ماذا تخفي التوترات الجديدة بين إيران وأذربيجان؟

حسناء بو حرفوش

نشر موقع “أوراسيا ريفيو” (eurasiareview) الإلكتروني تحليلاً يتساءل حول التوترات التي عادت للظهور على الحدود بين إيران وأذربيجان. ووفقاً للمقال، “ترتبط عودة التوترات أخيراً بين طهران وباكو بثلاث قضايا: المناورات الأذربيجانية العسكرية المشتركة مع تركيا وباكستان على بعد 500 كيلومتر من الحدود الإيرانية، والقيود التي فرضتها أذربيجان على دخول سائقي الشاحنات الإيرانيين إلى أرمينيا واحتجاز سائقين إيرانيين؛ إضافة إلى العلاقات الأذربيجانية مع إسرائيل.

وأضافت إيران إلى هذه القضايا الثلاث، قضية جديدة مطلع هذا الشهر، بعد إطلاقها تدريبات عسكرية خاصة بها بالقرب من حدودها الشمالية الغربية، بعد أيام من نشر الحرس الثوري الإسلامي لتجهيزات عسكرية في المنطقة. وقوبلت هذه الخطوة بتعبير الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، عن المفاجأة والقلق، وأعلن في وقت سابق أنه لمن الحق السيادي لكل دولة بالطبع تنفيذ أي مناورات عسكرية على أراضيها. لكنه سأل مع ذلك عن توقيت التدريبات وعن السبب وراء إجرائها على حدود أذربيجان. وأشار علييف إلى أنها المرة الأولى التي تخطط فيها إيران، منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، لمثل هذا الاستعراض للقوة بالقرب من حدودها.

هل من علاقة بين التدريبات وإسرائيل

ورد بعض المسؤولين الإيرانيين على تعليق علييف بربط التدريبات بالوجود الإسرائيلي في أذربيجان. وأكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على حق طهران بإجراء التدريبات وعلى “أهمية” التعاون بين إيران وأذربيجان اللتين تتشاركان حدوداً تمتد على مساحة 700 كيلومتر. وخلال اجتماع مع سفير أذربيجان الجديد في 30 أيلول، كرر اللهيان عدم التسامح مع أي نشاط للنظام الصهيوني بالقرب من الحدود قد يهدد أمن إيران القومي و”سنتخذ أي إجراء ضروري في هذا الصدد”. ومن ناحية أخرى، لفت سفير إيران في باكو، عباس موسوي، الأسبوع الماضي إلى أن المناورات العسكرية الإيرانية، مخطط لها مسبقًا ولا تشكل “تهديدًا” لأذربيجان.

بدوره، لمّح كيومرث حيدري، قائد القوات البرية للجيش الإيراني، في كلامه خلال التدريبات، إلى العلاقات الإسرائيلية المفترضة مع أذربيجان. وتتهم طهران إسرائيل بتخريب برنامجها النووي وباغتيال علمائها، بمن فيهم العالم النووي محسن فخري زاده. ويعود الفضل إلى هذا الأخير في قيادة برنامج نووي إيراني سري قالت المخابرات الأميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أنه توقف في العام 2003. وقُتل فخري زاده في مكمن نُصب له عن بعد في العام 2020 ووجهت أصابع الإتهام إلى إسرائيل على نطاق واسع.

وقال حيدري أن التأهب زاد على الحدود “منذ وصول هذا النظام، وأصبحت أنشطته خاضعة لمراقبتنا بالكامل”، مشدداً على قلق طهران من وجود “قوات إرهابية قادمة إلى المنطقة من سوريا”، في إشارة واضحة إلى التقارير التي تفيد بتجنيد تركيا العام الماضي لمقاتلين إسلاميين وإرسالهم إلى أذربيجان ومساعدة باكو في حربها ضد الأرمن في وفي ما يتعلق بناغورنو كاراباخ. وأضاف حيدري أن طهران غير متأكدة من مغادرة هؤلاء المقاتلين للمنطقة. وكانت إيران، التي تخوض حروبًا بالوكالة في المنطقة، قد أعربت العام الماضي عن قلقها بشأن محاولات مزعومة لنقل إرهابيين من سوريا إلى المناطق القريبة من حدودها. وتأتي التدريبات الإيرانية، التي شملت مدفعية ومسيّرات وطائرات هليكوبتر، في أعقاب تدريبات عسكرية نفذتها تركيا وباكستان وأذربيجان في 12 أيلول في باكو. وأما الهدف المعلن لمناورات الأشقاء الثلاثة 2021، فهو “تعزيز العلاقات القائمة” بين جيوش الدول الثلاث، وقد لاقت تحذيرًا من ممثل المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي لأذربيجان.

قلق إيران من استبعادها

وفي هذا السياق، يعتبر تورج أتاباكي، الأستاذ الفخري للتاريخ الاجتماعي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى بجامعة ليدن في هولندا، في مقابلة إذاعية أن طهران تشعر بالقلق من تهميشها. فتركيا تمتلك ثاني أكبر جيش في الناتو، وباكستان قوة نووية في المنطقة. وبالتالي، يثير انضمام هاتين الدولتين إلى أذربيجان في إطار مناورات عسكرية، يقلق روسيا وإيران. وتعكس المناورة العسكرية التي قامت بها الجمهورية الإسلامية مخاوفها.

وكان آية الله حسن عاملي، خطيب صلاة الجمعة في أردبيل، قد شدد في 17 أيلول على حق الدول في إجراء تدريبات عسكرية، لكنه أضاف أن هذه الحالة تمثل “حادثة لا يمكننا التغاضي عنها بسهولة”. ولفت عاملي إلى أنه “عشية التدريبات، اختارت صحيفة “يني شفق” التركية، التي تعبر عن وجهة نظر الحكومة والرئيس التركي، أن تعنون مقابلة مع عضو في البرلمان الأذربيجاني بـ”إيران ستختفي عن الخارطة”.

وأضاف: “بما أن أذربيجان وتركيا لم تحترما حقوق إيران المجاورة، سنطلب من مجلس الأمن القومي الأعلى السماح لفيلق الحرس الثوري الإسلامي بإظهار نصف مقدار القوة الإيرانية على هذا الجانب من الحدود”. وجاءت هذه التعليقات بعد فرض أذربيجان “ضريبة طريق” على الشاحنات الإيرانية التي تنقل البضائع والوقود إلى أرمينيا المجاورة عبر طريق يمر بأذربيجان وعلى الأراضي التي استعادت باكو السيطرة عليها العام الماضي بعد ستة أسابيع من القتال العنيف مع أرمينيا في تصعيد دراماتيكي لتوتر قديم كان مجمداً لعقود. كما احتجزت أذربيجان سائقي شاحنات ايرانيين، مما دفع بوزارة الخارجية الإيرانية للمطالبة بالإفراج الفوري عنهما.

وفي الماضي، جمعت علاقات بين إيران وأذربيجان، لكن طهران لم تكف عن التعبير عن المخاوف التي يثيرها النفوذ الإسرائيلي المزعوم هناك. ونقلت وكالة أنباء فارس (FARS) الإيرانية شبه الرسمية في 24 أيلول، عن عاملي قوله إن هذه التدريبات بعثت برسالة إلى إسرائيل، معتبراً أن إسرائيل أتت أصلا إلى أذربيجان من أجل التآمر على إيران”.

شارك المقال