رسائل “الحزب” بالمسيرات الانتحارية… حرب بيانات تزامناً مع تحرك “الخماسية”

لبنان الكبير / مانشيت

يصعّد “حزب الله” من نوعية عملياته مركزاً على استخدام المسيرات الانتحارية في هجماته، وسط تأكيد اسرائيل الرد على الهجوم الايراني فجر الأحد الماضي، بالتزامن مع تصريحات قياداتها التي تشدد على قدرة المنظومة الدفاعية الجوية. وقد نفذ الحزب أمس عملية نوعية بمسيرات انقضاضية استهدفت مبنى يستعمله الجيش الاسرائيلي في مستعمرة عرب العرامشة، واللافت كان عدم انطلاق صافرات الانذار للتنبيه من المسيرات، وبهذا يحاول الحزب ضرب الثقة بمنظومات الدفاع الجوي لدى اسرائيل، والتاكيد أن أي هجوم على إيران سيقابله تصعيد موجع من الحزب، من دون أي اعتبار لتبعات الأمر على لبنان.

وفيما لبنان في وسط عاصفة الصراع بين “محور الممانعة” واسرائيل، تتشدد القوى السياسية في مواقفها، تاركة البلد يتخبط بالأزمات الناتجة عن الفراغ، بينما يجهد الأصدقاء الاقليميون في محاولة إيجاد الحلول، بحيث استكمل سفراء اللجنة الخماسية الدولية تحركهم الجديد أمس، فتنقلوا بين بنشعي وبكفيا، وخلال جولتهم كانت القوى السياسية تقصف بعضها بالبيانات، لا سيما بين عين التينة ومعراب، الذي يشتعل الخلاف بينهما حول الانتخابات البلدية.

تصعيد في الميدان

تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي على ضفتي الحدود بصورة نوعية، بحيث أدى “رد” الحزب على الاغتيالات الاسرائيلية لقيادييه، إلى إصابة 18 إسرائيلياً بجروح جراء استهداف مركز مستحدث للجيش بطائرة مسيرة انقضاضية، لتردّ إسرائيل بمروحة واسعة من القصف استهدفت بلدات جنوبية عدة. وأعلن الحزب قصف مقر قيادة عسكري في منطقة عرب العرامشة المتاخمة للحدود اللبنانية، والمواجِهَة لبلدتي يارين والضهيرة في القطاع الغربي.

وأشار الحزب في بيان الى أن مقاتليه شنّوا “هجوماً مركباً بالصواريخ الموجهة والمسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة” إسرائيلي مستحدث في قرية عرب العرامشة، وذلك “رداً على اغتيال العدو عدداً من المقاومين في عين بعال والشهابية”.

وأحصى مسعفون إسرائيليون إصابة 18 شخصاً بجروح في المنطقة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 14 مصاباً إسرائيلياً، بينهم جنود وصلوا إلى مستشفى نهاريا، بينهم 4 في حالة خطيرة، وأعلن المستشفى العمل ضمن نظام “حدث متعدد الاصابات” مستوى “أ”.

وفي إفادة لاحقة، أشارت قناة “كان” العبرية إلى ارتفاع عدد الاصابات جراء العملية التي نفذها “حزب الله” في عرب العرامشة إلى 18. وأوضح “مركز الجليل الطبي” في نهاريا أن حالة المصابين تراوحت بين إصابة حرجة، واثنتين في حالة خطيرة، وأربع في حالة متوسطة، وباقي الاصابات طفيفة.

المسيّرة ايرانية

وتحدثت وسائل إعلام اسرائيلية عن أن الطائرة التي انفجرت في عرب العرامشة هي “مسيّرة إيرانية الصنع من نوع (أبابيل – ت)”. وأعلن الجيش الاسرائيلي أنه هاجم المصادر التي نُفذت منها عمليات الاطلاق باتجاه عرب العرامشة، مشيراً الى أن “طائرات حربية أغارت على مبنى عسكري تواجد فيه مخرّبون تابعون لمنظمة حزب الله الارهابية في منطقة عيتا الشعب بجنوب لبنان”. كما قال إنه “رصد خلال الساعة الأخيرة عمليات إطلاق عدة عبرت من الأراضي اللبنانية باتجاه منطقة عرب العرامشة، فهاجم جيش الدفاع مصادر النيران”.

غارات على بعلبك

ولاحقاً، تعرضت أطراف مدينة بعلبك لقصف اسرائيلي، واستهدفت غارة سهل ايعات لأول مرة. وقالت إذاعة الجيش الاسرائيلي ان سلاح الجو يقصف منطقة البقاع في العمق اللبناني رداً على قصف عرب العرامشة.

“الخماسية”

استكمل سفراء “الخماسية” جولتهم على الفرقاء اللبنانيين بلقاء رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ورئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميل، وتكتل “الاعتدال الوطني”، وكان التأكيد أن اللجنة لا تتحدث في أسماء المرشحين، ولا توجه مع أو ضد أحد، والتشديد على استمرار العمل لإيجاد حل للملف الرئاسي، بحسب ما قال السفير المصري علاء موسى.

وشارك في لقاءات الأمسالى سفير مصر، سفير دولة قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، وسفير الجمهورية الفرنسية هيرفيه ماغرو، وسفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون، فيما اعتذر السفير السعودي وليد بخاري عن الحضور بفعل وعكة صحية طارئة.

وقال السفير المصري المتحدث باسم اللجنة بعد اللقاء مع رئيس تيار “المردة”: “إن اللقاء شكل فرصة جيدة للحوار، والنقاش، والتداول، والاضاءة على مواضيع مهمة، وأمور كثيرة تتعلق بحالة الانسداد السياسي، لا سيما حيال انتخاب رئيس للجمهورية، والتداول في مواضيع مهمة يمكن من خلالها إحداث انفراجة قريبة في هذا الملف الشائك، والمعقد”.

وعما سمعه السفراء من فرنجية، أشار موسى الى “أننا سمعنا منه أفكاراً إيجابية كثيرة تحدث فيها بشكل صريح، وكان حريصاً على ألا يخلط بين الأمور، بل كان يتحدث عن هدفه الأساسي، وهو وحدة هذه الدولة، وانتماؤه اليها، وهو على استعداد تام للتفاعل مع أية طروح تتناسب مع تطلعاته، ووحدة هذا البلد واستقراره، وسمعنا منه أنه لا يزال مرشحاً”.

وبعد اللقاء مع فرنجية، التقى سفراء “الخماسية” رئيس “الكتائب” وتكتل “الاعتدال”.

ووصف موسى اللقاء مع الجميل بـ”البناء والايجابي”، مقدراً موقفه. وقال رداً على سؤال عما إذا تم التطرق إلى مرشح ثالث: “لم يتم التداول في أسماء مرشحين، فالخماسية تتناول مسألة وضع خريطة طريق تجيب عن غالبية الهواجس، والنقاط غير الواضحة”.

أما الجميل فقال: “لن نقبل بأن يُفرض على لبنان من حزب الله رئيس جديد مرة أخرى، ولن نقبل بناطق رسمي باسم حزب الله”.

“القوات” وبري

وبعد رد رئيس مجلس النواب نبيه بري على كلام رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بشأن الانتخابات البلدية، صدر عن الدائرة الإعلامية في “القوات” بيان جاء فيه: “دولة الرئيس نبيه بري، في ردّك على الدكتور سمير جعجع قُلتَ لن تحصل انتخابات بلدية من دون الجنوب وبده يستوعب جعجع مش مستعد أفصل الجنوب عن لبنان. من يريد أن يفصل الجنوب عن لبنان، يا دولة الرئيس؟ ‎أين قرأت ذلك؟ للتذكير، في ربيع العام 1998 جرت الانتخابات البلدية في لبنان لأول مرّة بعد الحرب وقد تمّ استثناء محافظة الجنوب بسبب الاحتلال الاسرائيلي، بحيث عادت وتمّت في البلدات الجنوبية في 9 أيلول 2001، فهل كان القرار آنذاك بفصل الجنوب عن لبنان؟”.

‎أضاف البيان: “مَن كان في السلطة حينها؟ كان رئيس القوات في المعتقل، بالتالي هذا الكلام ليس سوى ذرّ للرماد في العيون. للأسف يا دولة الرئيس، إن إسرائيل وفي عزّ الحرب المستمرة حتى اليوم، أجرت انتخاباتها البلدية في 27 شباط المنصرم، واستثنت المناطق الواقعة على الحدود مع لبنان ومع غزة، هذا هو منطق الدول وليس التعطيل المتواصل والشامل. وبعد، إنّ قولك يا دولة الرئيس، الخطورة في كلام جعجع هو عن الفديرالية في غير مكانه، فلبنان حتى إشعار آخر يصون حرّية التعبير عن الرأي، أمّا الحديث عن الفديرالية أو تطوير النظام فيُطرح ويُناقش بين جميع اللبنانيين، وهذا ما أكّد عليه الدكتور جعجع مراراً وتكراراً”.

لم يستغرق الرد على الرد طويلاً، وصدر في بيان عن المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل قال فيه: “من الجيد أن نقل كلام عن الرئيس بري في إحدى الوسائل الاعلامية لكي تكتشف النوايا الحقيقة لرئيس حزب القوات في تأكيد محاولة فصل الجنوب عن لبنان واعتبار أن مرحلة الاحتلال الاسرائيلي في عام ١٩٩٨ ما زالت قائمة، متناسياً أن الجنوب قد تم تحريره بدماء الآلاف من الشهداء في سبيل كل لبنان”.

أضاف: “لعل الأخطر هو تأكيده أن مشروع الفدرلة قائم في عقله وخطابه، وهو يطرحه للتسويق بين اللبنانيين إن من خلال إطلالته الأخيرة أو من خلال حديث رئيس دائرته الإعلامية عن حل الدولتين في لبنان… والجواب عنه هو في عهدة كل الحرصاء على الدولة والوحدة والطائف”.

شارك المقال