“تصعيد” استطلاعي فوق العاصمة… وساطات لاصلاح الأوضاع رئاسياً

لبنان الكبير / مانشيت

لم يغب الطيران الاستطلاعي الاسرائيلي عن سماء بيروت أمس، بحيث حلق في العديد من المناطق اللبنانية وعلى علو منخفض، ما خلق ذعراً لدى البعض، خصوصاً وأن اسرائيل لم تنكفئ عن مواصلة ضرباتها على الحدود الجنوبية، وآخر هذه الضربات ما سجل في الساعات الماضية، كمحاولة منها لاغتيال شخصية جديدة من عناصر “حزب الله” ما يشير الى أن الاوضاع باتت تقترب من ساعة الحسم، وأن الأجواء لا يمكنها البقاء على هذا المنوال.

اما رئاسياً، فتتحرك الوساطات الخارجية في هذه الآونة لانهاء الشغور القاتل منذ أكثر من عام وثلاثة أشهر في حين لا تزال القوى الداخلية جامدة، وان تحرك البعض تُصنف زياراته بالمكوكية طالما أن مجلس النواب لم يدعُ الى جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية تُنقذ الشعب من الفراغ الداهم في غالبية مؤسسات الدولة، مع العلم أن النصاب مؤمن خصوصاً وأن “القوات اللبنانية” ستحضر الجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس المجلس نبيه بري يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

وصحيح أن البلد مأزوم ينتظر معجزة تُعجل فرجه القريب، لكن في ظل موجة التعطيلات هذه، تعرض موقع مجلس النواب الالكتروني للقرصنة من جهة لم يتم تحديدها بعد، واثر ذلك قامت الجهة الفنية المشرفة على ادارة الموقع بتجميده وتعمل على معالجة الأمر.

وفي اطار الزيارات التي يقوم بها الحزب “التقدمي الاشتراكي”، قصد رئيسه السابق وليد جنبلاط عين التينة للقاء الرئيس بري، وخرج من دون الادلاء بأي تصريح. وكان جنبلاط صرّح في وقت سابق بأن “لا مؤشرات داخلية لانتخاب رئيس ولكننا نجحنا عبر مساعي اللقاء الديموقراطي في التمديد لقائد الجيش”، متمنياً تعيين رئيس للأركان في المدى القريب.

وأكد جنبلاط خلال زيارته يوم السبت إلى مدينة عاليه، أنه “يحاول مع الرئيس بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والمخلصين في البلد تجنّب توسّع الحرب وإيقافها، لأنَّ هناك في الأساس أراضي محتلّة ومتنازع عليها، فكل مهمات (آموس) هوكشتاين في هذا الشأن لم تنجح”.

أما جنوباً، فلم يغب حجم الدمار الذي تتعرض له البلدات الحدودية في الأيام الماضية، بحيث باتت المنطقة الواقعة في جنوب نهر الليطاني جبهة مفتوحة لكل من اسرائيل و”حزب الله”، واستهدفت امس مسيرة اسرائيلية سيارة رباعية الدفع عند مفترق كفرا – صربين في قضاء بنت جبيل وأطلقت باتجاهها صاروخاً موجهاً ما أدى الى تدميرها واحتراقها الى جانب احتراق سيارة أخرى بالقرب منها، في محاولة لاغتيال قيادي كبير في “حزب الله” يبدو أنها باءت بالفشل. ونعى “حزب الله” لاحقاً، عضو فرقة حماية الشخصيات في الحزب فضل سلمان الذي قتل بغارة كفرا، وأكد استهدافه مستوطنة أفيفيم بالأسلحة الصاروخية وتحقيق اصابات مباشرة رداً على استهداف القرى والمدنيين اللبنانيين.

وسبق هذه الغارة استهداف سيارة على طريق بلدة البازورية يوم السبت ما أدى الى مقتل اثنين وجرح آخر وإلحاق أضرار جسيمة بشبكة الكهرباء وبالمزروعات.

وكرر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، رفضه لفكرة إنشاء دولة فلسطينية. وجاءت تصريحاته بعد ساعات من إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

وفي المقابل، شبّه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الوضع في الشرق الأوسط بـ “برميل بارود على وشك الانفجار”، مشدداً على أن من الضروري العمل على منع اشتعال الصراع في جميع أنحاء المنطقة.

وأكد غوتيريش في بيان، أن العمليات العسكرية التي تنفذها إسرائيل تؤدي إلى دمار واسع النطاق وإلى قتل البشر على نطاق غير مسبوق منذ توليه منصبه.

ورأى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مقابلة تلفزيونية، أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل لا يمكن من دون حل القضية الفلسطينية، معتبراً أن المسار الوحيد لانهاء العنف هو اقامة دولة فلسطينية قابلة للبقاء.

الى ذلك، اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “الشراكة الوطنية تفترض تسوية رئاسية بحجم مصالح الطوائف كلها لا طائفة واحدة، وبما يتفق مع الحرب السيادية التي تخوضها المقاومة”، مشيراً الى أن “رئيس الجمهورية رئيس دولة الشراكة الوطنية وليس رئيس طائفة، والمجلس النيابي مطالب بتأكيد الميثاقية الوطنية بعيداً من مصائد واشنطن ووكلائها ومخاطرها في الداخل اللبناني، ورئيس المجلس النيابي أمين شراكة وطنية لا تاجر وطن ولا سمسار بضائع، وواجبه الوطني القيام بكل المصالح الوطنية الضرورية بما في ذلك تشريع الضرورة وحماية القرار الوطني والمراكز الدستورية”.

وقال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد بحضور قائد الجيش جوزيف عون وعائلته: “كفّوا عن هرطقة تشريع الضرورة، وتعيينات الضرورة، واذهبوا إلى الضرورة الواحدة والوحيدة وهي انتخاب رئيس للدولة فتستعيد كلُّ مؤسساتكم وممارساتكم شرعيّتها”.

أضاف: “بانتخاب رئيس الجمهوريّة ينتهي الخلاف والمقاطعة في مجلس النواب من جهة لكونه بموجب الدستور هيئة ناخبة لا إشتراعيّة منذ فراغ سدّة الرئاسة (سنة وثلاثة أشهر)، وفي مجلس الوزراء من جهة ثانية، لكون المادّة 62 من الدستور تنيط صلاحيّات رئيس الجمهوريّة وكالةً بمجلس الوزراء”.

أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده فتساءل: “هل مات أحد من أجلنا عندما كنا في الأزمات والحروب وتحت نيران العدو وغير العدو؟ فلمَ على اللبنانيين، وأهل الجنوب خصوصاً، تكبد الخسائر في الأرواح والممتلكات، ودفع أثمان هم بغنى عن دفعها، بالاضافة إلى النزوح والتشرد؟”.

وتابع: “لقد مضى عام على وجود مستمر في مجلس النواب لنائب لا يطالب إلا بتطبيق الدستور وانتخاب رئيس، لكن لا نية لدى زملائه النواب، وذوي السلطة، للتأمل في موقفه، والاحتكام إلى الدستور وتطبيقه من دون تأويل أو تشويه، وانتخاب رئيس”.

شارك المقال