حنين: الطائف وُضع على قياس أصحاب ضمير

محمد شمس الدين

تقترب الذكرى الـ32 لاتفاق الطائف، بالتزامن مع أزمة سياسية واقتصادية تعصف بالبلد، وتحديداً خلال فترة الفراغ الحكومي، التي شهدت شدّ حبال حول صلاحيات الرئاستين الأولى والثالثة، فهل هناك من خلل في بنود الطائف؟

النائب السابق صلاح حنين أشار، في حديث لموقع “لبنان الكبير”، إلى أنه عندما صيغت بنود الطائف، كان هناك رجال دولة لهم وزنهم القانوني والاجتماعي، وكانوا يضعون البنود على قياسهم، أي بحساب الضمير الوطني الحي والأخلاق بإدارة شؤون الدولة، لم يكن بحساباتهم أن يأتي ممثلون يستعملون الدستور لمصالحهم الخاصة والانتخابية بدلاً من المصلحة العامة.

صلاحيات الرئاسات الثلاث

صلاحيات رئيس الجمهورية قبل الطائف كانت مطلقة، وفقاً لحنين، ولكن “في عصر رجالات الدولة لم يكن الهدف الاستبداد بهذه الصلاحيات، إذ إن الدستور أعطاه حق تسمية الوزراء واختيار رئيس من بينهم، لكنه لم ينفذ هذه الصلاحية من دون التشاور، وذلك من أجل تسهيل سير العمل التنفيذي في البلد ولتسهيل الحصول على الثقة في المجلس النيابي، لافتاً إلى الفارق بين الوطني صاحب الضمير وبين السلطوي صاحب المصالح، ولربما كان واضعو بنود الطائف متأملين أن من سيتسلم القرار سيتحلى بالمناقبية الوطنية.

أما رئيس مجلس الوزراء قبل الطائف وبعده فما زالت القرارات بيد الحكومة وليست بيده، لكن أحياناً كانت شخصية الرئيس تلعب دوراً بتأثيره في الموقع وبالقرار، إلا أن الدستور واضح فالسلطة الإجرائية بعد الطائف هي بيد الحكومة مجتمعة، حتى لو كانت هناك حالات استثنائية في التاريخ اللبناني استطاعت بنفوذها وقوة تأثيرها ميل دفة القرار لصالحها.

رئيس مجلس النواب قبل الطائف كان يتم التجديد له كل سنة، وهذا سبب أن يكون الرئيس أكثر ليونة مع النواب، أما بعد الطائف فقد أصبح ينتخب كل 4 سنوات وذلك يعطيه مجالاً أوسع يسمح له بأن يكون متصلباً في بعض الأحيان.

برأي حنين، “الطائف أكثر من جيد، وليس كما يهاجمه كثيرون، وإن كان هناك من خلل فهو في الضبابية المتعلقة بالسلطة التنفيذية، إذ إن أغلب القرارات أصبحت تتخذ بالتشاور بين رئيسي الجمهورية والحكومة، ومستحيل أن يدار بلد برأسين، تحديدا إذا كانا على خلاف، لكن هذا يمكن حله إذا كان الرئيسان أصحاب ضمير وحس وطني، وليس بحاجة عندها للتعديل”. 

الطائف غير قابل للتعديل حالياً

اعتبر حنين أن “الجو العام اليوم ليس بجو تعديلات دستورية، لأن هذا يحتاج إلى هدوء وبرودة، وإذا فُتح الباب اليوم سيكون بازاراً تطالب فيه كل جهة بسلطة أكثر وصلاحيات أوسع، لكن إذا كان لا بد من هذا الخيار، فيمكن تعديل النصوص المتعلقة برئيسي الجمهورية والحكومة، عبر توضيح صلاحيات كل منهما المنفصلة عن الأخرى وإلغاء فكرة التشاور في ما بينهما، وذلك كي ينتظم عمل السلطة الإجرائية والتخلص من هذه الضبابية والازدواجية في القرار”.

العقد الاجتماعي “الطائف” الذي أنهى الحرب الأهلية قد لا يكون كاملاً، ولكن من غير السليم التهجم عليه من أجل حسابات ومصالح شخصية وانتخابية، على الرغم من أن البنود التي وضعت فيه، وضعت على أساس أن من سيكون بالسلطة سيضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، لكن للأسف من وصل إلى السلطة هم رجال هدفهم فقط مصالحهم الشخصية، وبعضهم أصحاب أجندات خارجية، أوصلوا البلد إلى جهنم ويضعون اللوم على الطائف لتبرير فشلهم.

شارك المقال