… حتى ملفّ الطاقة استدعى تدخّل الجيش!

محمد شمس الدين

أزمة الكهرباء الدائمة في لبنان، قصّة إبريق الزيت، أو بالأحرى إبريق الاعتمادات. فالحجّة الدائمة هي أنّ مصرف لبنان لم يفتح لوزارة الطاقة الاعتمادات لشراء الفيول لتشغيل المعامل. وبينما كان اللبنانيون يعيشون نعمة “العهد القوي” بكهرباء لساعة إلى لثلاث ساعات يومياً، كادت تصل الأمور إلى الظلام الشامل، لولا تدخّل الجيش اللبناني، الذي أمّن 6 ملايين ليتر من احتياطيه الخاص الاستراتيجي من الغاز أويل لمعامل الطاقة، لتعود إلى وضعها السابق. مما يطرح سلسلة تساؤلات: ما حاجة الجيش إلى الغاز أويل؟ لماذا يمتلك مخزوناً منها؟ وماذا عن الأمل بالحكومة الجديدة لحلّ أزمة الكهرباء؟

الجيش يحتاط للطوارئ

أكد الوزير السابق والعميد المتقاعد مروان شربل، في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أنّ “الجيش اللبناني يمتلك مخزوناً استراتيجياً من جميع أنواع المحروقات لاستعمالها في حالات الطوارئ، التي يمكن أن تكون حرباً أو أعمالاً أمنية أو ما شابه، عدا أنّ الجيش لديه مولدات للثكنات، يبدو أنها تستعمل نوعية مازوت أو فيول يتطابق مع النوعية التي تستعملها معامل الكهرباء”.

ورأى شربل أنه لا يمكن بدء الهجوم على الحكومة وهي لا تزال في أول أيام تشكيلها، فهي ليست بساحر. الأمور تحتاج وقتاً، بل يجب على الجميع مساعدتها. وليست هناك فائدة الآن من الانتقادات، تحديداً أنّ هذه الحكومة محصورة بين صندوقين: صندوق النقد وصندوق الانتخابات. وختم شربل بأنّ حكومة تعمل ببطء أفضل من لا حكومة. 

“عصفورية وماشية”

يؤكد النائب والعميد المتقاعد السابق وهبي قاطيشا كلام شربل، لكن يصف ملفّ الكهرباء في لبنان بأنه “عصفورية وماشية”. ويرى قاطيشا أنّ “الحكومة الجديدة ماهرة بالقصص فقط، ومن الواضح أنها لن تقدّم أي حل، لأنه ليس هناك رجال دولة فيها. فرجل الدولة يطرح حلاً جذرياً، لا الجري وراء تسوّل 100 مليون دولار من هنا وبعض الفيول من هناك. مشكور الجيش على إعارته الفيول للمعامل من أجل راحة اللبنانيين، لكنّ الترقيع لا يبني دولة”.

أما عن عرض وزير خارجية إيران عبد الأمير عبد اللهيان لإنشاء معامل كهرباء للبنان، فعلّق قاطيشا: “ليؤمّن عبد اللهيان الكهرباء لشعبه أولاً”، مضيفاً: “أفلسَنا وأخذَ أموالنا والآن يعرض علينا الكهرباء، بينما هو ليس لديه القدرة لتأمينها لشعبه، بل ليس باستطاعته تأمين البنزين حتى”.

لطالما اعتمدت السلطات السياسية في لبنان على الجيش في مختلف الأزمات: الدفاع عن الوطن، ملاحقة العصابات، الإرهاب، التظاهرات، مراقبة المحطات، تسيير الطرقات، فضّ النزاعات… كل هذه وغيرها توضع على عاتقه. ويبدو أنّ حكام الأمر الواقع اليوم يريدون له أيضاً أن يكون الساحر الذي يحلّ مصائب الكهرباء. يريدون العيش في وهم اليوم من دون التفكير بالغد، بدلاً من أن يكون العمل الحقيقي لأزمة الكهرباء دراسة العروض المقدّمة من كبرى الدول والشركات العالمية. وكل ذلك، كرمى لعيون امبراطور الطاقة وصفقاته وسمسراته.

شارك المقال