين، الأولى شكلت فخاً ليتجمع الناس، والثانية قصفت تجمعهم، فيما تركز القصف العنيف على وسط القرى الحدودية بدل أطرافها، وبالقذائف الفوسفورية التي تساقطت على المواطنين في بلدة الخيام.

في ظل هذا التصعيد الخطير الذي قد يؤدي إلى انزلاق لبنان بسرعة إلى حرب شاملة، جال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أمس على المسؤولين اللبنانيين، مشدداً على وجوب تجنب الحرب، وضرورة تنفيذ القرار 1701، فيما أتاه الرد اللبناني الرسمي بأن الخرق هو من إسرائيل أولاً ويجب أن تلتزم هي أولاً.

نبدأ من الميدان، حيث أعلن الاعلام الحربي في “حزب الله” صباح أمس، أن مقاتليه ‌‏وفي إطار الرد الأوّلي على جريمة اغتيال القيادي صالح ‏العاروري واستهداف الضاحية الجنوبية، استهدفوا “قاعدة ميرون ‏للمراقبة الجوية بـ 62 صاروخاً من أنواع متعدّدة وأوقعت فيها إصابات مباشرة ‏ومؤكّدة”.

وأوضح الحزب أن “قاعدة ميرون للمراقبة الجوية تقع على قمّة جبل الجرمق في شمال فلسطين ‏المحتلة وهي أعلى قمّة جبل في فلسطين المحتلة، وتُعتبر مركزاً للإدارة ‏والمراقبة والتحّكم الجوّي الوحيد في شمال الكيان الغاصب ولا بديل رئيسي عنها، ‏وهي واحدة من قاعدتين أساسيتين في كامل الكيان الغاصب وهما: ميرون شمالاً، ‏والثانية متسبيه رامون جنوباً”.

ونعى “حزب الله” 5 من مقاتليه، وأعلن استهداف موقع المطلة، وقصف “تجمع لمشاة جنود العدو في محيط ثكنة هونين”.

وليس الحزب وحده من أعلن عن عمليات عسكرية أمس، اذ أعلنت “قوات الفجر” التابعة لـ “الجماعة الاسلامية” عن قصفها كريات شمونة.

وفي رد جنوني إسرائيلي، شنت الطائرات الحربية غارتين على بلدة كوثرية السياد التي تبعد 25 كيلومتراً عن الحدود، بحيث قصفت المكان نفسه مرة ثانية بعد تجمع المواطنين إثر الغارة الأولى، من دون معلومات عن قتلى حتى الساعة.

بالاضافة إلى ذلك، كثف الجيش الاسرائيلي من هجماته على القرى الحدودية، حيث شن غارات جوية على عيتا الشعب وبيت ليف ويارون، فيما أمطرت المدفعية الاسرائيلية البلدات الحدودية بالقذائف، منها فوسفوري سقط وسط بلدة الخيام. وأعلن عن تنفيذ سلسلة غارات على لبنان “استهدفت خلايا مسلحة ومواقع إطلاق صواريخ وبنية تحتية تابعة لحزب الله”.

وسط هذه الأجواء التصاعدية، وفيما يعتبر رداً على الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، أكد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظته في قداس الغطاس “اننا لا نريد أن يتحمّل لبنان وشعبه وزر أوطان وشعوب أُخرى، يجب أن نتمسّك بالقرار 1701، وتجنيب لبنان واللبنانيّين بالحكمة وضبط النفس الدخول في حرب إسرائيل على غزّة. فها أهل بلدات الجنوب يعانون من وزر هذه الحرب قتلاً، وتدمير منازل وإتلاف بساتين وتهجيراً (…)”، مطالباً بـ “عدم توريط البلدات الحدوديّة ولبنان وشعبه في امتداد هذه الحرب”. وذكّر بأنّ “قرار الحرب والسلم يعود حصراً إلى الحكومة بثلثي أعضائها وفقاً للدستور المادّة 65، نظراً الى خطورة كلّ حرب في عواقبها الوخيمة”.

وفيما أبدى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري قلقه الكبير من إستمرار الحرب على قطاع غزة، وحرصه على عدم توسعها بإتجاه لبنان، معرباً عن تخوفه من التصعيد الاسرائيلي، شدد على وجوب أن تكون الأولوية لوقف الحرب على قطاع غزة “لأن ذلك هو المدخل لعودة الهدوء الى لبنان وحينها يسهل البحث في تطبيق كامل لمندرجات القرار 1701”.

وجدد بري التأكيد لبوريل إلتزام لبنان بالشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة لا سيما القرار 1701، مشدداً على أن المدخل لتطبيقه يبدأ بوقف إسرائيل لعدوانها وإنسحابها من كامل التراب اللبناني المحتل.

وسمع بوريل الكلام نفسه عند رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي قال: “يستوجب أولاً وقف الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية والانسحاب من الاراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها”.

وكان بوريل قال من قصر بسترس: “يمكن تجنّب الحرب ويجب أن نتجنّبها”، لافتاً إلى أنه “يمكن للديبلوماسية أن تسود من أجل العثور على حلّ”. وشدد على أن “من الضروري تجنّب التصعيد في الشرق الأوسط وتجنّب جرّ لبنان إلى الحرب، فهذا آخر ما يحتاجه”.

أضاف: “لبنان في خطّ المواجهة في الصراع الحالي، ولبنان الذي يتمتع باستقرار قادر على الحفاظ على مصالحه واستقلاله والمساهمة بالتالي في الاستقرار الاقليمي”. وأشار الى وجوب تنفيذ القرار 1701.

وكان بوريل رأى أن “الأولوية هي تجنب التصعيد الاقليمي ودفع الجهود الديبلوماسية لخلق الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين وفي المنطقة”.

وتزامناً مع زيارة بوريل، بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بجولة في المنطقة استهلها بلقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير خارجيته هاكان فيدان في اسطنبول.

وتشمل جولة بلينكن إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، وخمس دول عربية هي مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات، إضافة إلى اليونان.

وفي رسالة مصورة موجهة إلى بلينكن، تمنّى رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية المقيم في قطر أن يركز وزير الخارجية الأميركي “هذه المرة على إنهاء العدوان على طريق إنهاء الاحتلال عن كل الأرض الفلسطينية”. وأمل أن يكون “استخلص العبر من الأشهر الثلاثة الماضية وأدرك حجم الأخطاء التي وقعت فيها الولايات المتحدة بدعمها الأعمى للاحتلال الصهيوني وتصديق أكاذيبه ما تسبب بمجازر وجرائم حرب ضد أهلنا في غزة غير مسبوقة”.

وفي غزة احتدم القتال أيضاً، لا سيما في مدينة خان يونس والمناطق القريبة منها، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل ثلاثة من “حماس”، فيما حذر المتحدث باسمه دانيال هاغاري من أن “2024 سيكون عام القتال”، مشيراً إلى أن الجيش “يستمر بالقتال في وسط قطاع غزة وشماله وجنوبه”.

شارك المقال