7 أيار و”قتل السياسة”… هدنة “حماس” تباغت إسرائيل في رفح

لبنان الكبير / مانشيت
جانب من احداث 7 أيار في عام 2008

كان أولاً 14 شباط 2005.

بعده كان 7 أيار 2008.

على كثرة أيام الشؤم والعار في ذاكرة هذا الوطن الحزين، الا أن هذين اليومين يتصدران سيرة الكارثة التي ضربتنا، وأوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم: في جحيم لا نعرف قعره.

اليوم الأول (14 شباط 2005) كان محطة مفصلية بإغتيال ربيع لبنان وحلم دولة المؤسسات، دولة الطائف المبنية على توافق وطني بعد طول إقتتال بين جماعات الوطن.

اليوم الثاني (7 أيار 2008) كان محطة حاسمة بإعلان دويلة السلاح إنتصارها التام على دولة الشرعية، ولتتعرض بيروت لإجتياح من جحافل الفتنة.

كان يوماً قتل فيه السلاح غير الشرعي، المنخرط في مشروع إقليمي مناهض للجماعة والعرب، الوفاق اللبناني لا بل على السياسة كلها.

منذ 7 أيار صار السلاح هو الحاكم. وصار للدويلة قانون رديف بدستور رديف يفرض بالقوة على ما بقي من دولة. لا بل ان رئيس الدويلة سكن قصر بعبدا.

وها نحن اليوم نشهد في كل تفاصيل هذا الوطن كيف يسيّر السلاح السياسة كيفما يشاء والى حيثما يشاء… الى الحرب رغماً عن مشيئة القسم الأكبر من الشعب المسكين الذي يرى مصيره معلقاً بحسابات الربح والخسارة للمرجع الايراني لمحور الممانعة.

أن يسود السلاح يعني أن البلد محروم من السياسة الطبيعية، من الاعتدال الذي كان دائماً هو خط الوسط الذي يلتقي على جانبيه اللبنانيون، ولو اختلفت مشاربهم وأهدافهم… من سعد الحريري الذي أظهر غيابه عن الساحة معلقاً عمله السياسي، كم هو حاضر في توق اللبنانيين للعودة الى مشروع والده: دولة الطائف، والخلاص من دويلة السلاح.

وعشية ذكرى “الهولوكوست” يبدو أن اسرائيل مصرة على ابادتها للشعب الفلسطيني، متحدثة عن “خدعة” من حركة “حماس” التي وافقت على مقترح مصري – قطري لوقف إطلاق النار، معلنة عن المضي قدماً في عملية رفح لمواصلة الضغط على “حماس” بشأن الرهائن، والظاهر أنها لا تريد لجرائمها أن تفضح، فأخذت القرار بإغلاق مكاتب قناة “الجزيرة” وحجب بثها في الأراضي المحتلة، في خطوة تقصدت القيام بها في يوم حرية الصحافة العالمي، وفق ما أعلن وزير الاقتصاد الاسرائيلي، بينما كانت صباح أمس تدعو اللاجئين في شرق رفح إلى إخلاء المنطقة، بما يبدو أنه إعداد للحرب، تزامناً مع قصف عنيف تعرضت له آخر مناطق القطاع المحاصر، على الرغم من تحذيرات دولية وعربية، لا سيما من المملكة العربية السعودية.

أما لبنان الذي تنهشه الأزمات المستمرة، مع ارتفاع نسب الجرائم، والكشف عن شبكات اغتصاب واتجار بالبشر، فيعيش شعبه بين مطرقة الحرب في الجنوب واستمرار ربطها بغزة، بأمر من “حزب الله”، وسندان أزمة اللجوء السوري، فما لا تزال الخطوات الأوروبية الأخيرة تثير ردود فعل اعتبرها البعض انتقادات في غير محلها، بحيث تنتشر البيانات المؤيدة والمعارضة في الأيام الأخيرة، بينما تجهد الحكومة لمعالجة الأزمة، ويدرس رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب رئيسها نجيب ميقاتي عقد جلسة تشريعية حول الملف.

الميدان

ميدانياً، أصيب 3 أشخاص في غارة إسرائيلية على منطقة السفري في بعلبك فجراً. وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي، إن قوات الجيش أغارت على مجمع عسكري لـ”حزب الله” بمنطقة السفري في عمق لبنان. كما أغارت على مبان عسكرية للحزب في رامية وعيتا الشعب ومروحين، إلى جانب موقع تابع له في جبل بلاط، جنوب لبنان. وقصف الجيش بالمدفعية منطقة شبعا؛ لإزالة تهديد محتمل، وفق المتحدث.

وكان بارزاً أمس استهداف نبع الطاسة قرب منطقة جزين، الذي يغذي العديد من القرى الجنوبية بالمياه، وسارعت مصلحة مياه لبنان الجنوبي الى التحذير من عدم استخدام المياه، خوفاً من أن يكون القصف تسبب في تلويث المياه.

في المقابل، أعلن “حزب الله” عن شنه هجوماً جوياً بمسيرات انقضاضية استهدف تموضعاً لجنود العدو الاسرائيلي جنوبي ‏المطلة وأصابت نقاط استقرارهم وتمّ تدمير آلياتهم وإعطابها وأوقعتهم بين قتيل وجريح.‏ وكذلك أعلن استهداف مقر قيادة فرقة الجولان (210) في ‏قاعدة نفح بعشرات صواريخ الكاتيوشا.‏

رعد: نصر تاريخي ومفصلي

في السياق، اعتبر رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، أن “المعركة بيننا وبين أعدائنا اليوم ليست معركة سلاح، فحسب وموازين قوى، المعركة هي معركة خُلق وموازين انسانية نقدمها للأجيال المقبلة. نحن نقدم نموذج التفاني من أجل حفظ الوطن وحفظ الانسان ونقدم المجاهدين الذين يتمتعون بأرقى المواصفات الأخلاقية والانسانية الذين لا يستهدفون مدنياً ولا يجهزون على جريح ولا يلاقون الا العدو الذي يستهدف كل الوجود الانساني. بينما العدو الذي نواجهه يقدم أبشع صورة للانسان المتوحش”.

وأضاف رعد: “هذا العدو ينهي الحرب أو لا ينهيها سيان بالنسبة الى المقاومين. هذا العدو لم يعد يستطيع أن يزيد شيئاً على ما فعله من توحش حتى ولو دخل الى رفح أو ارتكب المزيد من المجازر فليس بعد التوحش توحش، فهو منتهى الخيبة والفشل الانساني، وأما أن ينتصر فهذا أصبح بعيداً جداً عليه. الآن أصبح في مرحلة تخفيف الخذلان والانتكاسة واحتواء المفاعيل السلبية التي نجمت بفعل افتضاح صورته الحقيقية وعدوانه”.

وتابع: “طالما كانت المواجهة مع هذا العدو في هذه المرحلة مواجهة تاريخية ومفصلية، فتأكدوا أن نصركم على هذا العدو تاريخي ومفصلي أيضاً”.

مفاوضات وقف النار

أعلنت حركة “حماس” أنها وافقت على مقترح وقف إطلاق النار من مصر وقطر، وأشارت في بيان الى أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أجرى “اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمدبن عبد الرحمن آل ثاني، ومع وزير المخابرات المصرية السيد عباس كامل، وأبلغهم موافقة حركة حماس على مقترحهم بشأن اتفاق وقف إطلاق النار”.

إلا أن وكالة “رويترز” نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن المقترح الذي وافقت عليه “حماس” يشمل تنازلات كبيرة لا يمكن لإسرائيل القبول بها. وأوضح أن الهدنة التي أعلنت حركة “حماس” موافقتها عليها هي نسخة “مخففة” من اقتراح مصري يتضمن استنتاجات “بعيدة المدى” لا يمكن لإسرائيل قبولها.

وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: “هذه خدعة على ما يبدو تهدف إلى جعل إسرائيل تبدو وكأنها الجانب الذي يرفض الاتفاق”.

وعلى هذا الأساس استكملت اسرائيل حربها ببدء الهجوم على رفح، وتحدثت تقارير عن بدء اقتحام الدبابات الاسرائيلية آخر مناطق القطاع المحاصر، وسط قصف عنيف لتشكيل حزام ناري قبل الاجتياح. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن حكومة الحرب وافقت على مواصلة عملية في مدينة رفح من أجل زيادة الضغوط على حركة “حماس” لإطلاق سراح الرهائن وتحقيق الأهداف الأخرى للحرب.

وذكر مكتب نتنياهو في بيان أنه في الوقت نفسه، وعلى الرغم من عدم وفاء أحدث مقترح هدنة من “حماس” بمطالب إسرائيل، فإنها سترسل وفداً للاجتماع مع المفاوضين لمحاولة التوصل إلى اتفاق مقبول.

وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين إلى أن واشنطن تدرس رد حركة “حماس)” على مقترح وقف إطلاق النار وستبحثه مع حلفاء في الشرق الأوسط خلال الساعات المقبلة.

وقال ميلر: “أستطيع أن أؤكد أن حماس أصدرت رداً. نحن ندرس هذا الرد الآن وسنبحثه مع شركائنا في المنطقة”، مؤكداً أن مناقشات ستجري في غضون الساعات المقبلة، وأن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) وليام بيرنز موجود في المنطقة “للعمل على هذا الأمر”، وأيضاً على زيادة المساعدات الانسانية لغزة.

وجدد ميلر التأكيد أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تدعم عملية في رفح “كما تتصورها (إسرائيل) حالياً”، معتبراً أن “عملية رفح ستجعل من الصعب للغاية ضمان استدامة زيادة المساعدات الانسانية التي تمكنا من تقديمها خلال الأسابيع القليلة الماضية”.

وكانت إسرائيل دعت صباح أمس، سكان مناطق في شرق رفح إلى “الإخلاء الفوري”، والتوجه نحو وسط القطاع. ونقلت “هيئة البث الاسرائيلية” عن مسؤولين أمنيين قولهم إن “إسرائيل أبلغت مصر بتنفيذ عملية إجلاء للنازحين من مناطق بشرق رفح الفلسطينية”، مشيرة إلى أن “تل أبيب أكدت للقاهرة أن عملية الإجلاء ستكون محدودة، وتقتصر على مناطق شرق رفح”.

وأضافت: “إسرائيل ترى أن من المهم إبلاغ القاهرة بالنشاط في رفح، لا سيما أن مصر لها حدود مشتركة مع غزة، وتخشى تدفق أعداد كبيرة من سكان غزة إلى أراضيها”.

ملف اللجوء السوري

وسط الجدل القائم حول ملف اللجوء السوري، وموضوع المليار يورو، أعلنت وزيرة الخارجية الهولندية هانكي بروينز سلوت من بيروت، أن بلادها خصصت 140 مليون يورو لدعم لبنان في السنوات الأربع المقبلة. ولفتت بعد لقائها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب إلى أن هولندا “تدعم الجيش اللبناني الذي يعمل على تثبيت الاستقرار، كما ندعم إعادة بناء القطاع الخاص في لبنان الذي يسهم في تنمية البلد، وذلك بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وقد خصصت هولندا مبلغاً قدره 140 مليون يورو للسنوات الأربع المقبلة”.

جعجع

ومن أبرز المنتقدين لإدارة ملف اللجوء حزب “القوات اللبنانية”، الذي قال رئيسه سمير جعجع في بيان: “موقفنا من مسألة الوجود السوري غير الشرعي في لبنان موقف ثابت ومبدئي وسيادي ولا يتبدّل مع مليار يورو أو عشرات المليارات، ولا يتغيّر مع طلب أو تمنٍّ دولي، فكل ما هو غير شرعي لا يمكن استمراره على الأرض اللبنانية، وهذا الأمر غير قابل للبحث، والقابل للنقاش فحسب هو المساعدة في ترحيلهم لا المساعدة في بقائهم بلبنان”.

وأضاف جعجع: “بعدما وجدنا ولمسنا أن من حكم وتحكّم لسنوات، تقاعس عن تحمُّل مسؤولياته ولم يُقدم على أي خطوة عملية خارج المزايدات السياسية، بدأنا مجموعة تحركات على الأرض مع البلديات والادارات والوزارات المعنية”. وأكد “نحن مستمرون في كل ما نقوم به حتى إخراج آخر مهاجر غير شرعي من لبنان، وما بدأناه لن يتوقّف لا مع تمنيات دولية ولا مع مليارات أممية، لأن لا أولوية تعلو على أولوية الهوية اللبنانية والسيادة اللبنانية والأمن اللبناني”.

الحشيمي

في المقابل، استغرب النائب بلال الحشيمي في بيان، “انتقاد البعض مساعي الحكومة وعلى رأسها الرئيس نجيب ميقاتي الحثيثة لحلحلة أزمة النزوح السوري في لبنان والهجوم الممنهج والمستمر لعمل حكومة تصريف الأعمال التي بذلت قصارى جهدها في مقاربة الملفات العالقة والأمور الشائكة وساهمت في تيسير أمور المواطنين وتسيير البلد وفق الصلاحيات المنوطة بها والقوانين الدستورية رغم مقاطعة المغرضين والمنتقدين والمعترضين للجلسات الحكومية في وقت لا يزال الفراغ الرئاسي مستمراً”.

ودعا “منتقدي الرئيس ميقاتي إلى مراجعة أنفسهم والالتفات إلى حجم الجريمة التي يرتكبونها بحق لبنان من خلال تعنتهم وخلافاتهم ورفضهم التوافق على رئيس للجمهورية”، مؤكداً “ضرورة الخروج من مأزق الشغور الرئاسي في أقرب وقت ممكن عبر انتخاب رئيس قادر على انتشال لبنان من أزماته وتطبيق مهامه وصلاحياته”.

شارك المقال