مجزرة جياع في غزة وقلق أميركي على لبنان… الرواتب بإضراب

لبنان الكبير / مانشيت

لا مفاوضات ولا ضغوط ولا محاكم دولية ولا كل العالم يوقف اجرام اسرائيل، التي أثبتت أمس مجدداً تعطشها للدماء بعد أن فتح جيشها النار على تجمع من الغزاويين المتضورين جوعاً في شارع الرشيد غرب غزة، خلال تسليم مساعدات انسانية لهم، لتقول للعالم ممنوع الحياة للفلسطينيين. ولا يبدو أن إسرائيل ستكتفي بغزة، بل تخطط للقضاء على كل ما تعتبره تهديداً لكيانها المحتل، تحديداً من جهة الشمال، أي جنوب لبنان، حيث ترى إدارات الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، أن اسرائيل قد تغزو لبنان في الربيع أو أول الصيف في حال لم تتمكن الديبلوماسية من إبعاد “حزب الله” إلى شمال الليطاني، ولذلك سترسل أميركا موفدها آموس هوكشتاين فور انجاز اتفاق وقف الحرب في غزة، وفق معلومات “لبنان الكبير”، ليحاول تثبيتها في جنوب لبنان أيضاً، إلا أن لا ضمانات لنجاحه، في ظل جنون اسرائيلي لم يسبق له مثيل.

وفيما الحرب تدق أبواب البلد، من الخارج، تعاني جبهته الداخلية من تشرذم يكبر أكثر فأكثر. فمع استمرار الفراغ، في رأس الدولة في ظل أصعب أزمة اقتصادية في تاريخه، من الطبيعي أن يعاني الموظفون في الحصول على حقوقهم، ولا يبدو أن “الترقيع” الذي أقرته الحكومة أول من أمس نفع مع موظفي وزارة المالية، بحيث علم “لبنان الكبير” أن إضرابهم مستمر، وسيتم أخذ القرار بفكه أو الاستمرار فيه يوم الاثنين، ومعادلة “لا حوافز لا رواتب” لا تزال سارية.

حرب في الربيع

وكانت شبكة “سي أن أن” نقلت عن أحد كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قوله ان إدارته تعمل وفق افتراض حدوث عملية عسكرية اسرائيلية على لبنان في الربيع المقبل، مشيراً إلى أنه سمع آراء متباينة داخل الحكومة الاسرائيلية حول الأمر، بحيث أن بعض المسؤولين يعتبر أن إسرائيل تثير هذا التهديد من أجل استخدامه في طاولة المفاوضات، فيما يتحدث آخرون عن اعتباره “ضرورة عسكرية ستحدث”.

وقال مسؤول أميركي آخر ان هناك عناصر في الحكومة والجيش الاسرائيليين يؤيدون التوغل باتجاه لبنان، فيما عبّر مسؤول أميركي مطلع عن تخوفه من أن تتطور الأمور “إلى حملة جوية موسعة تصل إلى المناطق المأهولة بالسكان في لبنان وتتطور في النهاية إلى هجوم بري أيضاً”، لافتاً الى أن مجتمع الاستخبارات الأميركي “يدق أجراس الإنذار”.

ولعل مصادقة الحكومة الاسرائيلية أمس على تمديد فترة إقامة مستوطني الشمال في الفنادق حتى حزيران المقبل تأتي في سياق النية الاسرائيلية بالحرب.

وفي تعليق على التقرير، أشار مصدر قريب من “حزب الله” لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “على إسرائيل أن تتخلى عن أي أمل في فرض أي تراجع لحزب الله متراً واحداً، فالحزب ينظر الى الأمر من منظور سياديّ أعمق من مطلب إسرائيلي، وهو متصل بإفهام الأميركي أنه طرف، وعليه تقديم تنازلات هو الآخر من أجل أية تسوية متعلقة بممارسة تأثير داخل لبنان”.

أضاف المصدر: “الحزب يجد نفسه مرتاحاً جداً الى نتائج المعركة حتى الآن، الثمن المدفوع مقبول جداً، مقابل الاحتفاظ بنسبة عالية من الاحتجاب المعلوماتي والاستخباري الاستراتيجي المهم جداً للمعركة القادمة التي يعرفها حاصلة لا محالة، في الربيع أو قبله أو بعده، وبينما تلحس إسرائيل جراحها، فإن الحزب سيكون عليه الاهتمام بأمور أقل، ما يكسبه فرصة ثمينة للافادة السريعة من كنز الخبرات التي شكلتها هذه الجولة”.

وشدد المصدر على أن “الفارق بين حرب مع حماس وحرب مع حزب الله هي أن الأولى فيها طرف لا يأمل في أكثر من الحفاظ على وجوده وعدم التنازل عن حقوقه التي تتقلص يوماً بعد يوم، أما الحزب وجبهة لبنان، فهما يشكلان المبادرة القصوى تجاه تغيير المعادلات الكبرى مع الاسرائيلي في ما يخص المسألة الفلسطينية، وعليه فإن الحزب يعد عدته لجولة حاسمة أخيرة، وبالتأكيد هذه لن تكون هي”. 

هوكشتاين إلى لبنان

في السياق، تقول مصادر سياسية لموقع “لبنان الكبير” ان الادارة الأميركية تؤكد عبر الاتصالات ومبعوثيها وديبلوماسييها، أن الموفد آموس هوكشتاين سيحضر الى لبنان بمجرد وقف الحرب في غزة، لتحصين الوضع الأمني في جنوبه ومساندته في وقف الجبهة.

أما قرار “حزب الله”، فقد وصل الى الأميركيين أيضاً عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومفاده أن المقاومة فور وقف إطلاق النار في غزة، توقف جبهة الجنوب، وأي خرق إسرائيلي أو عملية أمنية أثناء الهدنة يستدعي الرد حتماً.

وعن توسعة نطاق الضربات الاسرائيلية، توضح المصادر أنها لا تزال تحت السيطرة، و”حزب الله” لا يريد أن يقع في فخ الاستدراج نحو الحرب الشاملة، ولن يعطي الاسرائيلي مبرراً لاستكمال حربه، وسيكتفي بالرد على الضربات وبطريقة أشد عنفاً.

وأكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله أن “الحرب في الجنوب مرتبطة بالعدوان على غزة من جهة، وبتأمين سبل الحماية لبلدنا من جهة أخرى”، قائلاً: “عندما يوقف الاحتلال عدوانه على غزة تتوقف هذه الجبهة لأنَّها جبهة مساندة”.

ورد فضل الله على تصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت يوم الأحد التي هدد فيها باستمرار العمليات ضد لبنان، بالقول: “المقاومة ستتصدى لأي عدوان على بلدها، لإعادة إلزام الاحتلال بمعادلاتها التي حمت لبنان على مدى السنوات الماضية، ولديها من الامكانات ما يجعلها قادرة على فرض ذلك”. 

بريطانيا وفرنسا

ويبدو أن البريطانيين والفرنسيين لديهم المعطيات نفسها عن النية الاسرائيلية بالحرب، ولذلك تقدمت فرنسا بورقة أفكار، وعرضت بريطانيا استنساخ تجربة الأبراج العسكرية في الحدود الشمالية والشرقية على الحدود الجنوبية، وقد جال كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المارشال مارتن سامبسون على المسؤولين اللبنانيين أمس في سياق العرض البريطاني.

أما بخصوص المقترح الفرنسي فجواب الثنائي الشيعي وصل الى أصحاب ورقة الأفكار، وجواب لبنان الرسمي لن يكون من خارج سياقه، إذ إن التواصل بين رئيسي المجلس النيابي والحكومة غير منقطع، والتناغم والتوافق واضحان في هذا الاطار، للفرنسيين ولكل دول العالم، الزموا إسرائيل بتطبيق القرار ١٧٠١ ولا داعي للاجتهادات والأفكار والاضافات، فلبنان ملتزم القرار وسيعود الى قواعد ما قبل السابع من تشرين فور وقف إطلاق النار.

حفلة الترقيع الحكومي

وفيما فك جزء من موظفي القطاع العام الاضراب، وعادوا إلى وظائفهم بعد أن أقرت الحكومة الزيادات والتعويضات المؤقتة أول من أمس، لا يزال البعض غير راضٍ عما اعتبره “ترقيعة”، لا سيما تعاونية موظفي الدولة وموظفو وزارة المالية، الذين ما زالوا مستمرين في الإضراب وسيأخذون القرار النهائي يوم الاثنين بتعليقه أم لا. وقالت مصادر الوزارة لموقع “لبنان الكبير”: “على الرغم من التفاؤل الموجود، وان كان يعتبر ضئيلاً، الا أن المعادلة التي فرضها الموظفون مسبقاً: ما في حوافز ما في رواتب، لا تزال سارية، وأن الاضراب سيستمر حتى استرجاع الحوافز التي وعدوا بها ثم حرموا منها”.

وعن الرواتب، أكدت المصادر أن الاضراب حتى لو فك يوم أمس مع بقية موظفي القطاع العام، لكانت الرواتب قبضت خلال الأسبوع المقبل، أي بين يومي الأربعاء والخميس، للمدنيين والعسكر، وأنه في حال اتخذ القرار يوم الاثنين بفك الاضراب، لن تكون الرواتب جاهزة للقبض في هذه الحالة قبل الاثنين الذي يليه. لكن المصادر أشارت الى أن رواتب العسكر تعد جاهزة وبحاجة الى التحويل فقط.

في السياق، أعلن تجمع العسكريين المتقاعدين عدم رضاهم عما أقرته الحكومة، مؤكدين أنهم لن “يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الظلم اللاحق بهم وسيترجمون ذلك بصولات وجولات”، داعين الحكومة إلى “البدء اعتباراً من اليوم بعملية اصلاح الخلل ضمن مدة الثلاثة أشهر التي وعدت بها، وإلاّ سنكون أمام مرحلة جديدة من التصعيد تختلف كلياً عن سابقاتها”.

مجزرة بحق الجياع

في غزة، تجمع الآلاف من الفلسطينيين الذين يتضورون جوعاً في شارع الرشيد غرب القطاع لتسلم مساعدات انسانية، وخلال عملية التوزيع فتح الجيش الاسرائيلي النار عليهم، موقعاً نحو ألف شخص بين قتيل وجريح، وفيما حاول في بداية الأمر التنصل من المسؤولية عبر الادعاء أن القتلى سقطوا في التدافع على المساعدات، عاد واعترف لاحقاً بإطلاق النار على المدنيين، عازياً السبب إلى أن الجنود شعروا بـ “التهديد” إثر اقتراب عدد من الأشخاص من القوات التي تعمل على تأمين الشاحنات.

وفي تعليق على المجزرة، أعلن منسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية مارتن غريفيث أنّ “الحياة في غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة بسرعة تبعث على الرعب”. وكتب على منصة “اكس”: “أنا غاضب من التقارير التي تفيد بمقتل وإصابة مئات الأشخاص خلال عملية تسليم مساعدات إنسانية في غرب مدينة غزة اليوم (امس)”.

شارك المقال