المنطقة بانتظار الرد على الرد… “الخماسية” تتحرك واللجوء السوري أولوية

لبنان الكبير

يبدو أن قرار الرد الاسرائيلي على الرد الايراني، قد حسم، ولكن أركان الكيان العبري ما زالوا يدرسون شكله وتوقيته، لا سيما أن العنوان العريض الذي وضع هو الرد من دون الانجرار إلى حرب موسعة، انصياعاً للرغبة الأميركية، بعد أن أثبتت الولايات المتحدة التزامها تجاه أمن اسرائيل بتصديها للهجوم الايراني، الذي كان يمكن أن يكون أسوأ بكثير لولا تحرك الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، ولكن حتى مع أكبر الاحتياطات، لا يبدو أن طهران ستقبل بالسكوت على أي هجوم اسرائيلي على أراضيها، ما يضع المنطقة في حالة انتظار الردود الايرانية والاسرائيلية المتبادلة، التي قد تشعل الشرق الأوسط بأكمله في حال أي دعسة ناقصة من الطرفين.

وفيما يتهيب أن تكون فشة الخلق الاسرائيلية على أراضيه، يتخبط لبنان في مشكلاته التي لا تنتهي، من الفراغ الرئاسي، إلى أزمة اللجوء السوري، بينما تتحرك الخماسية الدولية للوصول إلى حل الأزمة الرئاسية. ويبدو أن لبنان الرسمي، بعد جريمة قتل منسق “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان، سيتحرك على خط اللجوء، وهذا كان أساس اللقاء الوزاري التشاوري أمس.

“الخماسية”

أفادت المعلومات أن السفير المصري علاء موسى سيستضيف في دار سكنه في دوحة الحص اجتماعاً لسفراء “الخماسية” اليوم الثلاثاء اعتباراً من الساعة ١٢ ظهراً.

وأشارت المعلومات إلى أن “الخماسية” ستزور بنشعي غداً الأربعاء للإجتماع إلى رئيس تيار “المردة” المرشح الرئاسي سليمان فرنجية، وتزور في اليوم نفسه رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل.

وكذلك يلتقي وفد “الخماسية” نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” من دون مشاركة السفيرة الأميركية والسفير السعودي، وتلتقي خلال الأيام المقبلة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بغياب السفيرة الأميركية.

اللجوء السوري

وفي مستهل اللقاء التشاوري في السراي الحكومي، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “مرّت على البلد هذا الأسبوع حوادث أمنية، كادت أن تتسع تشظياتها لولا جهود الجيش والقوى الأمنية وجدية التحقيقات، وحكمة القيادات والمرجعيات والدعوات الى التعقل والتروي والاحتكام معاً إلى الضمير، وهو المدخل الوحيد لتجاوز الأزمات”.

وأضاف: “مع تكاثر الجرائم التي يقوم بها بعض النازحين السوريين، لا بد من معالجة هذا الوضع بحزم من الأجهزة الأمنية، واتخاذ إجراءات عاجلة لمنع حدوث أي عمل جرمي والحؤول دون أي تصرفات مرفوضة أساساً مع الاخوة السوريين الموجودين نظامياً والنازحين قسراً. نطلب من معالي وزير الداخلية التشدد في تطبيق القوانين اللبنانية على جميع النازحين والتشدد مع الحالات التي تخالف هذه القوانين”.

وأكد أن “ما يحصل يجب ألا ينسينا ما يحصل في الجنوب من عدوان اسرائيلي وسقوط شهداء وجرحى ودمار وخراب وحرق أراض. وعلى الرغم من أننا أكدنا مراراً وتكراراً أننا لسنا دعاة حرب، الا أن الاعتداءات الاسرائيلية لا يمكن السكوت عنها، ولا نقبل أن تستباح أجواؤنا. هذه الاعتداءات نضعها برسم المجتمع الدولي ونقدم دائماً شكاوى الى مجلس الأمن بهذا الصدد. اسرائيل تجر المنطقة الى الحرب، وعلى المجتمع الدولي التنبه الى هذا الأمر ووضع حد لهذه الحرب. من خلال الاتصالات التي نقوم بها، يتبين لنا كم أن للبنان أصدقاء في العالم يدافعون عنه ويبذلون كل جهد للضغط على اسرائيل لوقف عدوانها ومنع توسع حدة المواجهات”.

الرد الاسرائيلي

وكان رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي تعهد “الرد” على هجوم إيران غير المسبوق، وقال في كلمة أمام جنوده في قاعدة نيفاتيم في جنوب البلاد التي أصيبت خلال الهجوم: “سنرد على إطلاق هذا العدد الكبير جداً من الصواريخ وصواريخ كروز والمسيرات على أراضي دولة اسرائيل”.

مجلس الحرب قرر الرد

ونقلت وسائل الاعلام أن مجلس الحرب الاسرائيلي قرر الردَّ على إيران “من دون التسبب في حرب شاملة”، بعدما ناقشت حكومة بنيامين نتنياهو “مجموعة واسعة من الخيارات”، وضعها قادة الجيش الاسرائيلي لتوجيه ضربة انتقامية للهجوم الصاروخي الايراني، السبت الماضي.

وحسم مجلس الحرب أمره تجاه الرد، بعدما علق ليومين في مأزق تحديد الأولويات. وقال مسؤولون إسرائيليون إن بلادهم سترد ولكن لم تعرف تفاصيل حجم الرد أو توقيته.

وأفادت “القناة 12” الاسرائيلية بأن مجلس وزراء الحرب ناقش مجموعة من الخيارات في اجتماعه الاثنين، بهدف إيذاء إيران بعد هجومها بطائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل، لكن من دون التسبب في حرب شاملة. وفي تقرير لم تذكر مصدره، أشارت القناة الى أن نية إسرائيل هي الشروع في عمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة، التي قالت إنها لن تشترك مع إسرائيل في أي هجوم مباشر على إيران.

خيارات للرد

وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي، بيتر ليرنر للصحافيين إن مسؤولين عسكريين قدموا للحكومة مجموعةً من خيارات الرد على الهجوم الايراني.

وأوضح ليرنر أن رد إسرائيل ربما ينطوي على ضربة عسكرية وربما لا، مشيراً إلى أن “هناك الكثير من السيناريوهات المختلفة بين هذين الخيارين”، حسبما نقلت شبكة “إي بي سي نيوز” الأميركية. ولا تزال إسرائيل في حالة تأهب قصوى، لكن السلطات ألغت بعض إجراءات الطوارئ، ومنها حظر بعض الأنشطة المدرسية والقيود على التجمعات الكبيرة.

وكان المجلس عقد اجتماعاً الأحد امتد لساعات طويلة، وشهد خلافات بين المسؤولين بخصوص طبيعة الرد على الاستهداف الإيراني وتوقيته، وتقرر عقد جلسة أخرى يوم الاثنين. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن جلسة ثالثة قد تعقد اليوم الثلاثاء من أجل استكمال المشاورات.

الرد متعلق بالردع

وشدد مسؤولون إسرائيليون على وجوب أن يكون هناك رد لأن ذلك متعلق بالردع، ولأن الهجوم الإيراني كان خطيراً جداً، قياساً بحجم الأسلحة التي أطلقت باتجاه إسرائيل، وحقيقة أن الهجوم نُفذ من إيران مباشرة من دون أن تختبئ خلف أذرعها، لكن يجب أيضاً ألا يكون رداً يغامر بإمكان بناء تحالف استراتيجي ضد إيران.

وقال مصدران إسرائيليان لشبكة “سي إن إن” إن مجلس الحرب يدرس خيارات عسكرية للرد على الهجوم الإيراني، منها استهداف منشأة إيرانية مع تجنب وقوع إصابات. وبجانب الرد العسكري المحتمل، يدرس المجلس أيضاً خيارات ديبلوماسية لزيادة عزلة إيران على الساحة العالمية، حسب “سي إن إن”.

وأفاد المصدران اللذان لم تسمهما الشبكة الإخبارية بأن إسرائيل كانت بصدد اتخاذ أولى خطواتها نحو شن هجوم بري على رفح بجنوب قطاع غزة هذا الأسبوع، لكنها أرجأت تلك الخطط في الوقت الذي تدرس فيه الرد على الهجوم الايراني.

وأشار وزيران إسرائيليان بارزان الأحد إلى أن الرد ليس وشيكاً، وأن إسرائيل لن تتحرك بمفردها. وقال بيني غانتس، الوزير المنتمي الى تيار الوسط: “سنبني تحالفاً إقليمياً وستدفع إيران الثمن بالطريقة الملائمة، وفي التوقيت المناسب لنا”. واعتبر وزير الدفاع يوآف غالانت أن إسرائيل لديها فرصةٌ لتشكيل تحالف استراتيجي “ضد هذا التهديد الخطير الذي تشكله إيران”.

ورأت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن هناك معضلة. فمن ناحية، إذا لم ترد إسرائيل، فإن ذلك قد ينقل ضعفاً، وبالتأكيد في الشرق الأوسط، الأمر الذي قد يجلب المزيد من الهجمات في المستقبل. ومن ناحية أخرى، إذا ردت إسرائيل فإنها تخاطر بحرب إقليمية، وقد تجد نفسها في حرب متعددة الساحات”.

وأوضحت الصحيفة أن خطة الجيش تضمنت تعزيز الجهود الاستخباراتية، واستهداف علماء ومصانع الطائرات بدون طيار وتنفيذ هجمات إلكترونية، لتعطيل الموانئ والبنية التحتية المدنية، وإلحاق الضرر بالاقتصاد الإيراني وحتى شن ضربات داخل إيران.

الرد يأخذ بالحسبان التحالف الاقليمي

وتحرص الخطة على عدم خسارة التحالف الدولي الذي تشكل بصورة غير رسمية، ويريد الجيش تسخيره “لوضع حد لإيران”.

وقال مسؤولون في الجيش الاسرائيلي إن الرد ضروري للحفاظ على الردع، وإن الجولة مع إيران لم تنتهِ لكن نحن بحاجة إلى النظر في حجم العملية ونطاقها.

والتأني في الرد يأخذ في الحسبان أن التحالف تشكل أساساً تحت رغبة تجنب تصعيد إقليمي واسع النطاق.

وبعد أن شاركت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن في إحباط الهجوم الإيراني، تقود اليوم جهداً ديبلوماسياً لضمان عدم توسع الحرب بين إسرائيل و”حماس” إلى ساحات أخرى.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن كبح هجوماً إسرائيلياً مقرراً على إيران فوراً بعد هجومها على إسرائيل، ليلة السبت، وأبلغ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن عليه أن يكتفي بالنصر الذي تحقق في فشل الهجوم الإيراني، مؤكداً أن الولايات المتحدة كذلك لن تكون جزءاً من هجوم محتمل على إيران.

وطالب مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون باحترام رغبة بايدن وعدم تحديه. ووصف رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت ليلة الهجوم الإيراني بأنها “كانت ليلة الانتصار الكبير للرئيس بايدن الذي أحدث الفرق الكبير عبر التزامه بأمن إسرائيل”.

وأضاف أولمرت: “على إسرائيل ألا تنجر إلى حرب تصريحات ثرثارة من النوع المعروف عندنا. فمن دون بايدن كان سيبدو كل شيء مختلفاً. ويجدر تذكر هذا قبل أن يبدأ مناصرو رئيس الحكومة وعصابة الزعران المحيطة به بإطلاق تصريحات وتهديدات وتحذيرات ومطالب”.

روسيا تدعو للتهدئة

إلى ذلك، ذكرت وكالة “إنتر فاكس” الروسية امس، أن أمين مجلس الأمن القومي الروسي، نيكولاي باتروشيف، ناقش التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط مع رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي تساحي هنجبي. ونقلت الوكالة عن مجلس الأمن الروسي قوله إن باتروشيف أشار إلى ضرورة التزام جميع الأطراف بضبط النفس لمنع تصعيد الصراع. وقال الكرملين في وقت سابق، إنه يشعر بقلق بالغ بشأن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط عقب الهجوم الذي شنته إيران على إسرائيل.

شارك المقال