مجلس الأمن يعزل إسرائيل… فهل تهرب الى “الفوضى الشاملة”؟

لبنان الكبير / مانشيت

يشكل قرار “وقف فوري لإطلاق النار” في غزة، الذي أقره مجلس الأمن أمس، سابقة في تاريخ الديبلوماسية الدولية، إذ هي المرة الأولى التي يمر فيها قرار دولي لا يرضي إسرائيل، لا بل يستفزها، من دون أن يكون “الفيتو” الأميركي حاضراً لإسقاطه، ما يظهر مدى عزلة الكيان الذي ينجرف بقوة نحو اليمين المتطرف، جراء الابادة المفتوحة منذ 7 تشرين الأول الماضي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بحيث لم تجرؤ الولايات المتحدة على استخدام سلاح النقض لحمايته، وهو ما يمكن أن يترتب عليه الكثير في علاقات اسرائيل مع العالم وتحديداً مع عرابها الأميركي.

إسرائيل، المهانة والمكسورة أمنياً بعملية “طوفان الأقصى”، ثم القاتلة المرذولة بنظر دول وشعوب كثيرة، باتت اليوم وحيدة، وهي إذ لن تلتزم بالتأكيد بالقرار الدولي فان المرجح أن تسعى الى التصعيد في كل الاتجاهات، ولبنان تحديداً، بأمل أن يؤدي الاضطراب الشامل في الشرق الأوسط الى إجبار أميركا والقوى الغربية على التدخل ضد الأعداء الاقليميين الذين يعيثون فوضى في أنحاء المنطقة.

وتوافق أعضاء مجلس الأمن على المطالبة بـ “وقف فوري لإطلاق النار” في غزة خلال ما تبقى من شهر رمضان، أي لمدة أسبوعين فقط، بحيث وافق المجلس بغالبية 14 صوتاً مع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار الذي أُعطي الرقم 2728 وأعدّته الدول العشر غير الدائمة العضوية: الجزائر، الاكوادور، سلوفينيا، سويسرا، سيراليون، غويانا، كوريا الجنوبية، مالطا، موزمبيق واليابان. وفور إعلان النتيجة علا التصفيق في قاعة مجلس الأمن، وهو أمر نادر الحدوث عند التصويت على القرارات.

تهديد لبنان

وبعد صدور القرار، تعالت التصريحات من المسؤولين الاسرائيليين، بدءاً بالتهديد بحرب على لبنان، فقال وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت الذي يزور واشنطن: “إن عدم تحقيق نصر حاسم في غزة قد يقرّبنا من حرب في الشمال”. واعتبر أن إسرائيل لا يمكنها وقف حربها على “حماس” بينما لا يزال هناك رهائن في غزة.

وأشار غالانت الى أنه سيشدد في اجتماعه مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في البيت الأبيض اليوم على أهمية تدمير “حماس” وإعادة الرهائن إلى ديارهم. وأضاف: “سنعمل ضد حماس في كل مكان، بما في ذلك الأماكن التي لم نصل إليها بعد، وسنحدد بديلاً لحماس، حتى يتمكن الجيش الاسرائيلي من إكمال مهمته. ليس لدينا حق أخلاقي في وقف الحرب ولا يزال هناك رهائن محتجزون في غزة”.

توتر أميركي اسرائيلي

وألغى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فور صور القرار، زيارة وفد إسرائيلي رفيع إلى الولايات المتحدة، بعد اتفاق سابق مع الرئيس الأميركي جو بايدن على إرساله لإجراء محادثات حول الخطط الاسرائيلية بشأن هجوم محتمل على رفح.

وقال مكتب نتنياهو: “الولايات المتحدة تراجعت عن موقفها الثابت في مجلس الأمن الذي ربط قبل عدة أيام بين وقف لإطلاق النار والإفراج عن المخطوفين”.

ورد منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي على قرار نتنياهو بقوله: “نشعر بخيبة أمل كبيرة”، مضيفاً: “إن الامتناع الأميركي عن التصويت على قرار مجلس الأمن لا يمثل تحولاً في سياسة البيت الأبيض”. وأوضح “لم نصوّت لصالح القرار، واكتفينا بالامتناع عن التصويت؛ لأن الصيغة النهائية لا تتضمن التنديد بحماس”.

وفيما علا الصراخ الاسرائيلي، رحب الفلسطينيون بشقيهم السلطوي و”الحمساوي” بالقرار، بالاضافة إلى الدول العربية، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي جدّدت مطالبتها المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة إنهاء المعاناة وتوفير الأمل للشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على حقوقه في العيش بأمان، وتقرير المصير عبر مسار موثوق لا رجعة فيه لإقامة دولته الفلسطينية بحدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة. 

الميدان

وبعد أكثر من أسبوع على تراجع غير مسبوق في حدة المواجهات العسكرية على جبهة الجنوب، عادت في الساعات الماضية لتسخن من دون مقدمات، ولتتوسع عمليات إسرائيل لتشمل بعلبك والبقاع الغربي شرق البلاد.

واحتدمت المواجهات بعيد إعلان “حزب الله” عن استخدام مسيرتين لاستهداف منصتين للقبة الحديدية في مستعمرة كفار بلوم الواقعة في الجليل الأعلى، فكان الرد الاسرائيلي باستهداف بعلبك، كما إحدى السيارات في منطقة البقاع الغربي، التي تُستهدف للمرة الأولى منذ بدء الحرب، ليعود القصف المتبادل في الجنوب بصورة كثيفة.

شارك المقال