أميركا وبريطانيا تغطسان في البحر الحوثي… وتحييد ايران

لبنان الكبير / مانشيت

استطاعت اسرائيل جر حلفائها معها في وحول الحرب التي تشنها على غزة، حيث نفذت أميركا وبريطانيا ضربات على مواقع حوثية في اليمن، بذريعة خفض التصعيد، واعادة الاستقرار إلى البحر الأحمر، وسط تأكيد أميركي بعدم السعي الى حرب مع إيران، على الرغم من التصعيد في كل جبهات الفصائل الايرانية تقريباً، في حين يحاول الموفدون الدوليون العمل على تهدئة هذه الجبهات، لا سيما في لبنان، الذي يشهد زحمة ديبلوماسية.

في الغضون، تخضع الدولة العبرية للمحاكمة في محكمة العدل الدولية بدعوى من جنوب إفريقيا لليوم الثاني، وشهد يوم أمس رد فريق الدفاع على الاتهامات التي أثارت غضب مسؤولي اسرائيل.

في لبنان، وفيما استمرت السخونة في الميدان الجنوبي، على الرغم من تراجع حدتها بصورة ملحوظة أمس، بدأ المد والجزر في البحر السياسي، بموجات من الحزب “التقدمي الاشتراكي”، الذي يتحرك باتجاه تيار “المردة”.

إلى ذلك، عقدت الحكومة جلسة أمس، لم يطرح فيها بند التعيينات العسكرية، وردت ثلاثة قوانين إلى المجلس النيابي، كما كشف “لبنان الكبير”، وكما كان متوقعاً، أثار الأمر جدلاً في الأوساط السياسية، على خلفية أن صلاحية رد القوانين هي من الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا شنتا فجر أمس الجمعة ضربات على أهداف في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن. وفي بيان مشترك، أكدت الدولتان وثماني دول حليفة هي أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، أن الضربات تهدف إلى “خفض التصعيد في التوترات وإعادة الاستقرار إلى البحر الأحمر”.

وأشار الناطق العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع إلى أن الضربات استهدفت مواقع عسكرية في العاصمة صنعاء، ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة. وقال: “أدتِ الغاراتُ إلى ارتقاءِ خمسةِ شهداءَ وإصابةِ ستةٍ آخرينَ من أبناءِ قواتِنا المسلحة”، متحدثاً عن تنفيذ “العدو” الأميركي – البريطاني 73 غارة.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ العملية تمت “بنجاح”، مؤكداً أنها “رد مباشر” على هجمات الحوثيين. وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: “نحن لا نسعى إلى نزاع مع إيران. لا نسعى إلى تصعيد ولا يوجد سبب لحدوث تصعيد يتجاوز ما حدث في الأيام الأخيرة”.

أضاف: “نعلم أن إيران تدعم الحوثيين. نعلم أنها تزوّدهم بالصواريخ والمسيّرات وهي نفس ما استخدموه لمهاجمة السفن”، مشيراً إلى “أننا أوضحنا أن على إيران أن توقف هذا الدعم”.

واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن الضربات كانت “ضروريّة” و”متناسبة”.

وقال حلف شمال الأطلسي في بيان إنها ضربات “دفاعية وتهدف الى المحافظة على حرية الملاحة في أحد الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم. يجب أن تتوقف هجمات الحوثيين”.

وتعهد الحوثيون بمواصلة الهجمات على السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها، معتبرين أن الضربات “لا مبرر” لها.

ولقيت الهجمات ردود فعل مختلفة عالمياً، بحيث دعت السعودية إلى “ضبط النفس”، مشددة في الوقت نفسه على “أهمية الاستقرار” في المنطقة. فيما استنكرت سلطنة عُمان لجوء “دول صديقة” إلى عمل عسكري ضد اليمن، بينما ندد الكرملين بضربات “غير مشروعة”، واصفاً إياها بأنها “انتهاك تام للقانون الدولي بهدف التصعيد في المنطقة”. ودعت الصين جميع الأطراف إلى “التهدئة وممارسة ضبط النفس لمنع اتساع رقعة النزاع”. ورأى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن “كل ما حدث هو استخدام غير متناسب للقوة”، قائلاً: “في الوقت الحالي يحاولون تحويل البحر الأحمر إلى بحر من الدماء واليمن يقول من خلال الحوثيين وباستخدام كل قوته إنه يفعل وسيقوم بالرد اللازم في المنطقة على الولايات المتحدة وبريطانيا”.

وتظاهر مئات آلاف اليمنيين في ميدان السبعين في العاصمة صنعاء تنديداً بالضربات الأميركية والبريطانية تحت شعار “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.

ونددت إيران بالضربات، وووصفها الناطق باسم خارجيتها ناصر كنعاني بأنها “عمل تعسفي وانتهاك واضح لسيادة اليمن ووحدة أراضيه وانتهاك للقوانين والأعراف الدولية”.

وكتبت حركة “حماس” عبر “تلغرام”: “ندين بشدة العدوان الأميركي والبريطاني السافر على اليمن ونحمّلهما مسؤولية تداعياته على أمن المنطقة”.

بينما رأت فرنسا أن الحوثيين هم من يتحملون “مسؤولية التصعيد الإقليمي”، ودعتهم إلى وقف هجماتهم “على الفور”.

ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً بطلب من روسيا، حسبما أعلنت فرنسا التي تتولى رئاسة المجلس الدورية في كانون الثاني.

وتبحث دول الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الثلاثاء المقبل مسألة إرسال قوة بحرية أوروبية للمساعدة على حماية السفن في البحر الأحمر، على ما أفاد ديبلوماسيون، غير أن وزيرة الدفاع الاسبانية مارغريتا روبليز أعلنت أن بلادها لن تشارك في مهمة أوروبية محتملة للتصدي لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وإثر الضربات، توعّد نائب وزير الخارجيّة في حكومة الحوثيّين حسين العزي بالردّ، قائلاً: “تعرّضت بلادنا لهجوم عدوانيّ واسع من سفن وغوّاصات وطائرات حربيّة أميركيّة وبريطانيّة… يتعيّن على أميركا وبريطانيا الاستعداد لدفع الثمن باهظاً”.

وأكد المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين أمس في بيان أن كل المصالح الأميركية والبريطانية صارت “أهدافاً مشروعة” لهم.

وفي محكمة العدل الدولية طالبت اسرائيل بإسقاط قضية الابادة الجماعية التي رفعتها ضدها جنوب إفريقيا التي طلبت من المحكمة التابعة للأمم المتحدة إصدار أمر بوقف فوري للحملة العسكرية الاسرائيلية في قطاع غزة.

وفي ردها على الاتهامات، قالت إسرائيل إن المطالب بوقف هجومها ضد “حماس” في غزة ليس لها أي أساس، واعتبرت أن محكمة العدل الدولية ليس لها اختصاص بموجب اتفاقية الابادة الجماعية لإصدار أمر لها بوقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة.

وأعلن محامي إسرائيل مالكولم شو أن إسرائيل لم تنعقد لديها “النية الخاصة” اللازمة لارتكاب جرائم بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. وقال: “هذه ليست إبادة جماعية. جنوب إفريقيا تروي لنا نصف القصة فقط”.

في الغضون، كشفت هيئة البث الاسرائيلية أن هناك مقترحاً جديداً لصفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة “حماس” يشمل وقفاً لاطلاق النار لمدة 3 أشهر، وانسحاب القوات الاسرائيلية من غزة.

ولم تكشف الهيئة عن الجهة التي طرحت المقترح الجديد، لكنها نقلت عن صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنه يتضمن أيضاً الإفراج عن آلاف المعتقلين الفلسطينيين، وعودة النازحين إلى منازلهم في شمال القطاع، بالاضافة إلى إنشاء إدارة بتمويل دولي لاعادة إعمار غزة. وذكرت أن الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني لم يردّا رسمياً بعد على هذا التقرير.

وبالعودة إلى لبنان، ومع التراجع قي القصف المتبادل جنوباً، اشتعلت الجبهة السياسية، مع قرار مجلس الوزراء رد ثلاثة قوانين الى مجلس النواب وهي: القانون المتعلق بالهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وبتنظيم الموازنة المدرسية، والقانون الرامي إلى إعطاء مساعدة مالية لحساب صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة والقانون المتعلق بتعديل قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، الأمر الذي أثار ردود فعل رافضة.

وكتب رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان عبر منصة “اكس”: “إن الصلاحية المعطاة لرئيس الجمهورية في رد القوانين إلى مجلس النواب لاعادة النظر فيها عملاً بالمادة ٥٧ من الدستور تنبثق عن منطوق اليمين الذي يقسم عليه بالسهر على أحكام الدستور بصفته التحكيمية المولجة به بموجب المادة ٤٩ كحارس للدستور يسهر على احترام الدستور. وهذه الصلاحية لصيقة برئيس الجمهورية، كما أكد قرار المجلس الدستوري رقم ٢٠٠١/٤ حرفياً، أي الصلاحية المنفردة المحفوظة لرئيس الجمهورية. وبالتالي لا صلاحية لرئيس مجلس الوزراء ولا لمجلس الوزراء برد القوانين، كما وأن رئيس مجلس الوزراء ملزم بنشر القوانين”.

بينما كتب عضو كتلة “الكتائب” النائب الياس حنكش عبر منصة “إكس”: “في رد الرئيس (نجيب) ميقاتي للقوانين: مخالفة دستورية فاضحة. ضرب صلاحيات رئيس الجمهورية. ومحاولات التطبيع في ظل الفراغ الرئاسي. الرجوع عن الخطأ فضيلة، لا تحرجوا أنفسكم كما حصل في موضوع تغيير الساعة”.

وعلم “لبنان الكبير” أن الرئيس ميقاتي يتعرض لضغوط كبيرة في شأن هذه القوانين، بحيث تضغط بكركي لالغاء مفاعيل القانونين المتعلقين بالهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وبتنظيم الموازنة المدرسية، فيما علت صرخات اقتصادية معارضة لقانون الايجارات القديمة.

شارك المقال