اسرائيل عالقة في غزة… وتستدرج “الحزب ” بقصف خارج “القواعد”

لبنان الكبير / مانشيت

علقت اسرائيل في “غزة” بكل المعنى السياسي والميداني للكلمة، وهي إذ تسرع في محاولة الدخول براً، لإدراكها أن الوقت بدأ يلعب ضدها مع صحوة عالمية متزايدة ومتسعة ضد مجازرها المخيفة بحق الفلسطينيين، وتحاول في الوقت نفسه تحريك التفاوض مع “حماس” بحجة الأسرى، وهو جار بقوة عبر المسار القطري وبانخراط أممي مباشر عبر الأمين العام أنطونيو غوتيريش الموجود في الدوحة.

وإذا كانت الحرب على “حماس” في غزة لا تضمن دعماً أميركياً مفتوحاً بالمال والسلاح والوقت، طالما لا عنوان سياسياً لهذه الحرب، فإن إسرائيل إذ تعلن عدم رغبتها في توسيع جغرافية الحرب تعمد في الوقت نفسه الى محاولة استدراج “حزب الله” عبر انتهاك قواعد الاشتباك معه، بقصف في العمق، مع ما يعني ذلك من احتمال حرب كبرى في المنطقة، قد تورط قوى عالمية بسبب ما يبدو فقدان الوعي عند الاسرائيليين بعد الضربة الموجعة في صميم مفهومهم للأمن صباح 7 تشرين الأول الجاري.

إذاً، غزة منقطعة عن العالم كلياً منذ يوم السبت، وفيما أعلنت منظمات الاغاثة الدولية استمرار انقطاع التواصل مع مندوبيها في القطاع ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن جيش العدو ارتكب 53 مجزرة جديدة خلال ساعات الليل بعد العزلة التواصلية، ما رفع حصيلة القتلى إلى 7650 في غزة و111 في الضفة الغربية.

وكان القطاع المحاصر تعرض لقصف هو الأكثر كثافة وعنفاً منذ بدء “طوفان الأقصى” طاله من البر والبحر والجو. وفي حين أعلن الجيش الاسرائيلي توسيع العمليات البرية في غزة أول من أمس، أشار وزير الدفاع يوآف غالانت في بيان أمس إلى أن الجيش نفذ هجمات فوق الأرض وتحت الأرض وهاجم “عناصر إرهابية” من جميع الرتب في كل مكان، مشدداً على أن العمليات التي بدأت ليل السبت “ستستمر حتى صدور أوامر جديدة”. فيما حضّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاسرائيليين للحقيقة المرة التي ستكلفهم الكثير وهي أن الحرب “ستكون طويلة وصعبة”.

في السياق، أفادت وسائل إعلامية عن اشتباكات عنيفة حصلت على أطراف غزة بين المقاتلين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية المتقدمة، وأكد عضو قيادة حركة “حماس” في الخارج علي بركة أن الهجوم الاسرائيلي البري على القطاع ليل السبت فشل، مشيراً الى وقوع عشرات الجنود بين قتيل وجريح.

وإن كانت الأخبار دقيقة، فذلك يعني أن غزة لن تكون لقمة سائغة، وهذا ما ألمح إليه المسؤولون الاسرائيليون منذ أن تعهدوا بالقضاء على “حماس”، ويبدو أن الدولة العبرية عالقة بين تحقيق انجاز يطمئن مستوطنيها بعد كف السابع من تشرين، وكلفة الحرب وسط ضغوط دولية بخصوص المدنيين الفلسطينيين.

أما على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة، وعلى الرغم من إعلان إسرائيل أن توسع الحرب ليس من مصلحتها، يبدو أنها تحاول استدراج “حزب الله” إليها، علماً أنها لطالما أعلنت أن هدف الحزب هو تخفيف الضغط عن غزة، وقد خرقت قواعد الاشتباك أمس عبر استهداف جبل صافي في إقليم التفاح، بما يشكل من رمزية تاريخية كبيرة للحزب، واستمر تبادل إطلاق النار على الحدود فيما وصل عدد قتلى الحزب إلى 47.

ويستمر الضغط العالمي على اسرائيل بسبب العدد الكبير للقتلى من الفلسطينيين، والذي يشكّل الأطفال حوالي نصفهم. وأصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً أمس نددت فيه بأي عمليات برية تقوم بها إسرائيل لما في ذلك من تهديد لحياة المدنيين الفلسطينيين وتعريضهم لمزيد من الأخطار والأوضاع غير الانسانية، محذرة من “خطورة الاستمرار في الإقدام على هذه الانتهاكات الصارخة وغير المبررة والمخالفة للقانون الدولي بحق الشعب الفلسطيني الشقيق”.

وتظاهر مئات الآلاف في مدن أوروبا والشرق الأوسط وآسيا لإظهار الدعم للفلسطينيين، وأظهرت لقطات جوية حشوداً كبيرة تسير في وسط العاصمة البريطانية لندن لمطالبة حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك بالدعوة إلى وقف إطلاق النار. وفي ماليزيا، ردد حشد كبير من المتظاهرين هتافات أمام السفارة الأميركية في كوالالمبور.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخاطباً مئات الآلاف من أنصاره خلال تجمع حاشد في إسطنبول، إن إسرائيل هي المحتل، مكرراً موقفه بأن “حماس” ليست منظمة إرهابية”. وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين أن إسرائيل استدعت بعض ممثليها الديبلوماسيين لدى تركيا بسبب “التصريحات الخطيرة” التي أدلت بها أنقرة.

وشارك العراقيون في احتجاج في العاصمة بغداد. وفي الضفة الغربية المحتلة، دعا محتجون فلسطينيون في الخليل إلى مقاطعة عالمية للمنتجات الاسرائيلية، ورددوا هتافات تدعو الى عدم المشاركة “في قتل أطفال فلسطين”.

وفي أنحاء أخرى من أوروبا، نزل الناس إلى شوارع العاصمة الدنماركية كوبنهاغن والعاصمة الايطالية روما والعاصمة السويدية ستوكهولم. وفي العاصمة النيوزيلندية ويلينغتون، توجه الآلاف في مسيرة إلى مقر البرلمان وهم يحملون الأعلام الفلسطينية ولافتات مكتوب عليها “الحرية لفلسطين”.

إلى ذلك، استجاب مالك منصة “اكس” أيلون ماسك لحملة الكترونية تطالبه بفتح المجال لغزة أن تتصل بشبكة “ستارلينك”، وأعلن أن شبكته متاحة لكل المنظمات المعترف بها دولياً في غزة، لافتاً الى أن “أي محطة لم تطلب اتصالاً في تلك المنطقة”.

وكتب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس في منشور على منصة “إكس”: ان المنظمة لا تزال غير قادرة على التواصل مع موظفيها ولا مع المرافق الصحية في غزة. وقال: “انقطاع الكهرباء في غزة يجعل من المستحيل وصول سيارات الإسعاف إلى الجرحى”، مضيفاً: “لا يمكن إجلاء المرضى في مثل هذه الظروف أو العثور على ملجأ آمن”.

وأكدت عدة منظمات إنسانية أن إسرائيل تعمدت قطع الاتصالات في القطاع، فيما لم يرد جيشها على ذلك.

أما مصر فأعلنت أن “العراقيل الاسرائيلية”، بما في ذلك إجراءات تفتيش الشاحنات، تعوق التسليم الفوري للمساعدات من مصر إلى قطاع غزة عبر معبر رفح.

شارك المقال