اسرائيل تصعّد… لبنان في أيام الآلام

لبنان الكبير / مانشيت

عاش اللبنانيون أملاً في أحد الشعانين، علّه يخرجهم من أزماتهم المتفاقمة يوماً بعد يوم، لكنه لم يكن سوى وهم خصوصاً وأن البلاد ترزح تحت خطر اتساع رقعة الحرب أكثر فأكثر في ظل عودة التصعيد الاسرائيلي في الساعات الاخيرة. ففي تطور جديد من نوعه وللمرة الأولى نفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارة استهدفت سيارة على طريق بلدة الصويري قرب معبر المصنع في البقاع الغربي، بعد ليل ساخن وغارات متتالية على منطقة بعلبك للمرة الثالثة على التوالي، ما ينذر بأن هذه الأيام باتت آلاماً وقلقاً من إزدياد حدّة الضربات التي تهدد حياة المواطنين والمدنيين، في وقت يحتل الملف اللبناني صدارة المحادثات الجارية في واشنطن مع وصول وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت اليها في زيارة تلبية لدعوة نظيره الأميركي لويد أوستن.

غير أن المؤلم أكثر هو تضاؤل احتمالات التوصل الى هدنة قريبة في غزة، نتيجة المواقف المتناقضة لـ “حماس” وإسرائيل، اذ يبدو أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يقبل بهدنة قبل تنفيذ مخططه بمهاجمة رفح، ما يجعل إمكان ازدياد الآلام والضربات أكثر في الداخل اللبناني، وسط جبهات جنوبية وشمالية مشتعلة. 

تصعيد ماكرون

وبرز تصعيد من جهة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه نتنياهو، اذ أكد معارضته الصارمة لهجوم إسرائيلي على رفح، محذراً من أن “النقل القسري للسكان يشكل جريمة حرب”.

وكرر ماكرون خلال اتصال هاتفي مع نتنياهو دعوته إلى “وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة”، مديناً بشدة الاعلانات الاسرائيلية الأخيرة بشأن الاستيطان.

خطة غالانت

وفيما لا تزال المفاوضات جارية في الدوحة، يبحث وزير الدفاع الاسرائيلي في واشنطن، مع نظيره الأميركي وغيره من المسؤولين العسكريين البدائل التي تقترحها الولايات المتحدة للخطة الاسرائيلية لاجتياح مدينة رفح.

وتأتي زيارة غالانت بدعوة من واشنطن التي لديها تحفظات عن خطة اجتياح رفح بالشكل والتوقيت اللذين تريدهما إسرائيل، ويعتبرها المسؤولون الأميركيون مغامرة عسكرية لن تكون مجدية وستتسبب في أضرار أمنية وسياسية لاسرائيل.

وتقترح واشنطن خطة بديلة تعتمد على الاكتفاء بعمليات عينية تستهدف قادة حركة “حماس” على نار هادئة وبلا عمليات حربية واسعة، وذلك مقابل تزويد إسرائيل، بأسلحة وذخيرة طلبتها، وحسب مصادر إسرائيلية، فإن غالانت ينوي التقدم بمطالب عديدة في هذا المجال.

وقال مقرب من غالانت إنه سعيد بموقف الادارة الأميركية الذي يقول إن فرض قيود على تزويد إسرائيل بالأسلحة الأميركية، كما يطلب مسؤولون في الحزب الديموقراطي وشريحة واسعة من الناخبين الأميركيين غير مطروح، مشيراً الى أن غالانت سيطلب تعهدات لاستمرار المساعدات الأمنية بعيداً عن الخلافات السياسية بين الدولتين، وأن تتسع هذه المساعدات في حال تصعيد القتال في الجبهة اللبنانية.

ولفتت المعطيات الى أن هناك قضية أخرى سيبحثها غالانت متعلقة بلبنان، اذ يسعى إلى الحصول على دعم أميركي واسع لاسرائيل لتوسيع القتال ضد “حزب الله” بإرغامه على سحب مقاتليه من منطقة الحدود مع إسرائيل.

تطويق مستشفيات في غزة

وفي حين تبقى الحدود الجنوبية والشمالية مشتعلة، لا تزال الأوضاع على حالها في قطاع غزة، وسط تطويق جديد لمستشفيين آخرين فيه ومحاصرة طواقهما الطبية، تحت حجة أن “حماس” تستخدم المستشفيات كمعاقل وقواعد لها ولتخزين أسلحتها.

غوتيريش يحذر

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي يزور مصر والأردن في إطار جولة تضامن سنوية في شهر رمضان، أن “الطريقة الوحيدة ذات الكفاءة والفعالية لنقل البضائع الثقيلة من أجل تلبية الاحتياجات الانسانية في قطاع غزة هي عن طريق البر، وبما يشمل زيادة هائلة في عمليات التسليم التجارية”. وحذر عقب اجتماع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري في القاهرة، من تداعيات الحرب في غزة على مستوى العالم.

واعتبر غوتيريش أن “الاعتداء اليومي على كرامة الفلسطينيين يخلق أزمة مصداقية للمجتمع الدولي”.

دريان مكرّماً

وبالعودة الى الداخل، أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان “أننا في دار الفتوى، لا ولن نرضى السير في مشاريع لا يحكمها العقل والحكمة والمنطق السليم، لحساب مصالح شخصية ضيقة يضيع لبنان بسببها ويندثر دوره في أداء رسالته الوطنية والعربية النبيلة التي لا يكون إلا بها”.

وطالب خلال افطار تكريمي أقامته له جمعية “بيروت منارتي”، المجلس النيابي بأن “يقوم بواجبه الدستوري الأساسي، ويبادر إلى انتخاب رئيس للجمهورية، يكون رأس الدولة حقاً، ورمز وحدة الوطن، يمثل لبنان بسيادته واحترام دستوره، وحكماً ناظماً لعمل الدولة وأدائها، والذي لا ينتظم ولا يتوازن إلا أن تكون نظرته واحدة لجميع اللبنانيين، لا يميزهم إلا إخلاصهم لوطنهم وجهدهم للنهوض به”.

الراعي

وفي قداس أحد الشعانين، قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي: “لا ننسى أطفال غزّة الخاضعين لعمليّات إبادة واضحة في المستشفيات، وطريق الهرب، ووقوفهم صفوفاً لإلتماس حصّة طعام، وفي الجوع وانتفاء الأدوية. كذلك القول عن الرجال والنساء والشباب، فيما العالم معتصم بالصمت خوفاً على المصالح. فيا لوصمة العار على جبين هذا الجيل من حكّام الدول! وتضاف كارثة العائلات والأطفال في حرب روسيا وأوكرانيا”. واعتبر أن “ما يزيد ألماً المجزرة التي ارتكبها تنظيم داعش على ما يبدو بعناصر مسلّحة ومن وراءهم، مساء الجمعة، إذ اقتحموا صالة للموسيقى في ضواحي موسكو، وفتحوا النار على الحاضرين، ثمّ دبّ الحريق في الداخل، فكانت حصيلة القتلى بحسب إحصاءات اليوم 143 قتيلاً، وعدد كبير من الجرحى”.

عودة

ورأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أن “إعادة تكوين السلطات الدستورية وبناء المؤسسات هما المدخل الضروري لأية عملية إنقاذية”، متسائلاً: “كيف تصل سفينة إلى الميناء الأمين في غياب ربان؟ وكيف تدار دولة بلا رئيس؟ الكل يدعي تسهيل العملية الانتخابية وينادي بضرورة إتمامها فمن يعرقل إذاً؟”.

أضاف: “إذا كان جميع النواب مقتنعين بذلك فلم لا يذهبون إلى المجلس النيابي وينتخبون رئيساً بحسب مقتضى الدستور، من دون شروط وشروط مقابلة، ومن دون تفسير لمواد الدستور أو تأويل بحسب المصالح. فنحن لسنا بحاجة إلى أعراف جديدة”. وشدد على “ضرورة تطبيق الدستور ولا تدعوا أحداً يعبث بمصير البلد ويلغي دوره ويقوّض أساسات ديموقراطيته، والمطلوب ليس شعارات بل إرادة عمل وصفاء نية”.

شارك المقال