“تخفيف” في غزة… “تسريع” التصعيد في الجنوب

لبنان الكبير / مانشيت

اغتيال جديد لقياديين في محور “الممانعة” واحد في لبنان وآخر في سوريا، بعد نحو أسبوع على اغتيال القيادي “الحمساوي” صالح العاروري في الضاحية الجنوبية. ويأتي الاغتيال في ظل اعلان الجيش الاسرائيلي عن بدء مرحلة جديدة وأقل حدة في القتال في غزة، وبالتزامن مع سحب وحدات عسكرية من الميدان الغزاوي، ما يوحي بإمكان نشرها على جبهات أخرى.

وفيما أعلن الجيش الاسرائيلي أمس عن اغتيال مسؤول في حركة “حماس” والمسؤول عن اطلاق الصواريخ من سوريا حسن عكاشة في ريف دمشق، نعى “حزب الله” ظهراً أحد عناصره وسام الطويل، الذي قتل في استهداف سيارته على طريق بلدة خربة سلم، واعتبر الاعلام الاسرائيلي أنه يوازي رتبة لواء، فيما نقلت وسائل الاعلام المحلية أن الطويل هو نائب مسؤول وحدة “الرضوان”، وله دور قيادي كبير في العمليات العسكرية في الميدان الجنوبي، ويتوقع أن تؤدي عملية الاغتيال الى مزيد من التصعيد بين الحزب وإسرائيل.

ونشر “حزب الله” صوراً للطويل مع قادة الحزب، ومنهم الأمين العام حسن نصر الله وعماد مغنية القائد العسكري البارز الذي قُتل في سوريا عام 2008. وظهر في صورة أخرى إلى جوار قائد “فيلق القدس” الايراني الراحل قاسم سليماني الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة مسيرة في بغداد قبل أربع سنوات.

واعتبرت مصادر أمنية أن مقتل الطويل يمثل ضربة كبيرة نظراً الى خبرته التي تشمل قيادة عمليات انتشار مع “حزب الله” في سوريا والعراق.

وتأتي العمليتان وسط معلومات عن تغيير الاستراتيجية الاسرائيلية في لبنان وسوريا، بحيث تنفذ حالياً غارات جوية أكثر فتكاً وتواتراً تستهدف عمليات نقل الأسلحة الايرانية وأنظمة الدفاع الجوي في سوريا، بالاضافة إلى استهداف قادة من الوزن الثقيل في الميدانين السوري واللبناني.

وبعد ساعات من الاغتيال، أطل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على مستعمرة كريات شمونة ووجه رسالة الى “حزب الله” قائلاً: “لقد أخطأ حزب الله في تقديرنا في العام 2006، وهو يرتكب خطأً كبيراً الآن. لقد ظن أننا شبكات عنكبوت.. وهو يرى هنا قوة هائلة، ووحدة شعب، وإصراراً على القيام بكل ما هو ضروري لاستعادة الأمن في الشمال، وأنا أقول لكم: هذه هي سياستي”.

أضاف نتنياهو: “سنبذل قصارى جهدنا لاستعادة الأمن في الشمال والسماح لعائلاتكم بالعودة إلى ديارهم بأمان، ومعرفة أنه لا يمكن العبث معنا. سنفعل كل ما يتطلبه الأمر. وبطبيعة الحال، نحن نفضل أن يتم ذلك من دون حرب واسعة النطاق، ولكن ذلك لن يوقفنا”. وتابع مخاطباً الحزب: “ضربنا له مثالاً عما يحدث لأصدقائه في الجنوب (في إشارة إلى حركة “حماس”)، وهذا ما سيحدث هنا في الشمال. سنفعل كل ما بوسعنا لاستعادة الأمن”.

كما حذر وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت، “حزبَ الله”، من مغبة الاصرار على عدم سحب قواته من الحدود اللبنانية – الاسرائيلية في إطار اتفاق ديبلوماسي، مؤكداً أن ذلك سيعني حرباً بالنسبة إلى إسرائيل. وأشار إلى أن مصدر قلقه المباشر الآخر هو الحدود الشمالية، حيث سيتّم نشر أعداد كبيرة من الجنود الاسرائيليين في حالة نشوب صراع مع “حزب الله”، موضحاً أن “الأولوية ليست الدخول في حرب مع حزب الله، ويجب أن يتمكن 80 ألف شخص من العودة إلى منازلهم بأمان. وإذا لم يتم التفاوض على اتفاق لجعل ذلك ممكناً من خلال انسحاب قوات الحزب، فإن إسرائيل لن تتراجع عن العمل العسكري”. وقال: “نحن على استعداد للتضحية. إنهم يرون ما يحدث في غزة. إنهم يعرفون أنه يمكننا إحداث ذلك في بيروت”.

وذكر غالانت بأن “خطورة التهديد تكمن وراء شراسة الرد الاسرائيلي، وتصميمها ليس على تدمير حماس المدعومة من إيران وحسب، بل على التصرف بقوة كافية لردع الخصوم المحتملين الآخرين المتحالفين مع طهران، بما في ذلك حزب الله”. وأشار الى أن “وجهة نظري الأساسية هي أننا نقاتل محوراً، وليس عدواً واحداً. إيران تبني قوتها العسكرية حول إسرائيل من أجل استخدامها”.

وفيما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه يسعى لكي تقلص إسرائيل وجودها في غزة على نحو “ملحوظ”، وتزامناً مع زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن الى تل أبيب، أشار المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانييل هاغاري الى أن “الجيش الاسرائيلي بدأ مرحلة جديدة وأقل كثافة من العملية البرية لغزة”. وأكد في تصريح صحافي أن “الحملة الاسرائيلية بدأت بالفعل في التحول إلى حملة تتضمن عدداً أقل من القوات البرية والغارات الجوية”.

وأعلن هاغاري أن الجيش الاسرائيلي سيواصل خفض عدد قواته في غزة، كما بدأ يفعل في وقت سابق من هذا الشهر، مشيراً إلى أن حدة القتال في شمال القطاع على وجه الخصوص بدأت تنحسر مع تحول الجيش الاسرائيلي نحو تنفيذ المزيد من الغارات المستهدفة، بدلاً من عمليات واسعة النطاق. وأوضح أن التركيز سينصب الآن على معاقل “حماس” في وسط وجنوب غزة، مثل خان يونس ودير البلح.

إلى ذلك، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أهمية وقف العمليات العسكرية في غزة واستعادة مسار السلام. وشدد خلال لقائه بلينكن على ضرورة العمل على تهيئة الظروف الملائمة “لعودة الاستقرار واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وتحقيق السلام العادل والدائم”.

وبعد الخرق السيبراني في مطار رفيق الحريري الدولي، والذي تضمن بياناً يهاجم “حزب الله” معنوناً باسم جماعة “جنود الرب” التي تتمركز في منطقة الأشرفية، وتنتمي إلى المعسكر المعادي سياسياً للحزب، نشر عناصر الجماعة فيديو ينفون فيه علاقتهم بما حصل في المطار. فيما أكد وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية أن المطار يعمل بصورة طبيعية، ولم يتأثر بالخرق السيبراني الذي تعرض له الأحد، معلناً أن الأجهزة المختصة تعمل لتحديد نوع الخرق ومصدره إن كان داخلياً أو خارجياً، وهو ما سيتم الاعلان عنه خلال أيام، واصفاً الموضوع بـ”المعقد”.

شارك المقال