نصر للإنسانية في لاهاي… “اليونيفيل” تتموضع بعيداً عن المناطق الساخنة

لبنان الكبير / مانشيت

“مانديلا يبتسم في قبره”، هكذا علقت دولة جنوب أفريقيا على القرار الذي صدر عن المحكمة الدولية، التي على الرغم من عدم مطالبتها بوقف الحرب، إلا أنها طالبت إسرائيل بوقف الابادة الجماعية بحق الفلسطينيين، الأمر الذي أغضب الدولة العبرية، بينما لقي القرار ترحيباً عربياً وأممياً، وعزز مكانة جنوب أفريقيا، البطلة لدول العالم المسحوق، وشكل إحراجاً لدول الغرب حلفاء إسرائيل.

وجبهة العدل الدولية ليست وحدها ما يقلق إسرائيل، بحيث تشكل الجبهة الشمالية التي يهددها “حزب الله” هاجساً كبيراً لمسؤوليها، وكشف الحزب أمس أنه يمتلك صاروخين استراتيجيين استهدف بهما مواقع إسرائيلية، ما يعطي انطباعاً بفشل الجيش الاسرائيلي في منع وصول الصواريخ الدقيقة الى “حزب الله”، وفي الوقت نفسه رد على تصريحات وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس أول من أمس بشأن توجيه ضربة للبنان “لن يتعافى منها”.

وفيما استمر القصف الاسرائيلي على القرى الجنوبية، وأدى الى مقتل شخصين في منزل في النبطية، أفاد عدد من أهالي بلدة الغندورية أن العدو الاسرائيلي اتصل بهم وطلب منهم اخلاء منازلهم قبل أن يشرع في قصفها الأمر الذي تسبب بهلع لدى سكان البلدة، فيما لوحظت إعادة تموضع لقوات “اليونيفيل”، بما يبدو أنه ابتعاد عن المناطق الساخنة.

أما على الجبهة الداخلية، فكان الموعد أمس مع رد الحكومة على أسئلة النواب، واعتلى الرئيس نجيب ميقاتي المنبر، وقبل الدخول في الأرقام رد على الاتهامات بحق الحكومة بمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية، مذكراً بمسؤولية النواب بانتخاب رئيس، ومشدداً على حسم المجلس الدستوري دستورية جلسات الحكومة. كذلك رد ميقاتي على من وجهوا الاتهام الى الحكومة بتسليم قرار البلد إلى طرف سياسي، مدافعاً عن تصريحاته بأولوية وقف الحرب في غزة أنها تنطلق من واقعية سياسية إقليمية ودولية وليس محلية فحسب، مذكراً بقوله إن قرار الحرب والسلم هو في يد إسرائيل.

وخلال شرحه للشق التقني، قاطع عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سليم عون الرئيس ميقاتي، ودار سجال بينه وبين عدد من النواب الذين هبوا للدفاع عن موقع رئاسة الحكومة، وعدم جواز مقاطعة رئيسها.

وغداة تحديد إسرائيل مهلة للبنان عبر رسائل الديبلوماسيين الدوليين لوقف أعمال “حزب الله”، وتهديد وزير خارجيتها، كشف الحزب أمس عن صاروخين، الأول من نوع ” contrast seeker ” الذي يحمل كاميرا مثبتة عليه ويتم تحديد الهدف من خلالها، فاستهدف به “قبة تجسسية” في موقع جب العلام، والثاني هو “فلق 1″، وهو من جيل صواريخ “فلق” الايرانية، الذي يصل مداه إلى 10 كيلومترات، ولديه قدرة تدميرية عالية بقدرة 12 صاروخ غراد.

وعلى الصعيد الديبلوماسي، استمرت حركة السفير السعودي وليد بخاري أمس، فزار بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، وقال بعد اللقاء: “وضعت صاحب الغبطة في أجواء تحرك اللجنة الخماسية باتجاه المساعدة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ورؤيتنا المستقبلية في هذا الاطار”. وبعدها استقبل بخاري في دارته باليرزة، سفراء دول مجلس التعاون الخليجي لدى لبنان، وهم سفير سلطنة عمان أحمد بن محمد السعيدي، سفير قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، والقائم بأعمال سفارة الكويت عبدالله الشاهين.

وبالعودة إلى قرار المحكمة الدولية، جاء في نص القرار: “إن على إسرائيل، وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها، وفي ما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، اتخاذ التدابير كافة لمنع ارتكاب جميع الأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية من هذه الاتفاقية وخصوصاً القتل والتسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير لأفراد هذه الجماعة وتعمد فرض ظروف معيشية عصيبة تستهدف تدميرها كلياً أو جزئياً”.

كما طالبت المحكمة إسرائيل بأن يكف جيشها على الفور عن ارتكاب أي من هذه الممارسات. ودعت إسرائيل أيضاً الى اتخاذ التدابير كافة لمنع التحريض العلني والمباشر على ارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ومعاقبة مرتكبيها، وطالبتها باتخاذ تدابير فورية وفاعلة لتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الانسانية التي تشتد الحاجة إليها لمواجهة ظروف الحياة الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة.

وقالت المحكمة في بنود الحكم: “على إسرائيل اتخاذ إجراءات فاعلة للحفاظ على، وعدم تدمير، الأدلة المتعلقة بالادعاءات الخاصة بالأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية والمادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”، والتي قد ارتكبت ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وختمت المحكمة قرارها بمطالبة إسرائيل بتقديم تقرير إليها بشأن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر خلال شهر واحد من تاريخ صدور القرار.

القرار لقي ترحيبا فلسطينياً وعربياً وأممياً. وزير العدل في جنوب أفريقيا رونالد لامولا قال إن الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا “سيبتسم في قبره” بعد أمر محكمة العدل الدولية بفرض تدابير طارئة على إسرائيل بسبب حربها في غزة.

ورحبت فلسطين بحكم المحكمة، ووصفته بأنه “تاريخي ويضع حداً لثقافة الإفلات من العقاب لاسرائيل”.

ونشرت وكالة الأنباء الفلسطينية بياناً باسم “دولة فلسطين” دعا المجتمع الدولي الى الضغط على إسرائيل لوقف “الابادة الجماعية” في غزة انطلاقاً من قرار المحكمة. كما دعا جميع حكومات العالم الى ضمان احترام القرار والالتزام “بعدم التواطؤ في ارتكاب الابادة الجماعية”. وحث حكومات العالم أيضاً على العمل على وقف تزويد إسرائيل بالسلاح.

ورحب المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بقرار المحكمة، واعتبره إدانة لإسرائيل وانتصاراً للعدالة وللقضية الفلسطينية.

وقال سامي أبو زهري رئيس الدائرة السياسية لحركة “حماس” في الخارج: “إن قرار محكمة العدل الدولية تطور مهم يسهم في عزل إسرائيل وفضح جرائمها في غزة. ندعو الى إلزام الاحتلال بتنفيذ قرارات المحكمة”.

وفي إسرائيل، هاجم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرار المحكمة، معلناً أن إسرائيل تخوض حرباً تقاتل فيها “حماس”، و”سنواصل بذل كل ما في وسعنا لحماية أنفسنا وشعبنا”.

أضاف نتنياهو في كلمة ألقاها عقب صدور القرار: “إسرائيل تؤيد الالتزام بالقانون الدولي لكنها مثل أي دولة، لها حق ثابت في الدفاع عن نفسها”. واعتبر أن رفض المحكمة طلب إسرائيل رد الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا “يقضي بحرماننا من هذا الحق”.

وتابع: “مجرد الادعاء بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين ليس كاذباً فحسب، بل إنه أمر شائن، واستعداد المحكمة لمناقشته علامة عار لن تُمحى لأجيال”.

واتهم وزير الأمن القومي الاسرائيلي إيتمار بن غفير محكمة العدل الدولية بـ”معاداة السامية”.

وقال بن غفير، الذي يرأس حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف، في بيان “قرار المحكمة المعادية للسامية في لاهاي يثبت ما كان معروفاً مسبقاً، فهذه المحكمة لا تسعى إلى العدالة، بل إلى اضطهاد الشعب اليهودي”.

وأعلنت السعودية ترحيبها بالقرار، وقالت وزارة الخارجية: “المملكة ترحب بقرار محكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل وتؤكد تأييدها له”.

وفي أنقرة، رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقرار المحكمة، معرباً عن أمله في أن يسفر عن إنهاء الحرب الاسرائيلية على غزة.

وفي مسقط، أعربت سلطنة عمان عن ترحيبها بالقرارات الدولية، داعية المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل بوقف العمليات العسكرية في قطاع غزة.

وكتب وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان على منصة “إكس”: “إن سلطات النظام الاسرائيلي الزائف… لا بد أن تمثل أمام العدالة على الفور لارتكابها الإبادة الجماعية وجرائم حرب غير مسبوقة بحق الفلسطينيين”.

ورحبت مصر كذلك بالقرار، وجاء في بيان لوزارة الخارجية المصرية: “أكدت جمهورية مصر العربية أنها كانت تتطلع الى أن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة مثلما قضت المحكمة في حالات مماثلة”. وشدد على ضرورة احترام قراراتها وتنفيذها.

أما حليفة إسرائيل، الولايات المتحدة فاعتبرت أن قرار المحكمة يتسق مع رؤية واشنطن بأن إسرائيل لها الحق في اتخاذ إجراء وفقاً للقانون الدولي لضمان عدم تكرار هجوم السابع من تشرين الأول.

في الغضون، وعلى وقع التوترات في البحر الأحمر، أعلنت وكالة “أمبري” البريطانية للأمن البحري، أن صاروخاً أصاب سفينة تجارية قبالة سواحل عدن اليمنية، ما أدى الى شوب حريق على متن السفينة، مشيرة إلى “الإبلاغ عن سلامة الطاقم”.

شارك المقال