مفاوضات متعثرة في القاهرة… وتصعيد جنوب لبنان

لبنان الكبير / مانشيت

بينما كانت دول المنطقة وفي غزة تحديداً تراهن على جولة المباحثات التي تجري في القاهرة علّها تكون المعجزة التي تنهي جولات العنف والتدمير المستمرة منذ 7 تشرين الأول وتوقف حمام الدم والقصف المتواصل على القطاع، انتهت هذه الجولة وتضاءلت معها احتمالات التوصل إلى اتفاق وقف النار مع العلم أن “حماس” سلمت ردها الى الوسطاء في مصر وقطر وأجرت معهم نقاشات وحوارات معمقة وجادة، معلنةً أن وفدها غادر أمس القاهرة لاستكمال المشاورات مع الحركة.

ومن الطبيعي مع تعثّر المفاوضات أن يشهد الجنوب اللبناني تصعيداً إرتفعت وتيرته بصورة كبيرة أمس، فشن الطيران الاسرائيلي غارات مكثفة على قرى الجنوب وبلداته استهدفت إحداها ميس الجبل ما أسفر عن مقتل عائلة بأكملها. في حين أمطر “حزب الله” المستوطنات الشمالية بوابل من الصواريخ أصابت إحداها محطة تحويل كهربائي في كريات شمونة أدت إلى انقطاع التيار عن المستوطنة بأكملها.

وهذا التصعيد الميداني من إسرائيل يدحض التسريبات التي حرصت على ترويجها حول قرب التوصل إلى اتفاق لوقف النار مع “حزب الله”.

الورقة الفرنسية

ومن المتوقع أن تدخل المفاوضات بين فرنسا ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لتهدئة الوضع في الجنوب، مرحلة جديدة مع تسليمه اليوم السفارة الفرنسية في بيروت الملاحظات التي أعدها الثنائي الشيعي بالتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على الورقة الفرنسية بنسختها الثانية.

وفيما ترتكز الورقة على تطبيق القرار الدولي 1701، كونه الممر الإلزامي لاعادة الاستقرار، بوضع حد لتصاعد المواجهة العسكرية بين “حزب الله” وإسرائيل، لا يزال الحزب يشترط التوصل إلى وقف لاطلاق النار على الجبهة الغزاوية، لأن من دونه لا يمكن الركون الى الجهود الرامية إلى منع جنوح إسرائيل نحو توسعة الحرب جنوباً.

نتنياهو: لن نقبل

اذاً، توقفت مفاوضات وقف اطلاق النار وتبادل الأسرى على مفترق طرق، وربما سيكون الطريق في نهاية المطاف مسدوداً، وتحديداً بعد كلام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أكد مجدداً أن هدف إسرائيل المعلن منذ بداية الحرب، هو نزع سلاح حركة “حماس” وتفكيكها إلى الأبد حتى لا يتعرض أمن إسرائيل للخطر مستقبلاً.

وقال نتنياهو: “إن إسرائيل مستعدة لوقف القتال في غزة مؤقتاً من أجل ضمان إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس، والذين يُعتقد بأن عددهم يتجاوز 130″، مضيفاً: “لكن في حين أبدت إسرائيل استعداداً، لا تزال حماس مصرة على مواقفها المتشددة وعلى رأسها المطالبة بسحب جميع قواتنا من قطاع غزة وإنهاء الحرب وبقاؤها في السلطة… لا يمكن أن تقبل إسرائيل ذلك”.

 ردّ هنية

وسرعان ما جاء الرد على كلام نتنياهو من رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية الذي أشار الى أن “حماس لا تزال حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط المراحل ينهي العدوان ويضمن الانسحاب ويحقق صفقة تبادل جدية للأسرى”. وحمّل نتنياهو مسؤولية “اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة”.

وفي السياق نفسه، أكدت “حماس” تعاملها بكل ايجابية ومسؤولية، وحرصها وتصميمها على الوصول الى اتفاق يلبي مطالب الشعب الفلسطيني الوطنية وينهي العدوان بصورة كاملة ويحقق الانسحاب من كامل قطاع غزة وعودة النازحين وتكثيف الاغاثة وبدء الاعمار وإنجاز صفقة تبادل الأسرى.

تفاؤل أميركي

صحيح أن الأجواء توحي بالتشاؤم، ولكن كان لافتاً المعطيات والأجواء الايجابية التي حاولت أن تنقلها وسائل اعلامية اسرائيلية بأن التفاؤل باتت نسبته أكبر من أي فترة سابقة، وأشارت هيئة البث الاسرائيلية إلى جهود أميركية يقودها رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز بهدف التوصل الى اتفاق نهائي في القاهرة، لكنها حددت بعض العقبات التي وضعها نتنياهو عندما رفض طلباً لبيرنز بإرسال الوفد الاسرائيلي إلى القاهرة وأصر على الحصول على إجابة نهائية من “حماس” أولاً.

جنوب مشتعل يقتل عائلة بأكملها

وطالما أن هذه المفاوضات ليست بخير، فمن البديهي أن يشهد الداخل اللبناني تصعيداً من نوع آخر على الحدود الجنوبية، بحيث إرتفعت وتيرته بصورة كبيرة، ما أسفر عن مقتل عائلة بأكملها في بلدة ميس الجبل الجنوبية نتيجة غارة جوية اسرائيلية تعرضت لها صباح أمس.

ورداً على ذلك، أعلن “حزب الله” عن اطلاقه عشرات صواريخ الكاتيوشا على مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل قرب الحدود اللبنانية. كما استهدف بعد الظهر مبنى في مستعمرة شتولا بالأسلحة المناسبة وموقع السماقة بالأسلحة الصاروخية وأصابهما إصابة مباشرة.

ميقاتي يطلب من بري جلسة عامة

اما داخلياً، ومع استمرار الحملات الممنهجة على الحكومة وتحديداً بعد قضية المليار يورو من أوروبا الى لبنان، فقد أجرى الرئيس ميقاتي اتصالاً بالرئيس بري، وتمنى عليه الدعوة الى جلسة نيابية عامة لمناقشة موضوع النازحين، وذلك من أجل وقف ما وصفه بـ “الاستغلال السياسي الرخيص الحاصل في البلد في هذا الملف على حساب المصلحة العامة”.

 الراعي لعدم الرضوخ

وكان لافتاً موقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، في عظة الأحد، التي طالب فيها بعدم الرضوخ للضغوط الأوروبية والدولية وأساليبها المغرية، بهدف تجنّب عودة السوريين الى بلادهم وإبقائهم في لبنان. وقال: “المجتمع الأوروبي والدولي يستعملكم لأغراض سياسية ليست لخيركم. لا تستبدلوا وطنكم بمغريات بقائكم في لبنان، ولا تبادلوا الاستضافة اللبنانية بالاعتداء على اللبنانيين والقوانين”.

عودة

اما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، فاعتبر في عظة عيد الفصح للطوائف التي تعتمد التقويم الشرقي أن “بلدنا بحاجةٍ إلى من يحبّه محبّةً صادقةً بعيدةً عن الحقد والشرّ والطمع والفساد. هو بحاجةٍ إلى مسؤولين يعملون من أجله لا من أجل مصالحهم، وإلى نوّابٍ يقومون بواجباتهم بعيداً عن المصالح والغايات، وأولى هذه الواجبات الاجتماع خلال المهلة التي يحدّدها الدستور من أجل انتخاب رئيسٍ للجمهورية يقود البلد بأمانةٍ وحكمة”.

شارك المقال