“الوطني الحر” ضدّ “العوني” في جزين

محمد شمس الدين

الانتخابات باتت على الأبواب، وانطلقت الماكينات الانتخابية في المناطق، بالتزامن مع بدء الأحزاب توزيع المساعدات المادية أو العينية في مختلف القطاعات التي تهم المواطن. وطبعاً، بدأت الخطابات الانتخابية الرنّانة، التي إما تحاول استقطاب الناس، أو التبخيس بالخصوم. لكن في جزين يبدو الأمر مختلفاً، إذ أنّ المعركة تستعر بين مرشحَي الحزب عينه قبل أن تكون مع الخصوم!

عضو تكتل “لبنان القوي” النائب زياد أسود، لطالما أثار الجدل بمنشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنه يستعمل دائماً اللغة الطائفية والمصطلحات الفتنوية. لكن منذ مدة يلاحظ روّاد المواقع، أنّ هناك تصويباً على زميله في “التيار الوطني الحر”، رجل الأعمال والمتموّل الكبير النائب السابق أمل أبو زيد، الذي خسر مقعده في الانتخابات السابقة أمام زميله أسود. ولطالما لام أبو زيد أسود على خسارته. وبعدما أيقن “التيار الوطني الحر” حينها أنه سيخسر مقعداً في جزين، شنّ أسود الحملات التي طالت أبو زيد قبل الخصوم. ويبدو أنّ اقتراب موعد الانتخابات فتح الباب باكراً في جزين أمام السجالات. 

وإن كان أسود يصوّب بكتاباته على أبو زيد باللمز والغمز، إلا أنه يُعيد نشر منشورات معجبيه التي تكاد تسمي أبو زيد بالاسم. وأبرز هذه المنشورات، تغريدة لحساب وهمي، تشيد بأسود لأنه فاز على الثنائي الشيعي و”تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” وبعض المتسلقين على “التيار”، وأنّ هذا المشهد سيتكرر قريباً. 

ويبدو أنّ أبو زيد ضاق ذرعاً من حملات أسود، فنشر على صفحته في “فيسبوك”، منشوراً استهجن فيه لغة أسود المتدنّية التي لا تعكس صورة أهل جزين، الذين خاصموا وقاتلوا بشرف، مشيراً إلى أنّ أسود أطلق الشائعات عنه وعن خليل حرفوش لمدة 4 سنوات بقضية كفرفالوس، وفي النهاية عرفت الناس الحقيقة ومن شارك فعلياً باسترداد الأرض، متّهماً أسود بالمحاضرة بالعفّة، بينما أعماله كلّها تدور في عالم “الكومسيونات” (العمولات) مع شركات النفط والغاز والتربية وأعمال المراباة بالدين والفائدة بكازينوهات البلاد المجاورة. 

وسأل أبو زيد بمنشوره: “معقول أنت تتّهم الناس بالحرام والسرقة؟ أنت يلي أقرب المقرّبين منّك كانوا يقبضون مصاري من المال العام بلا ما يشتغلوا وفوق هيدا كلو استنجدت بالرئيس برّي حتى يساعدك؟!”. ودعا أبو زيد، أسود، إلى التوقّف عن اللعب تارة دور البطل، وتارة دور الضحية على ضهر الشائعات والفبركات والتشهير، لأنّ الحقيقة ستكشف كل شيء في حينه.

منشور أبو زيد، ردّ عليه أسود مرتين؛ منشور على صفحته الخاصة: “والله اليوم تأكدت، انو وضعك بحزّن…”، وآخر على صفحته الرسمية: “في شبح كان قاعد بيني وبين برّي… حزين عليكم”. 

لطالما اتّسمت الانتخابات في لبنان بابتداع العجائب. المرشحون يتحوّلون إلى الأم تيريزا، وتوزّع الأحزاب مرشحيها بين القرى والبلدات ليشاركوا في جميع المناسبات، حتى “طهور الصبي”! وتتقلب شبكة التحالفات، حيث يمكن أن ترى أشدّ الخصوم حلفاء، وأشدّ الحلفاء خصوماً، إن كانت هناك مصلحة انتخابية بذلك. 

ولذلك، فإنّ تياراً سياسياً ليس له تاريخاً عريقاً، وبنى مسيرته على إثارة النعرات الطائفية وادّعاء المظلومية، ويختار مرشّحيه حسب مصلحة ولي عهد مؤسّسه، من الطبيعي أن يشهد اقتتالاً في بيته الداخلي، تحديداً بعدما أوصل عمّه البلد إلى “جهنم” التي وعد بها، وما علينا الا تحضير الفشار (popcorn) لمشاهدة أمتع فيلم لانتخابات “تيار الصهر القوي”، الذي سيتخبّط أكثر من الكوميدي الشهير MR. Bean.

شارك المقال