السيستاني متمسّك بالتغيير وتعزيز معارضي ولاية الفقيه

علي البغدادي

لم يشأ الزعيم الروحي الأعلى لشيعة العراق والعالم آية الله السيد علي السيستاني الانخراط بشكل مباشر أو واضح في إبداء الرأي بشأن اللوائح الانتخابية المشاركة في الانتخابات المقررة في 10 تشرين الأول المقبل. وزاد السيستاني من تأكيده عن الإحجام عن دعم مرشح أو قائمة محددة من خلال إشارة وكلائه أو مقربين منه باستمرار الاحتجاب والامتناع عن اللقاء بأي سياسي عراقي احتجاجاً على تدهور الاوضاع السياسية والامنية والخدمية.

واعتمد السيستاني عبر مكتبه أسلوب التوجيهات المكتوبة والشفوية بخاصة مع قرب الانتخابات والتي تتركز على رفع الغطاء عن المرشحين المتهمين بالفساد وعدم انتخابهم في الانتخابات التشريعية من دون ان تتم تسميتهم، لكن المرجعية وضمن النسق المعتاد استخدمت أساليب وتكتيكات تدعم ما دأبت عليه من دعم مطالب المحتجين العراقيين في حراك تشرين 2019 والذي قاد الى انتخابات مبكرة وهي خطوة وجدت دعماً من السيستاني الذي كان مؤيداً لمطالب المحتجين مع انه لجأ الى سياسة متوازنة في التعاطي مع الاحداث التي أدت لاحقا لسقوط حكومة عادل عبد المهدي وتولي مصطفى الكاظمي منصب رئيس الوزراء.

ومع أن السيستاني ما زال متمسكاً برسالته بأن “المجرب لا يجرب” والتي أطلقها في انتخابات 2018 إلا ان واقع الحال يشير إلى ان “المجرب” سيعاد اختياره من جديد وان مرجعية النجف كدأبها فضلت عدم زجّ نفسها مباشرة في مسألة اختيار اللوائح والمرشحين وتركت للناخبين حرية الاختيار لكنها أعطت اشارات مهمة وخريطة طريق لاختيار المرشحين.

ووجهت المرجعية في النجف عبر وكلاء السيد السيستاني رسائل الى الناخبين قبل أيام قليلة من الانتخابات مفادها ان “الإصلاح والتغيير نحو الأفضل مطلب الجميع وحاجة ماسة للبلد ولن يتحقق إلا على أيديكم. فإذا لم تعملوا له بصورة صحيحة فإنه لن يحصل”.

ورأت مرجعية النجف أن الآلية المثلى للإصلاح تتمثل “بالمشاركة الواعية في الانتخابات وحسن الاختيار أي انتخاب الصالح الكفوء الحريص على المصالح العليا للشعب والمستعد للتضحية في سبيله”.

ومع أن اللوائح الانتخابية الشيعية تواصل إطلاق المواقف المؤيدة لنصائح المرجع السيستاني ووقوفه على مسافة واحدة من جميع المرشحين للانتخابات النيابية وعدم مساندته لأي شخص او قائمة، الا ان العديد من الساسة يسعون للتقرب من صاحب المنزل العتيق في احد ازقة النجف القديمة لاظهار قبول المرجعية به وان كان شكلياً، الا ان تلك المحاولات لم تجد أي صدى اذ بقي باب ذلك المنزل موصداً بوجه اغلب المرشحين ومتروكاً لقناعة الناخبين وعدم السماح لأي شخص او جهة باستغلال عنوان المرجعية الدينية للحصول على مكاسب انتخابية .

وبحسب مقربين من المرجعية الشيعية، فإن اوساط المرجع الاعلى تتحدث عن مميزات يأمل السيد السيستاني توافرها في المرشحين وأبرزها “الكفاءة والنزاهة والالتزام بالقيم والمبادئ والابتعاد عن الاجندات الأجنبية واحترام سلطة القانون وخدمة المواطنين والقدرة على تنفيذ برنامج واقعي لحل الأزمات والمشاكل المتفاقمة منذ سنوات طوال”.

ولم تخفِ المرجعية الروحية لشيعة العالم والعراق في أكثر من مناسبة خيبة املها من فشل الاحزاب السياسية، وبخاصة الشيعية منها، في ادارة الدولة والحكم منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وبروز ملامح صراع شيعي – شيعي بأبعاد خطيرة اساسها تقوية شوكة الشيعة المعارضين لمبدأ “ولاية الفقيه” المستورد من ايران، وهو موقف ينسجم مع معسكر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المنحاز أو الميّال الى المرجع السيستاني والفريق الذي يتبعه في مواجهة الفريق الشيعي المدعوم من مرجعية قم ومن المرشد الإيراني علي خامنئي الذي يريد بسط هيمنته على المشهد الشيعي او العراقي برمته، بمساعدة مجموعاته المسلحة التي دخلت في لوائح انتخابية متعددة في مسعى منها لحصد المقاعد وفقاً للقانون الانتخابي المعتمد.

ويجري العراق في 10 تشرين الأول المقبل خامس انتخابات تشريعية منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، لاختيار 329 عضواً في البرلمان العراقي الذي ينتخب أيضا رئيسي الجمهورية والوزراء.

شارك المقال