أميركا ترمي بثقلها للهدنة… والجنوب يتمايل مع رفح

لبنان الكبير / مانشيت

يعيش رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أزمة حقيقية، فمن جهة يريد إرضاء أميركا والمجتمع الدولي، الذي اهتزت أمامه صورة اسرائيل الملطخة بدماء الابادة، ومن جهة أخرى يريد إرضاء اليمين المتطرف في كيانه، ولا يريد الظهور كأنه تراجع عن مواقفه السابقة بضرورة دخول رفح، ولذلك يتجه الى القيام بعملية عسكرية محدودة لأيام فيها، ويحظى بتغطية أميركية مشروطة، ومن بعدها يذهب إلى التسوية، وهكذا يكون أرضى جميع الأطراف. إلا أن لا نتيناهو ولا حليفته الولايات المتحدة يمكنهما السيطرة على المجريات على الأرض، التي قد تتفلت في حال شعرت اسرائيل بخسارة، فتتجه إلى القتل والدمار أكثر في غزة، ما يضع المنطقة على حافة حرب لا أحد يمكنه معرفة كيف تنتهي.

أما في لبنان فالجبهة ستبقى على حالها، هدوء نسبي عند تقدم المفاوضات، وتصعيد “نوعي” عندما تتراجع وتتعثّر، من دون أن يكون للبنانيين كلمة في تقرير مصير بلدهم الذي يبقى أسير وحدة الساحات الايرانية، التي لوح قائد حرسها الثوري بإغلاق شرق المتوسط وتوسيع الهجمات، في منطقة أصبحت ملعباً تتقاذف كرة السلام فيها ايران واسرائيل، غير آبهتين بتبعات ما تقدمان عليه.

وفيما ينشغل الرأي العام اللبناني بتطورات قضية عصابة “التيكتوكرز” المغتصبين، ينشغل السياسيون بملف “النزوح” السوري، وهبة المليار يورو الأوروبية، اذ لبى رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ودعا إلى جلسة مناقشة عامة الأربعاء المقبل، ووفق معلومات “لبنان الكبير” ستحضرها غالبية الكتل والنواب.

عملية رفح

اختار الجيش الإسرائيلي أن يبدأ عملية رفح باحتلال المعبر الواصل بين غزة وسيناء، وهو النافذة الوحيدة لأهل غزة إلى الخارج، ثم احتل شارع صلاح الدين، وأطبق على رفح من الشمال. وكانت أول صورة يعممها هذا الجيش؛ جرافاته تهدم لافتة كتب عليها “غزة”، ودوس العلم الفلسطيني وصياح هستيري للجنود “رفح بأيدينا” و”معبر رفح بأيدينا”.

وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي أن “حماس” كانت تحاول إحباط الهجوم الاسرائيلي على رفح من خلال الموافقة على مقترح جديد في مفاوضات وقف إطلاق النار.

وقال نتنياهو في رسالة مصورة عبر منصة “إكس” مساء: “إن ذلك لم يحدث”. وأشار إلى أن الضغط العسكري على “حماس” كان بالفعل شرطاً مسبقاً لاستعادة الرهائن الاسرائيليين خلال الاتفاق الأخير الذي تم إبرامه في تشرين الثاني الماضي، مذكراً بأن العرض الذي قدمته “حماس” مؤخراً بعيد كل البعد عن “متطلبات إسرائيل الضرورية”، التي تشمل ضمان أمن بلاده.

وأوضح نتنياهو أنه وجه فريق التفاوض الاسرائيلي في القاهرة بالالتزام بشروط إسرائيل. وأكد أن عملية رفح تهدف إلى تحرير الرهائن وتدمير “حماس”، واصفاً الاستيلاء على المعبر الحدودي بأنه “خطوة مهمة للغاية” على الطريق.

أميركا تأمل سد الفجوات لوقف النار

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة أن عمليتها في رفح ستكون محدودة وتهدف إلى منع تهريب الأسلحة والأموال إلى غزة.

وأشار كيربي الى أن المحادثات بشأن اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار استؤنفت في القاهرة، أمس، بحضور مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، معرباً عن أمل واشنطن في أن تتمكن إسرائيل و”حماس” من “سد الفجوات المتبقية” في المحادثات.

وقال كيربي: “يشير تقويم دقيق لمواقف الجانبين إلى أنهما قادران على سد الفجوات المتبقية، وسنبذل كل ما في وسعنا لدعم هذه العملية”.

إلى ذلك، قال مصدر مطلع ومصادر في مطار القاهرة الدولي لوسائل الاعلام ان بيرنز عاد إلى القاهرة أمس لإجراء محادثات بهدف التوصل إلى هدنة واتفاق للرهائن في قطاع غزة.

شركة أمنية تتولى معبر رفح

في السياق، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية أن العملية في رفح ستقتصر على المعبر، وأن اتفاقاً مصرياً إسرائيلياً أميركياً قضى بتولي “جسم مدني مسلح” مراقبة معبر رفح بعد انتهاء العملية العسكرية، وهي شركة أمنية أميركية متخصصة في حراسة مواقع استراتيجية في مناطق النزاع بإفريقيا وستقوم بفحص الشاحنات ومنع عودة “حماس” إلى المكان.

الميدان الجنوبي

تزامناً مع التطورات قي غزة، تشهد الجبهة الجنوبية في لبنان تصعيداً، بحيث أعلن الجيش الاسرائيلي مقتل جنديين في عملية وصفها “حزب الله” بأنها عملية “نوعية – مركبة”.

وكثّف “حزب الله” من عملياته خلال ساعات النهار، وأعلنت “المقاومة الإسلامية” في بيانات متفرقة عن تنفيذ المقاتلين “هجوماً جوياً بمسيّرات انقضاضيّة استهدفت ضبّاط العدو وجنوده أثناء وجودهم في باحة ‏ثكنة يفتاح، وفي الوقت نفسه استهدفت طائراتٌ أخرى إحدى منصّات القبّة الحديدية المتموضعة جنوب ثكنة راموت نفتالي، ‏وأصابتها إصابة مباشرة أدت إلى إعطابها”.‏

وبعد نحو ساعة ونصف الساعة من الهجوم الجوي بالمسيّرات على ثكنة راموت نفتالي، عاد “حزب الله” وأعلن عن استهداف “تجمّع جنود العدو داخل الثكنة، بصاروخ موجّه إضافة إلى ثكنة زبدين في مزارع شبعا”، و”التجهيزات التجسسية في موقع السماقة ‏في تلال كفرشوبا”، و”جنود ‏العدو بعد رصد ومتابعة في موقع الراهب، وفي أثناء تحركهم داخل إحدى الدشم بالأسلحة الصاروخية الموجهة”.

وفيما تم تداول تسريبات عن أن الحزب وحركة “أمل” أعلنا التعبئة العامة مواكبة للتصعيد في رفح، نفت مصادر الثنائي الشيعي لموقع “لبنان الكبير” هذا الأمر، لافتة الى أن الوضع على الجبهة الجنوبية على حاله، مساندة لغزة من دون الوصول إلى حرب شاملة. وقالت: “نحن في الساعات الأخيرة قبل وقف اطلاق النار”.

شارك المقال