حرب لـ”لبنان الكبير”: الطائف طريق الدولة… لو لم يُضرب!

محمد شمس الدين

رأى النائب والوزير السابق والمشارك في مؤتمر الطائف بطرس حرب أن “الاتفاق إذا التُزم به هو الخطوة الصالحة إلى الأمام نحو الدولة، لكن معظم القيادات اللبنانية مارست نفوذها وخدمت مصالحها وصرفت ثرواتها غير الشرعية على حساب الناس”.

مفاعيل الطائف ضُربت، بحسب حرب، ففي الحرب التي شنّتها أميركا على صدام حسين بعد احتلاله الكويت، احتاج الغرب وقتها إلى دولة مسلمة تشارك معه في الحرب كي لا توصف بأنها حرب صليبية ضد المسلمين، وحينها شاركت سوريا رمزياً، وكان ثمن تلك المشاركة هو إعطاء لبنان لها.

وعن الظروف التي أفضت إلى اتفاق الطائف وهواجس المشاركين به، أكّد حرب أنه كان هناك صراع على السلطة والمسلمون كانوا يطالبون برفع نسبة مشاركتهم بالسلطة وتعديل الدستور الموروث عن الفرنسيين، لأنه عندما أُعلن استقلال لبنان، لم تُبحث كيفية إدارته لاحقاً، واكتفي فقط بإزالة النصوص المتعلقة بالانتداب، لذلك أصبح هناك أعراف، وهذه الأعراف ولّدت أزمات، وكان المطلوب إيجاد حل لهذه الأمور، ويتوقف الاقتتال بين اللبنانيين، والعودة إلى جو ديموقراطي وتنظيم أمورهم وتطبيق اتفاق قابل للحياة، يُنصف المسلمين، ويزيل الخوف عند المسيحيين، لأن الهاجس الأكبر عندهم كان أن يذوب لبنان في الأمة العربية، لذلك أقرّ بند لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه وهذا كان مطلباً مارونياً وشيعياً.

بطرس حرب

ومن الأمور التي كانت موضع جدل هي هوية لبنان، بحسب حرب، هل هو فينيقي أم عربي؟ أم ماذا؟

واتفق على أن يكون لبنان عربياً وهويته عربية. ويتابع حرب: “قمنا بتعديلات على دستورنا تنص على كيفية المشاركة بالسلطة، ووضعنا البند المتعلق بسيادة الدولة اللبنانية وسلطتها على كافة أراضيها، ملحقاً ببرنامج للانسحاب السوري، الذي تحدّد بسنتين بعد إقرار الإصلاحات الدستورية، وبعدها ينسحب السوريون إلى البقاع وينتهي دورهم السياسي والمخابراتي، ويكون عملهم فقط مساعدة السلطة الرسمية اللبنانية، لكن للأسف هذا لم يحصل. كنا نراهن على أن هذا الاتفاق، على الرغم من بعض الثُغر، يستطيع تهدئة النفوس والسماح بجلوس كل الأطراف على طاولة حوار، وأثناء الممارسة إذا ظهرت ثغَر تتم معالجتها، بعد انتهاء حال التشنج والاقتتال، وانتهاء الهيمنة السورية على قرار جزء من اللبنانيين، وطبعاً كان الملف الفلسطيني من جملة الأمور”.

وعن أهم البنود، قال حرب: “أهم بند وضعناه هو حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها للجيش اللبناني، وهذا لم يُطبق، والدليل على ذلك “حزب الله”، الذي بدلاً من تسليم سلاحه وحل ميليشياته، زاد تسلحاً وتدريباً وتمويلاً، وتحول إلى دويلة أقوى من الدولة ويفرض سطوته عليها. ومن البنود المهمة أيضاً إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية واللامركزية الإدارية، اللتين لم يتم تنفيذهما على الرغم من مضي 32 سنة على إقرار اتفاق الطائف”.

واعتبر حرب أن الحكماء والعقلاء الذين أسسوا لبنان لم يعودوا موجودين، وتدنى مستوى المسؤولين السياسيين لدرجة كبيرة، وأصبح هناك دخلاء على الحياة السياسية اللبنانية، إما بالقوة أو بالفرض، أو بالمال، وإن الحكمة والمعرفة والحس الوطني والمحافظة على وحدة لبنان لم تعد متوافرة، لذلك تعطل الطائف، فهل يعقل أن يتعطل تشكيل حكومة سنة ونصف السنة من أجل صهر رئيس إحدى الكتل النيابية؟ وهل يعقل أنه في هذه الأزمة الاقتصادية، الناس تجوع وتُذل والقيمة الشرائية للعملة انهارت، يتأخر تشكيل الحكومة 13 شهراً من أجل ثلث معطل لأحد؟

ويختم حرب: “إذا بقي ولاء القوى السياسية اللبنانية لغير لبنان والشعب اللبناني، لن يكون هناك بلد، فإن معظم السياسيين ربطوا وجودهم بالسلطة بما اعتبروه أهم من وجود لبنان، وبما هو أهم من ولائهم للبنان، وأصبح عندهم ولاء لغير لبنان، فهل من المعقول أن يجاهر رئيس حزب لبناني بأن قائده وموجهه ومن يعطيه الأوامر هو الولي الفقيه الإيراني؟، ألا يعتبر هذا خيانة بمنظومة الدول؟ لكن للأسف القوي هو على حق”.

شارك المقال