الحريري: سنكثف عملنا أكثر… ولن نسكت على استهدافنا

لبنان الكبير / مانشيت

الزحمة في “بيت الوسط” في الأيام الأخيرة أثبتت للجميع مكانة وضرورة الرئيس سعد الحريري في المعادلة السياسية والوطنية، إلا أن لبنان يمرّ بمرحلة جنون سياسي وكل طرف يعتقد ‏نفسه أكبر من بلده، وفق ما رأى الحريري خلال استقباله وفداً من قطاع الشباب ‏والطلاب في تيار “المستقبل”، مؤكداً له أن التيار لن يسكت عن محاولات الاستهداف التي يتعرض لها في الدولة، في إشارة واضحة إلى الاستهداف الذي تعرضت له موظفة محسوبة على التيار في إحدى الوزارات.

وفيما يستمر التصعيد في الميدان الجنوبي، إثر توسع رقعة القصف الاسرائيلي، وتطور نوعي باستهداف المواقع الاسرائيلية من “حزب الله”، وبانتطار ما قد يؤول إليه رده على مجزرة النبطية، أطل الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في حديث تلفزيوني مؤكداً أن دولته تعمل لابقاء الصراع على الحدود اللبنانية في أدنى مستوى ممكن، وملمحاً إلى العرض الدولي لدعم الجيش وبناء الاقتصاد اللبناني.

في الأثناء، وبينما يجري التفاوض للتوصل إلى اتفاق وقف اطلاق النار للصراع الأساس الذي تسبب في فتح أكثر من جبهة في الشرق الأوسط، أعلنت قطر أن نمط المفاوضات التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية لم يكن واعداً، بينما جددت السعودية موقفها القائل ان السبيل الوحيد نحو الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، بما في ذلك في إسرائيل، هو إقامة دولة فلسطينية.

“بيت الوسط”

واستمرت أمس الزيارات إلى “بيت الوسط” حيث استقبل الرئيس الحريري رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين ‏الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم، ثم الرئيس العام للرهبانية الباسيلية المخلصية الارشمندريت أنطوان ‏ديب، فرئيس المعهد الفنّي الأنطوني في الدّكوانة الأب شربل بوعبود‏. والتقى أيضاً رئيس مجلس الادارة المدير العام لمصرف الاسكان أنطوان حبيب، ثم وفداً من حزب “الرامغافار” برئاسة رئيس الحزب أواديس ‏داكسيان وحضور النائب السابق هاغوب قصارجيان، فمحافظ بعلبك – الهرمل القاضي بشير خضر. وزاره وفد من “لقاء التوازن الوطني” برئاسة رئيسه صلاح سلام الذي أوضح ‏بعد اللقاء أنه أكد للرئيس الحريري أن غيابه أحدث خللاً في المعادلة الوطنية بسبب فقدان ‏المرجعية السنية، ومن هنا المطالبة بعودته سريعاً.

الحريري

وأمام وفد من قطاع الشباب في تيار “المستقبل” تحدث الرئيس الحريري عن تعليقه العمل السياسي، فأكد أنه اتخذ هذا القرار حين أيقن أن ‏الوجوه القديمة ستتكرر بالمواقف والعقلية نفسها، وتيار “المستقبل” كتيار سياسي لن يتمكن ‏من تحقيق إنجازات، في حين أن الانجاز هو أساس أهداف أي عمل سياسي. وإذا كان ‏الناس اليوم لا يزالون يستذكرون الرئيس الشهيد فبسبب ما خلفه من إنجازات عديدة، كما ‏بفضل نهجه المعتدل وانفتاحه على الأطراف كافة.

ولفت الحريري إلى أن المرحلة التي يمر بها لبنان حالياً ترقى إلى كونها مرحلة ‏جنون سياسي، حيث كل طرف يعتقد نفسه أكبر من بلده ويتشبث بمواقفه السياسية. ‏وقال: “في المقابل، كانت طريقة عملي شخصياً في السياسة مختلفة. فقد أجرينا ربط نزاع مع ‏حزب الله وتعالينا على كل الخلافات التي كانت تحصل مع باقي الفرقاء وحرصنا على ‏عدم إظهار هذه الخلافات إلى العلن، وكنت دائماً آخذ الأمور في صدري وأحاول أن ‏أسيّر شؤون البلد، لأن واجبي كان تسيير شؤون البلد وتطوير الاقتصاد وتحسين عمل ‏المؤسسات التي تقوم عليها الدولة وإجراء الاصلاحات اللازمة وليس التشبث بمواقفي ‏السياسية. هذا كان تركيزي ولم أكن أهتم أبداً لما يقال في حقي لأن همي الأساسي كان ‏تحقيق الانجازات والاصلاحات. ولكن للأسف، العقلية الموجودة أوصلتني إلى مكان تعبت ‏فيه أن أقول اني لم أستطع أن أنجز، لذلك قررت تعليق العمل السياسي. وربما اكتشف ‏اليوم الناس ما الذي كنت أتعرض له من محاولات تخوين أو اتهامات تطلق جزافاً بحقي”.‏

أضاف: “لو بقيت في العمل السياسي لكنت سأكون مضطراً لأفاوض من جديد وأقوم ‏بالتسويات وأتحملها أنا وحدي، وفي النهاية تقع علي كل المسؤولية. أما اليوم فالجميع ‏يقول انه يحب سعد الحريري. لذلك قررت أن أبتعد وأترك الناس ترى الحقيقة”.‏

وأشار الحريري إلى أن “تيار المستقبل بقي منكفئاً خلال السنتين الماضيتين، أما ‏الآن فسنكثف عملنا أكثر، ليس في الأمور السياسية، وإنما نؤكد أن محاولة التضييق على ‏المحسوبين على تيار المستقبل في الدولة وغير الدولة لن نسكت عليها مطلقاً”، مشدداً على “أننا سنقف في وجه كل من يتجه نحو التطرف، فهذا من ‏المحرمات لدينا”.

وأكد أن “الاعتدال هو الأساس، وبالاعتدال يمكنك أن تدير بلداً، أما ‏بالتطرف الذي نراه فلا يمكن أن نصل إلى أي مكان. كل منهم يعتقد أن موقفه المتطرف ‏هو الصائب فقط، وخير دليل على هذا التطرف هو ما نراه في الحكومة الاسرئيلية، و‏ما أدى إلى ما تقوم به من مجازر وقتل للأطفال والأبرياء”.‏

وختم الرئيس الحريري قائلاً: “أنتم تيار الاعتدال، وهذا ليس ضعفاً، وتيار المستقبل لن ‏يسمح بأي نوع من أنواع التطرف، بل تطرفنا هو للاعتدال وللبنان فقط لا غير، ومن هنا ‏التسمك بشعار لبنان أولاً، وأنا أعتمد عليكم من أجل بناء مستقبل لبنان المزدهر”.‏

هوكشتاين

وغداة التصعيد الأخير في جنوب لبنان، بعد المجازر الاسرائيلية أطل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، في حديث تلفزيوني، فأكد “اننا نعمل بهدوء لإنهاء الصراع على الحدود اللبنانية واتساع الحرب لن يكون في مصلحة أحد”.

وكان أعلن “أنّنا نحاول إبقاء الصراع في جنوب لبنان عند أدنى مستوى ممكن”، مشدّداً على “ضرورة عودة سكّان البلدات والقرى الحدوديّة الجنوبيّة إلى منازلهم، وكذلك السكّان على الحدود الشماليّة لإسرائيل”. وقال: “الوضع على الحدود بين البلدين تغيّر بعد 7 تشرين الأول، وسيتعيّن علينا القيام بالكثير لدعم الجيش اللبناني، وبناء الاقتصاد في جنوب لبنان، وهذا سيتطلب دعماً دولياً من الأوروبييّن وكذلك دول الخليج، وآمل أن نرى منهم الدعم في المرحلة المقبلة”.

موقف قطري لافت

أما عن الصراع الأساسي في غزة، ومع قرب شن اسرائيل حملة عسكرية على منطقة رفح آخر مدن القطاع المحاصر، فأعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أمس، أن نمط المفاوضات التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية للتوصل إلى اتفاق إطاري لوقف إطلاق النار في غزة “لم يكن واعدا حقاً”.

أضاف في مؤتمر ميونيخ للأمن: “نمط (المفاوضات) في الأيام القليلة الماضية لم يكن واعداً حقاً، ولكن كما أكرر دائماً سنظل على الدوام متفائلين ونواصل الضغط”.

وأشار الى أنه لا يستطيع الخوض في تفاصيل المفاوضات، لكن كما هو الحال مع الاتفاقات السابقة هناك عنصران هما الأوضاع الانسانية في غزة وعدد الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة “حماس”.

وقال: “أنا أؤمن بهذا الاتفاق لأننا نتحدث على نطاق أوسع ولا نزال نرى بعض الصعوبات في الجانب الأنساني من هذه المفاوضات”. وأعرب عن اعتقاده أن المفاوضات إزاء العنصر الإنساني إذا أحرزت في أي اتفاق تقدماً، فستتم في نهاية المطاف معالجة العقبة المتعلقة بأعداد المفرج عنهم.

إلى ذلك، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أمس: “إن السبيل الوحيد نحو الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، بما في ذلك في إسرائيل، هو إقامة دولة فلسطينية”.

شارك المقال