بطرس حرب لـ”لبنان الكبير”: لا امكانية لتشكيل حكومة

لبنان الكبير

تحدث النائب السابق بطرس حرب لـ”لبنان الكبير” عن المسار الدستوري لما بعد الاعتذار، معتبراً أنه “على الصعيد السياسي، الأمور أكثر تعقيداً، لأن استقالة الرئيس سعد الحريري في الظروف التي حصلت فيها، ستحرج أي رئيس مكلف جديد، لأنها وضعته مسبقاً في ظروف سقف المطالب التي حددها الرئيس الحريري والتي رفضها رئيس الجمهورية ميشال عون. كما أن سقف المطالب أيضاً التي فرضها عون ورفضها الحريري مقيدة لتشكيل حكومة جديدة باعتبار أن أي رئيس وزراء من الطائفة السنية إذا أراد التنازل عن مطالب الحريري لتشكيل الحكومة أو بعض الصلاحيات، ستفسر في الشارع السني أنه تنازل عن صلاحيات تعود للمسلمين السنة. وفي المقابل، إذا تنازل الرئيس عون عن مطالبه وشروطه التي وضعها أمام الرئيس الحريري سيبدو أنها كانت مناورة للإطاحة بالرئيس الحريري، وأن كل ما حصل من عرقلة خلال أشهر التكليف كي لا تتشكل حكومة برئاسة الحريري “.

مرحلة صعبة جداً

واعتبر “أننا قادمون على مرحلة صعبة جداً، حيث سيكون تشكيل حكومة مقبلة معقداً وصعباً في ظل الظروف الحالية، لاسيما وأن الحكومة من المفروض أن تحظى بثقة المجلس النيابي وبالحد الأدنى على أكثرية سنية من النواب. وإذا كان الرئيس الحريري لا يريد اقتراح اسم معين، فهذا يطرح مشكلة كبيرة لأن أي شخصية لا يمكنها تشكيل حكومة في ظل غياب العنصر السني الأساسي”. 

ولفت إلى “أنني لا أرى إمكانية تشكيل حكومة، والبلد سيدخل في أزمة سياسية كبيرة جداً. وللأسف ارتدت هذه الأزمة طابعاً طائفياً ومذهبياً، ونحن دخلنا في مرحلة الانتخابات”، مشدداً على أن “الضرب على الوتر الطائفي لشد العصب السياسي، يدخل البلد في مواجهة لا نريدها أن تحصل”.

وسأل: “ماذا يمكن أن تقدم الحكومة المقبلة إذا لم تكن مؤلفة من أشخاص لديهم قدرة فنية وعلمية وسياسية على حل مشاكل البلد وأزماته الكبيرة؟ وما مدى تجاوب المجتمع الدولي معها؟ إذ ليس المهم التشكيل إنما أي نوعية من الحكومات التي ستتشكل”.

ورأى أنه “إذا وقع الخلاف الطائفي، سيشكل حالة إحراج لكل من يدعم هذا الفريق أو ذاك أو هذه الحكومة أو تلك، ما يجعل البلد في حالة شلل كبير. وللأسف تحولت السياسة من سياسة حكمة وتعقل ووطنية إلى سياسة مناكفات وتنازع على الصلاحيات لا علاقة للطوائف بها لأنه ماذا يبقى من الطوائف لو ذهب البلد أو إذا جاع الناس أو إذا لم يعد بإمكانهم توفير الدواء ودخول المستشفى؟. المشكلة أن المتعاطين بالشأن العام هم في واد والناس في واد آخر، وهذا شيء خطير جداً”.

عون ليس منزعجاً من الوضع الحالي

وأشار حرب إلى أنه “أصبح لدي اقتناع أن رئيس الجمهورية ليس منزعجاً من الوضع الحالي. وهو يعتبر أنه السلطة الوحيدة القائمة في البلد، وهو حوّل المجلس الأعلى للدفاع إلى مجلس وزراء مصغر حيث يتخذ القرارات دون المرور بقنوات المنافسة السياسية الجدية، خصوصاً بعدما ثبت أن حكومة الرئيس حسان دياب فاشلة وتضم عناصر بأكثريتهم فاشلين، وبالتالي هي عاجزة عن إيجاد أي حل للمشاكل التي يتخبط فيها البلد”. 

وسأل: “هل يهم رئيس الجمهورية، إنقاذ عهده أو إنقاذ استمراريته في السلطة والحاشية التي حوله؟ أنا أرى أن الرئيس يهمه البقاء في السلطة، وتأمين خلافته لصهره، وهذا الأمر يعطل قدرته على التفكير بشكل موضوعي لحل مشاكل البلد”.

ولفت إلى أن “خوفي كبير من الانفلات الأمني. وأخاف على الجيش والقوى الأمنية الذين هم أشخاص يعانون مثل كل الناس، أن يفقدوا السيطرة على ضبط الشارع. والتاريخ سيحمّل المسؤولية لمن أوصل البلد إلى هنا”. 

وأكد أن “ما من أحد من المسؤولين مهتم بالناس وبمشاكلهم، والله يساعد الناس لأنهم ضحية الصراعات والمنكافات الحاصلة بين المعنيين بإدارة البلاد. نحن في جهنم وسنصبح في آخر طبقة من جهنم “.

ورأى أنه “إذا أهل البيت غير مهتمين بإطفاء الحريق داخل البيت، فالجيران لن يهتموا. الجيران يتحركون عندما يعرفون أن الحريق سيصل اليهم. انفلات الوضع الأمني في لبنان قد يسبب إشكالات إن كان على الصعيد الاقليمي أو على الصعيد الدولي، لكن ما مدى حاجة المجتمع الدولي في تأمين مصالحه بأن يتحرك للمساعدة على الإنقاذ؟. هذا سؤال مرتبط بالظروف. لكن، السؤال الذي يطرح هنا ما مدى استعداد اللبنانيين على التعاون مع المجتمع الدولي؟ أنا أرى أنه ليس لديهم استعداد لأنه لا يمكنهم الاتفاق على موقف موحد لإنقاذ الوضع في لبنان. ولو كان لديهم هذا الاستعداد لما كنا بحاجة إلى المجتمع الدولي. 

وأشار إلى أن “كل دول العالم تعرب عن استعدادها لمساعدة لبنان، لكنها تشترط على اللبنانيين البدء بالإصلاحات. وإذا لبنان لم يبدأ بالسير على الطريق السليم في ظل تفشي السلاح والفساد المستشري واستمرار الفاسدين في الحكم، فكيف ستؤمن الدول المساعدات للبلد في هذا الستاتيكو القائم. المجتمع الدولي لديه عاطفة تجاه لبنان، لكن حدود هذه العاطفة تقف عند ارادة اللبنانيين في ايجاد الحل والإصلاح، لكن المسؤولين لا يريدون حلاً بل خربوا البلد”.

واعتبر حرب أن “المخرج يكون بتشكيل حكومة غير سياسية من تقنيين اختصاصيين ناجحين في أعمالهم تكون أمامها مهلة سنة لوضع خطة انقاذية كي يساعدها المجتمع الدولي للخروج من المأزق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي الأخطر في تاريخ البلد”.

شارك المقال