موازنة لبنانية بلا رئيس… وإسرائيل تريد أمناً في الشمال بإتفاق أو بحرب

لبنان الكبير / مانشيت

وسط تهديدات اسرائيلية وحركة ديبلوماسية مكثفة، بشقين، أمن الحدود ورئاسة الجمهورية، يبدو أن لبنان يعيش وكأن الوضع طبيعي، فقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة للموازنة الأسبوع المقبل، وعُلم أن معظم القوى السياسية ستحضر، حتى المعارضة للتشريع في ظل غياب رئيس للجمهورية، فيما الاستحقاق الرئاسي مؤجل إلى حين عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان إلى لبنان، والذي سيحمل معه رؤية موحدة بعد اجتماع للخماسية الدولية، يستبقه بسلسلة زيارات إلى دولها تحضيرا للقاء.

وفيما كان وزير دفاعه يوآف غالانت يشدد من الحدود الشمالية على ضرورة الأمن في الشمال، إن بالديبلوماسية أو بالحرب، يواجه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطا أميركية ودولية، إذ برز اختلاف بين الموقفين الاسرائيلي والأميركي، بحيث تسعى الولايات المتحدة إلى قيام دولة فلسطينية بعد انتهاء الحرب، بينما أعلن نتنياهو أنه طالما في موقعه لن تنشأ دولة فلسطينية، وقد أكد المتحدث باسم البيت الأبيض للأمن القومي جون كيربي الخلاف في مؤتمر صحافي.

ويعاني نتنياهو من خلافات داخل حكومته، وتوجه بعض أعضاء حزبه “الليكود” إلى تغييره. فقد كشف الاعلام الاسرائيلي عن عرض تلقاه عضو “الليكود” والوزير في حكومة نتنياهو غادي آيزنكوت لترؤس الحكومة بدلاً من نتيناهو، إلا أنه رفض العرض في الوقت الحالي، وسط تراجع كبير في شعبية الأخير، وصعود شعبية آيزنكوت الذي قتل ابنه في معارك غزة.

وعلى الرغم من استمرار السخونة على الحدود الجنوبية، لم يسجل أي تصعيد أمس، باستناء القصف المتبادل نفسه، إلا أن وزير الدفاع الاسرائيلي وجه تهديداً جديداً الى “حزب الله”، معلناً أن إسرائيل ستعيد الأمن إلى المنطقة الحدودية مع لبنان من خلال العمل العسكري إن لم يتم التوصل إلى إتفاقٍ ديبلوماسي.

وخلال زيارته اللواء الثامن في الجيش الاسرائيلي عند الحدود الشمالية للأراضي المحتلة، قال غالانت: “أقدر أنه طالما إستمر القتال في غزة، فسيكون هناك قتالٌ في الشمال عند الحدود مع لبنان، ولن نقبل أن يدوم هذا الأمر لفترات طويلة… إن لم يتم التوصل إلى إتفاق يحترم فيه حزب الله حق السكان في العيش هنا بأمان، فسنضطر الى فرض الأمن بالقوّة”.

ويأتي تصريح غالانت غداة إعلان الوزير آيزنكوت أنه منع إسرائيل من مهاجمة “حزب الله” في لبنان بصورة استباقية في الأيام التي أعقبت هجوم “حماس” في السابع من تشرين الأول على جنوب إسرائيل.

وأشار آيزنكوت إلى أن إسرائيل كانت على وشك توجيه ضربة الى “حزب الله” على الرغم من أن الجماعة، التي تصنفها الدول الغربية منظمة إرهابية، لم تكن قد أطلقت النار بعد على إسرائيل، موضحاً أنه أقنع المسؤولين في حكومة الحرب بتأجيل تلك الخطوة. وقال: “أعتقد أن وجودنا في الحكومة منع إسرائيل من ارتكاب خطأ استراتيجي فادح”.

في غزة، أعلن الجيش الاسرائيلي أن “جنوداً مدعومين بالمدفعيّة والطيران قضوا على عشرات الأرهابيّين في خان يونس”، وأنه تمكّن من الوصول إلى أقصى منطقة جنوب قطاع غزّة، منذ بداية العمليّة البرّية التي بدأت في أقصى شمال القطاع الفلسطيني.

وتحدّث الهلال الأحمر الفلسطيني عن قصف مدفعي مكثّف في محيط مستشفى “الأمل”، فيما أفادت فيه وكالة الأنباء الفلسطينيّة “وفا” بسقوط عدد من القتلى والجرحى خلال الليل في خان يونس.

وشنّت الزوارق الحربية الاسرائيلية قصفاً عنيفاً على ساحل مدينة غزة وشمال القطاع، حسبما أفاد التلفزيوني الفلسطيني، الذي أشار أيضاً الى أن 12 فلسطينياً لقوا مصرعهم في قصف شقة سكنية قرب مجمع “الشفاء” الطبي بشمال القطاع.

في المقابل، أعلنت حركة “الجهاد الاسلامي” أن مسلحيها خاضوا مواجهات مع القوات الاسرائيلية في مخيمي البريج والمغازي للاجئين في وسط غزة وفي خان يونس، فيما ذكر الجناح العسكري لـ “حماس” أن مقاتليه اشتبكوا مع القوات الاسرائيلية في عدة مناطق في أنحاء غزة خلال الليل وصباح يوم أمس الجمعة.

وفي الضفة الغربية، أفادت “وفا” بأن القوات الاسرائيلية اقتحمت مناطق عدة فجر أمس، وشنّت حملة اعتقالات ألقت خلالها القبض على شبان. وذكرت أن الجيش الاسرائيلي ألقى القبض على شابَّين من قرية كفر قليل، واقتحم بلدتَي فوريك وبيتا في نابلس، كما اقتحم بلدة بيت أمر شمال الخليل، ومدينة الخليل، وبلدة الظاهرية جنوباً، وبلدة طمون جنوب طوباس، وقريتَي بدرس وقبيا غرب رام الله، وداهم منازل عدة.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي أعلن الخميس أنه لا يمكن أن يسمح بقيام دولة فلسطينية ما دام في منصبه، وأن “الصراع ليس على قيام دولة فلسطينية، بل القضاء على الدولة اليهودية”.

وقال نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي في تل أبيب، إنه ملتزم عدم إنهاء الحرب من دون الانتصار المطلق، بحيث تصبح غزة منزوعة السلاح، معتبراً أن “وقف الحرب قبل تحقيق كامل الأهداف سيبثُّ رسالة ضعف”.

وأكد أن الحرب ستستمر حتى تحقيق كل الأهداف وإعادة المحتجَزين، لافتاً إلى أن تحقيق الانتصار سيتطلب أشهراً كثيرة، وأن إسرائيل أنجزت “جزئياً” بعض أهدافها، كما أن “اليوم التالي للحرب يعني سيطرة إسرائيلية ونزع السلاح في غزة”. وأشار الى أن إسرائيل دمّرت نحو ثلثي الكتائب القتالية التابعة لحركة “حماس”، وهاجم إيران التي قال إنها تقف خلف هجمات الحوثيين و”حزب الله”.

تصريحات نتنياهو جاءت بالتزامن مع تصريحات للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، الذي أكد أن واشنطن لن تتوقف عن العمل نحو تحقيق حل الدولتين. وقال كيربي، للصحافيين: “ستكون هناك غزة بعد انتهاء الصراع، ولن يُعاد احتلالها”، مضيفاً في رد على تصريحات نتيناهو: “واضح أننا نرى الأمور بشكل مختلف”.

ورد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على تصريحات نتنياهو، بالقول: “من دون قيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، لن يكون هناك أمن واستقرار في المنطقة”.

أضاف: “المنطقة برمتها على فوهة بركان جراء السياسات العدوانية التي تنتهجها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة”.

وفي سياق الضغط الدولي على الدولة العبرية، أكد ممثلو مكتب الادعاء في سويسرا أنهم تلقى شكاوى جنائية ضد الرئيس الاسرائيلي اسحاق هرتسوغ خلال مشاركته في مؤتمر دافوس. وقال مكتب المدعي العام السويسري “سيتم فحص الشكاوى الجنائية وفقاً للاجراءات المعتادة”، مضيفاً أنه سيتواصل مع وزارة الخارجية السويسرية بشأن حصانة الشخص المعني.

محلياً، دعا الرئيس بري الى جلسة عامة في الحادية عشرة من قبل ظهر يومي الأربعاء والخميس الواقعين في 24 و25 كانون الثاني الجاري، وكذلك مساء اليومين المذكورين لدرس وإقرار مشروع الموازنة العامة عن العام 2024.

وعلقت عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائبة غادة أيوب على منصة “إكس” بالقول: “في أقل من سنة، ثمّة من مدّد للانتخابات البلدية والاختيارية تحت مسمّى تشريع الضرورة والظروف الاستثنائية، لكنه استشرس في المقابل في رفض التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية في ظل ظروف أكثر من استثنائية والتي تتمثل بهذه الحرب التي فرضها حليفه على لبنان غير معترف بأهمية تحقيق مصلحة الدولة العليا Raison d’état، كما وقّع أحد وزرائه على مرسوم احالة مشروع قانون الحكومة لابرام اتفاقية قرض من البنك الدولي لشبكة أمان في غياب رئيس للجمهورية، بينما اعترض نوابه في الوقت نفسه على مشروع قانون ‎موازنة 2024 المحال من الحكومة نفسها. هذا أكثر من ضياع وتشريع à la carte واستخفاف بعقول اللبنانيين وذاكرتهم لأنه يلجأ في الواقع الى تشريع مصلحته عند الضرورة وليس تشريع الضرورة”.

واستباقاً لجلسة الموازنة، أعلن نقيب معلمي المدارس الخاصة نعمة محفوض، في مؤتمر صحافي عقده في مقر النقابة في طرابلس، “الاضراب المفتوح في حال لم تتراجع المؤسسات التربوية الخاصة عن قرارها بعدم التوقيع على الاتفاق الذي تم بين النقابة وهذه المؤسسات برعاية وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال القاضي عباس الحلبي”. وأكد أن “الاضراب سيبدأ يوم الثلاثاء وسنتابع الأمور عن كثب. ونتيجة لما سينتج عن الاضراب سنقرر ان كنا سنستمر فيه أم لا. ففي حين، يتقاضى بعض المعلمين رواتب بقيمة مليون و600 ألف ليرة فانهم يدفعون منها 900 ألف لصندوق الضمان”. وتساءل: “هل المسؤولون في هذا البلد لا يشعرون؟ ان المعلمين يبكون من الظلم الذي لحق بهم”، مطالباً بأن “يوقعوا على الحل الموقت الذي تم طرحه الثلاثاء الماضي”.

شارك المقال