محلل بريطاني: على الاتحاد الأوروبي مقاطعة إيران!

لبنان الكبير

لماذا يحرص الاتحاد الأوروبي بشدة على عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران؟ سؤال يطرحه المحلل والمحاضر المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ستروان ستيفنسون في مقال بموقع “تاون هول” (Town Hall) الأميركي المعروف بميوله المحافظة، بشكل يكاد يعكس الكثير من الامتعاض. فبحسب الكاتب، لا يقوم كبير الديبلوماسيين الأوروبيين جوزيب بوريل بمهامه كما يجب، لا بل ويصل إلى حد المطالبة بطرده على خلفية صمته إزاء ممارسات النظام الإيراني.

وبحسب ستيفنسون، “هناك شيء غريب يحدث في الكواليس. لم يعد بالإمكان السماح لكبير الديبلوماسيين في أوروبا بمواصلة المحاولات الخطيرة لاسترضاء الرئيس الإيراني، خصوصاً أن النظام يتفاخر، منذ تخلي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن خطة العمل الشاملة المشتركة قبل ثلاث سنوات وفرض عقوبات شديدة على نظام الملالي، بخرق بنود الصفقة من خلال تسريع برنامج أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم وصولاً لنسب شبه قابلة للانشطار.

وفي حين أن إدارة بايدن تتوخى الحذر، إلا أن الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أعلن خلال مؤتمر صحافي في الدوحة آخر أيلول توقعه استئناف المحادثات قريباً، ودعمه لالتزام طهران وواشنطن الكامل بالاتفاق خلال فترة زمنية مقبولة.

في المقابل، أعلن الناطق باسم النظام الإيراني سعيد خطيب زاده أنه بمجرد إعادة تقويم الجولة السادسة من المحادثات النووية، لن تضيّع طهران الوقت قبل عودة الحكومة الإيرانية الجديدة إلى طاولة المحادثات في فيينا (…) وتشترط طهران رفع جميع العقوبات قبل استئناف المحادثات بشأن الاتفاق النووي. وهذا ما أكده خطيب زاده بقوة من خلال الدعوة للاختيار بين الحفاظ على إرث ترامب أو البناء على مساعي بايدن، معتبراً أنه قرار سياسي بحت.

ويظهر أن جوزيب بوريل مستعد لبذل جهود كبيرة لإطلاق محادثات فيينا مرة أخرى، وهو غير منزعج على ما يبدو، على الإطلاق، من النظام الإيراني. كما لا يبالي حسبما يظهر، بأن الديبلوماسي الإيراني المعتمد، أسد الله أسدي، هو نفسه الذي سافر من طهران إلى فيينا على متن طائرة تجارية مع قنبلة بزنة 500 غرام في حقيبته الديبلوماسية. أضف إلى ذلك، أن بوريل رفض طرد سفير إيران أو حتى إصدار نقد أو تنديد عندما حكمت محكمة بلجيكية على أسدي وثلاثة متآمرين معه بالسجن لعقود بتهمة محاولة قتل وتشويه مئات الأشخاص في تجمع إيراني للمعارضة بالقرب من باريس، بحضور العديد من الشخصيات السياسية الغربية البارزة. كما احتفظ بوريل بالصمت مجدداً عندما قُتل مواطنان بريطاني وروماني في غارة إيرانية بطائرة مسيرة على ناقلة نفط في بحر العرب في تموز.

ولا يصدر عن بوريل أي تعليق على ما تتكلفه إيران من أموال وعناصر في سوريا لدعم الحرب الأهلية الدموية التي يشنها الرئيس السوري بشار الأسد. ويرفض بوريل أيضاً إدانة إمداد النظام الملالي للحوثيين في اليمن بالمال والصواريخ. وها هو بوريل يصمت مجدداً إزاء رعاية النظام الإيراني وقيادته للميليشيات الوحشية في العراق وتقديمه الدعم غير المحدود لـ “حزب الله” في لبنان ولحماس في غزة. ترى بوريل كالقردة الثلاثة الحكيمة… لا يرى شرًا ولا يسمع شرًا ولا ينطق بشرّ، لا بل سيزحف باتجاه النظام الإيراني. لذلك يجب طرده بما أنه لا يصلح للقيام بمهامه بصفته أكبر ديبلوماسي في الاتحاد الأوروبي المسؤول عن أمن المواطنين الأوروبيين.

ولا بد من أن بوريل يدرك بوضوح بأن الاتفاق النووي شكل خطأً فادحًا منذ البداية. فقد منع مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تفتيش أي مواقع تحت سيطرة الجيش الإيراني. وكانت الصفقة معيبة بشكل قاتل إذ طوّر البرنامج النووي السري للنظام الإيراني بالكامل في المواقع العسكرية. ومع ذلك، ظهر بوريل متحمساً لاستئناف المحادثات حد اليأس، حتى لو عنى هذا الاستئناف رفع العقوبات وتمويل اقتصاد النظام الإيراني الذي يمول بدوره حروباً بالوكالة وأنشطة إرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي العالم، إضافة إلى مواصلة قمعه الوحشي للشعب الإيراني في الداخل.

وفي حين أن مسرحية الانتخابات الزائفة لإبراهيم رئيسي أزعجت معظم الأوروبيين المتحضرين الذين يقدرون العدالة وحقوق الإنسان، لم يبدُ بوريل منزعجاً بل على العكس، بعث بنائبه إنريكي مورا إلى طهران، لحضور تنصيب رئيسي مطلع آب الماضي. وحيث أن المنظمات الدولية و”هيومن رايتس ووتش” وحتى الأمم المتحدة دعت إلى محاسبة رئيسي على تورطه في جرائم القتل والإبادة الجماعية، كان من الممكن توقع مقاطعة الاتحاد الأوروبي حفل التنصيب.

وفي سياق متصل، خلصت المحكمة الجنائية الفيدرالية في سويسرا إلى أن اغتيال كاظم رجوي في جنيف عام 1990 على يد نظام الملالي يصنف كجريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية، بسبب ارتباطه المباشر بمذبحة العام 1988 التي راح ضحيتها سجناء سياسيون كانوا بشكل أساسي من أنصار مجاهدي خلق (…) ويعزز حكم المحكمة السويسرية الاستنتاج الواضح بأنه لا ينبغي على الاتحاد الأوروبي التعامل مع النظام الايراني على الإطلاق (…) عدا عن أن الأدلة المقززة في ستوكهولم تركت كثيرين في حيرة من أمرهم أمام إصرار كبير الديبلوماسيين في أوروبا على مواصلة أي شكل من أشكال الحوار مع هذا النظام الإجرامي القاتل وعرابه الإرهابي.

لذلك، لا يمكن السماح لبوريل بمواصلة محاولاته الخطيرة والوهمية لاسترضاء رئيسي وعصابته الإجرامية. لن تؤدي خطة العمل الشاملة المشتركة أي وظيفة فعالة وقد حان الوقت لإقالة بوريل وتجميد الحوار غير المجدي مع النظام الإيراني واستعادة صدقية أوروبا من خلال اتهام إبراهيم رئيسي وأعوانه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. لا شيء دون ذلك سيؤدي الغرض”.

شارك المقال